في مقال لها نشر علی موقعها الإلكتروني تحت عنوان
Unlike other Arab regimes, Tunisia’s remembers old crimes
أشادت مجلة الإيكونوميست البريطانية بمسار العدالة الإنتقالية في تونس . و إعتبرت المجلة أن سياسة الأنظمة العربية في التعامل مع الماضي تتلخص في عبارة “ماهو من الماضي فقد مات ” ،فعلی الرغم من أن مصر قد قامت بمقاضاة بعض وزراء حسني مبارك فإن الدكتاتور يتمتع بتقاعد هادئ في احد المنتجعات السياحية دون مناقشة سجله الدموي خلال فترة حكمه مصر بالحديد و النار ،و دون الحديث عن جرائم النظام العسكري الحالي الذي ذبح المئات من مواطنيه في 2013 ،حتی ان المتمردين في ليبيا و اليمن قتلوا طغاتهم لإرتكاب فظائع جديدة.
و أعتبرت المجلة البريطانية أن تونس مختلفة علی جيرانها حيث عقدت هيئة الحقيقة و الكرامة وهي هيئة دستورية مكلفة بالعدالة الإنتقالية ،جلستها الأخيرة في 14 ديسمبر الجاري لتقترب من نجاح لجنة الحقيقة و المصالحة في جنوب افريقيا ،وبنهاية هذه السنة ستقدم لجنة الحقيقة و الكرامة تقريرها النهائي وهو ملخص لجرائم النظام القديم إستنادا الی جلسات استماع علنية و سرية مع حوالي 50 الف شاهد أدلوا بشهادات مروعة عن حكايات التعذيب في الاقبية و السجون و المعتقلات ،غير أن الحكومة التونسية لم تكن متعاونة بشكل كبير بتعطيلها لنشاط الهيئة
و أضاف المقال بأن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي بإعتباره رمزا من رموز النظام القديم لم يكن متحمسا لهذا المسار و دعا الی نسيان الماضي و صوت حزبه في مارس الماضي لعدم التمديد في نشاط الهيئة ،و يشهد حزب رئيس الجمهورية نداء تونس حربا داخلية بعد تحالفه مع رجال أعمال و رموز محسوبة علی النظام السابق ليفقد نصف اعضاء كتلته البرلمانية بعد أن إستهدفت حملة مكافحة الفساد التي قادها رئيس الحكومة يوسف الشاهد (منشق عن الحزب الحاكم) رجال اعمال فاسدين قريبين من حافظ قايد السبسي نجل رئيس الجمهورية و المدير التنفيذي لحركة نداء تونس.
و إعتبرت المجلة البريطانية أن هناك الكثير مما ينبغي فعله في ديمقراطية تونس الناشئة كإصلاح المنظومة الأمنية و مقاومة ظاهرة الإفلات من العقاب حيث ان الكثير من المسؤولين الفاسدين لازالوا يمارسون السلطة،وبالرغم من كل هذه العيوب فإن مسار العدالة الانتقالية في تونس يعتبر رائدا في العالم العربي ،حيث شاهد الملايين جلسات إستماع مروعة بثها التلفزيون المحلي و تناقلته كل الوكالات الإخباربة العالمية بكل إعجاب،حتی أن الجلسة الختامية لهيئة الحقيقة و الكرامة شهدت حراكا سياسيا معبرا خارج المقر بين جمهور يرفع صور الضحايا و مجموعة أخری تندد بالعدالة التي أسمتها “ثأرية و إنتقامية “و بينهما كانت قوات الامن تراقب بهدوء دون أن تتدخل بالهروات.