من المهم التذكير باجتماع 16 اوت 2018 الذي جمع رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالهيئة العليا للإتصال السمعي البصري “الهايكا” الذي كان موضوعه وضع قانون لتنظيم عمليات استطلاع الرأي التي تقوم بها العديد من الشركات المختصة ، و كانت الحكومة قد تعهدت وقتها باقتراح مشروع قانون في غضون 6 أشهر لتنظيم القطاع ووضع حد لتجاوزات و حسابات باتت معلومة للجميع .
و اليوم و نحن نتابع الفضيحة التي أتت بها مؤسسة سيغما كونساي لصاحبها حسن الزرقوني منذ أيام عندما غيرت الأرقام و النسب بعد ساعات من صدور النتائج و ما نتج عنه من ردود أفعال مستهجنة ففقدت الشركة المذكورة ما تبقي لها من مصداقية.
الواضح أن سبر الآراء في تونس يعيش فوضى بسبب طغيان الحسابات السياسية و التجارية و صارت النتائج خاضعة لنفوذ مراكز القوى المالية و السياسية و التجارية ،و بالتالي انتفت المهنية و الموضوعية في التعامل مع الواقع لاستنطاقه و نشر ما يعبر عنه . يقال أيضا ان بعض العاملين في مؤسسات سبر الآراء هددوا بالكشف عن النتائج الحقيقية اذا وقع التلاعب بها .
في رمضان تشكل نتائج شركات سبر الآراء حول نسب المشاهدة للاعمال التلفزيونية احد العوامل المحددة في جلب الإشهار . و يبدو حسن الزرقوني غير محايد لأنه يشتغل في قناة الحوار التونسي .
لذلك تقع على الحكومة اليوم مسؤولية وضع قانون واضح مثلما يوجد في فرنسا او غيرها حتى تخضع عمليات سبر الآراء الى معايير دقيقة و صارمة و منصفة بين القنوات التلفزية و الاذاعية المتنافسة لأن شهر رمضان تبلغ فيه نسب قياسية في المشاهدة و من غير المقبول التلاعب بجهد الناس التي عملت لاشهر ليشوش عليها سبر آراء مدفوع الأجر .
اضافة الى ذلك يشهد العام الحالي تنافسا سياسيا و حملة انتخابية رئاسية و تشريعية مع قرب انتخابات 2019 و يجب ان تكون عمليات سبر الآراء منصفة بين المتنافسين وغير خاضعة لضغوطات و عوامل خارجة عن المهنية و المصداقية ، و للتذكير فإن المغرب مثلا يمنع نشر استطلاعات الرأي قبل الانتخابات لأن القطاع غير منظم ، و نستحضر في هذا الجانب تصريحات القيادي السابق في نداء تونس رضا بلحاج منتقدا نتائج استطلاعات الرأي ” لقد كان الزرقوني يقيم اكثر الوقت قبل انتخابات 2014 في مقر نداء تونس !!”.
فهل يتحرك رئيس الحكومة و ينفذ ما وقع الاتفاق حوله مع الهايكا و ينتهي الجدل أم ننتظر مزيدا من الاحتقان و الغليان ؟