ما الذي حدث لبيان شورى النهضة رقم 33 لينقلب 180 درجة عن رقم 32؟

67

حياة بن يادم

قال رئيس مجلس نواب الشعب، راشد الغنوشي الذي انتخب اليوم مدعوما بأصوات كتلة قلب تونس، “إن مجلس النواب هو مركز السلطة في تونس، باعتبار أن نظامها برلماني بالأساس”.

كما قال “لم ندخل في موضوع الحكومة إلى حد الآن، وهو متروك للمستقبل القريب”، و هذا يعني أنه وقع الفصل في المسارين الحكومي و البرلماني .

وجدد راشد الغنوشي التمسك بأن “يكون رئيس الحكومة من داخل حركة النهضة أو من أصدقائها”، و هذا يعني عدم التزام رئيس الحركة بأن تكون رئاسة الحكومة لقيادة نهضاوية.

و بهذا يتضح بيان شورى النهضة الغامض رقم 33 الذي صدر سابقا بسرعة و تحت جنح الظلام و كأن أمرا دبّر بليل حيث لا يشبه البيان بشيء.

أما مضمون بيان شورى النهضة رقم 32، فيعتبر القصبة هي مركز السلطة في تونس و عليها تبنى استراتيجية العمل. كما أكد على عدم تشريك قلب تونس في المفاوضات بتعلة و أنه يرمز للفساد.. كما أن استراتيجية المفاوضات تعتمد عدم الفصل بين المسارين البرلماني و الحكومي

ما الذي حدث لرقم 33 لينقلب 180 درجة عن رقم 32؟

أولا: انقلب مركز السلطة من القصبة إلى باردو لأن رئاسة الحكومة منصب تنفيذي و مرهق و يتطلب من الشخص قدرة و جهد لإدارة فريق جيد و ناجع، وله دراية بدواليب الدولة، أمّا رئاسة البرلمان فهي مهمة تشريفات و مريحة و مستقلة، و تناسب رئيس الحركة المتقدم نسبيا في السن، صاحب العلاقات الدولية الجيدة. و هذا المنصب يجعله يتحرك بأريحية في لعب دور في توطيد العلاقات بين البرلمانات و ربما ينافس مهام وزارة الخارجية أي مهام رئيس الجمهورية.

ثانيا، لم يعد خافيا على أحد وجود أجنحة متنافسة في الحركة، و أحد عناوينها القيادي عبد اللطيف المكي الذي يتمتع بإجماع من القواعد على ترشيحه لرئاسة الحكومة، و الذي يختلف مع رئيسها في إدارة المرحلة. و برز ذلك خلال إعداد القائمات الانتخابية للانتخابات التشريعية 2019. ويكون بذلك قطع على الشقّ المخالف الاستفراد بقرارات القصبة.

ثالثا، ربما يطغى على مفاوضات إدارة الحكم الحالية حسابات إدارة الحركة في المستقبل. فالمؤتمر القادم على مرمى حجر، و القانون الداخلي لا يسمح لرئيس الحركة الترشح من جديد. و ربما وبتركيبة الشورى الحالية و بتحجيم دور الشق المنافس، يعيد التاريخ نفسه بعد 10 سنوات، عندما ناشد التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل في 2009، الرئيس المخلوع الراحل لفترة رئاسية أخرى، فهل في 2019 سنشاهد مناشدات للشيخ لمواصلة قيادة الحركة بعد المؤتمر القادم؟

يتضح من كل ما سبق، و أن الحملة الفايسبوكية الممنهجة التي قامت بها قواعد حركة النهضة ضد التيار الديمقراطي، ليست بعفوية بل هي استفزاز مقصود، لعلمها و أن بنية التيار تعتمد كليا على شباب ناشط على منصات التواصل الاجتماعي، مما يجعل قيادته تتأثر بكل ما يجري في العالم الافتراضي. هذا ما جعل طلبات التيار للمشاركة في الحكومة عبارة على الثأر مما يتعرض له من ابتزاز سياسي.. و من حيث لا يعلم فقد ساهم في انقلاب رقم 33 على رقم 32 .

السؤال لماذا جناح رئيس الحركة هو الذي تغلب على الجناح المنافس؟.. ليس لأن جناح رئيس الحركة قوي بل لأن قادة الجناح المنافس ليسوا على قلب رجل واحد، فهناك أكثر من قيادي في هذا الجناح عينه على رئاسة الحركة. كما أن القيادات لها قابلية التنازل لرئيس الحركة تصل ببعضهم إلى حدّ تقديس الشخصية.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here