أبناء المهاجرين… حقوق مشروطة للمولودين في تونس

1
أبناء المهاجرين... حقوق مشروطة للمولودين في تونس
أبناء المهاجرين... حقوق مشروطة للمولودين في تونس

إيمان الحامدي

أفريقيا برس – تونس. يعد إنجاب المهاجرات السريات أطفالهن في تونس قضية تثير جدلاً في البلاد، في ظل السماح بتسجيلهم في دفتر الأحوال المدنية وتمتع الأطفال بكامل الحقوق، خشية انعكاساته على التركيبة السكانية.

في العاشر من يونيو/ حزيران 2024، وضعت المهاجرة الإيفوارية إيميلي (28 سنة) طفلها رافي بمستشفى حكومي في تونس بعدما باغتها المخاض بينما كانت تخطط لهجرة سرية إلى إيطاليا. تقول إن إدارة المستشفى سجلت مولودها في دفتر الأحوال المدنية ونسبته إلى أبويه وتمكنت من الحصول على شهادة ميلاد رسمية ستسمح لابنها لاحقاً باستخراج وثائق ثبوتية.

لا تعرف إيميلي التي قدمت إلى تونس قبل نحو عامين أية تفاصيل عن القانون التونسي، ولا عن حقوق طفلها الذي ولد على أرضها، لكنها تعرف أن طفلها كان يمكن أن يكون طوق نجاة لها ولأسرتها إذا ما تمكنت من الوصول إلى إيطاليا وهي حامل أو على وشك الإنجاب.

ويثير تسجيل أطفال المهاجرين السريين الذين يولدون في تونس في دفتر الحالة المدنية، جدلاً في البلاد، ولا سيما الذين يخشون منهم استيطان المهاجرين وتغيير التركيبة السكانية للبلاد، الأمر الذي تحدثت عنه السلطات منذ عام 2023. وفي فبراير/ شباط الماضي، حذر الرئيس التونسي قيس سعيد مما قال إنه “مخطط إجرامي” لتوطين مهاجري أفريقيا جنوب الصحراء في تونس بهدف تغيير التركيبة السكانية.

في المقابل، ينفي رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، “وجود إمكانيات قانونية لاستعمال الإنجاب وسيلة للحصول على الإقامة أو الجنسية التونسية للمهاجرين”، مؤكداً أن “القانون المتعلق بتنظيم الحالة المدنية يفرض ترسيم أي مولود يوضع على التراب التونسي سواء كان لأبوين تونسيين أو أجانب”.

ويقول إن “إجراءات الترسيم في سجلات الحالة المدنية تتم من قبل المستشفيات أو المؤسسات الصحية التي تحصل فيها عملية الوضع أو من قبل الأبوين وبحضور شاهدين إذا ما تمت خارج المستشفيات”. يضيف: “غالباً ما تحث المنظمات المدنية التي تهتم بملف الهجرة، المهاجرين على تسجيل أبنائهم في سجل الحالة المدنية ونسبهم إلى الأب والأم أو الأم إذا كان الأب مجهول الهوية، في إطار الحرص على ضمان حقوق هؤلاء الأطفال في الصحة والتعليم والحياة الكريمة لاحقاً”.

وبحسب قانون الحالة المدنية المؤرخ في أغسطس/آب 1958، يتم إعلام ضباط الحالة المدنية بالولادات خلال الأيام العشرة الأولى التي تلي الوضع. وبحسب المادة 24 من القانون، يعلم بولادة الطفل والده والأطباء والقوابل أو غيرهم من الأشخاص الذين شهدوا الوضع، فإذا وضعت الأم حملها خارج مسكنها يقع الإعلام من طرف الشخص الذي وقعت الولادة بمحله إن أمكن ذلك ويحرر رسم الولادة حالاً.

وتنص المادة 26 على رسم الولادة على اليوم والساعة ومكان الولادة وجنس المولود والأسماء التي تختار له واسم ولقب ومكان وتاريخ ولادة الأب والأم وكذلك حرفتهما ومسكنهما وجنسيتهما والمعلم إن اقتضى الحال ذلك. وبحسب المادة 28، فإنه في صورة الولادة أثناء سفر، يحرر رسم الولادة في ظرف الأربع والعشرين ساعة الموالية للوضع طبق تصريح الأب إن كان على متن الباخرة أو طبق تصريحات شاهدين من بين ضباط الباخرة.

ويشير عبد الكبير إلى أن “المهاجرات اللواتي يصلن إلى تونس عادة لا ينوين الوضع فيها، وغالباً ما تكون لديهن النية للهجرة وهن حوامل في الشهر السادس حتى يتمكنّ من تحصيل جزء من الحقوق التي يكفلها القانون الإيطالي للمهاجرات الحوامل أو المرافقات للرضّع”. ويشير إلى أن “التصدي المكثف لقوارب الهجرة خلال العام الماضي أدى إلى تفاقم ولادات المهاجرات في تونس”، مرجحاً أن “تكون البلاد قد سجلت ما بين 600 و700 ولادة عام 2024 في مقابل أعداد أقل بكثير خلال عامي 2023 و2024”.

يتابع عبد الكبير: “رغم أن قانون الجنسية في تونس لا يمنح المهاجرين المولودين على أراضيها حق الحصول على الجنسية أو الإقامة، إلا أن مجلة الطفل (قانون الطفل) تمنح تساوياً في الحقوق بين كافة الأطفال الموجودين على الأراضي التونسية من دون تمييز”. يضيف: “كان اختيار المشرع التونسي توفير الحقوق الكاملة والمساواة الشاملة بين كافة الأطفال دون تمييز، ما يجعل لأطفال المهاجرين حقوقاً في الدراسة والصحة والرعاية الشاملة حتى سن الثامنة عشرة”.

ويرى أنه “من المهم توضيح القوانين بشأن حقوق أطفال المهاجرين وتطبيقها بالشكل الكامل حتى في ظل وجود موانع تحول دون حصولهم على الجنسية أو الإقامة القانونية”. يتابع أنه “لاكتساب الجنسية آثار قانونية مثل حق الانتخاب والتوظيف. غير أن أطفال المهاجرين يحتاجون حقوقاً أخرى أهمها ضمان حصولهم على وثائق الهوية والتعليم والصحة”.

وبحسب مجلة (قانون) الجنسية التي يعود تاريخ إصدارها إلى عام 1963، يكون تونسياً من ولد في تونس من أبوين عديمي الجنسية مقيمين بتونس منذ خمسة أعوام علي الأقل. كما تنص المادة التاسعة على أنه يكون تونسياً من ولد في تونس من أبوين مجهولين، غير أنه إذا ما ثبت نسبه لأجنبي قبل بلوغه سن الرشد وصارت جنسيته جنسية ذلك الأجنبي بمقتضى القانون الوطني لهذا الأخير، فإنه يعتبر كأن لم يكن قط تونسياً. كما أن المولود المعثور عليه في تونس يعتبر مولوداً في تونس إلى أن يثبت ما يخالف ذلك.

في هذا الإطار، يشير المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، رمضان بن عمر، إلى أنه “قد يكون من النادر جداً أن يتمكن مهاجر من الحصول على الجنسية التونسية”، مؤكداً أن “غالبية أوضاع المهاجرين في تونس لا تستجيب للشروط التي تضمنتها مجلة الجنسية”. يضيف أن “طول الإجراءات الإدارية وتعقيداتها تمنع المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء واللاجئين وطالبي اللجوء من الحصول على وثائق الإقامة، ما يجعل حصول المولودين على التراب التونسي على الجنسية أمراً شبه مستحيل”.

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، يوجد في تونس أكثر من 63 ألف مهاجر، وقد تحولت تونس خلال السنوات الأخيرة إلى بلد عبور ومسار هجرة للمهاجرين القادمين بشكل أساسي من بلدان المغرب العربي وأفريقيا جنوب الصحراء، بهدف تحقيق حلمهم المنشود بالوصول إلى أوروبا انطلاقاً من السواحل التونسية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here