أحمد نجيب الشابي: تونس قد تتعرض لعقوبات أمريكية مؤلمة

37
أحمد نجيب الشابي: تونس قد تتعرض لعقوبات أمريكية مؤلمة
أحمد نجيب الشابي: تونس قد تتعرض لعقوبات أمريكية مؤلمة

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. حذّر رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي، من أن سياسات النظام التونسي تهدّد بتعريض “لعقوبات مؤلمة جدا من الكونغرس الأميركي”.

وقال الشابي في تصريحات لـ”أفريقيا برس” إن تونس في خضم الوضع الداخلي تتعرض إلى ضغوطات، وحسب ما يدور، قد تتعرض إلى عقوبات مؤلمة وهذا مقلق ويقلقني شخصيا”.

وكان نجيب الشابي حذّر في تصريحاته، إثر ندوة صحفية عقدت الأربعاء 26 فبراير، من تداعيات تعامل السلطات التونسية مع ملف السجناء السياسيين. وشدّد رئيس جبهة الخلاص، الذي يحاكم بدوره في قضية التآمر، في حالة سراح، على أن موقف تونس سيء خاصة بعد التقرير الأممي الأخير حول حقوق الإنسان وحرية التعبير وعشرات المحاكمات التي تطال معارضين وإعلاميين من مختلف التوجهات.

وكثّفت جبهة الخلاص الوطني من نشاطها في الأيام الأخيرة استعدادا لبدء جلسات محاكمة عشرات المعارضين الموقوفون منذ عامين في ما يُعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة” التي من المنتظر أن تنطلق يوم 4 مارس المقبل، وسط جدل كبير حول ما تردّد عن أن الجلسات “ستكون عن بعد” في إجراء وصفه رئيس جبهة لخلاص أحمد نجيب الشابي بأنه “يقوّض المحاكمة العادلة”.

وقال الشابي، الذي خاض صراعات مع مختلف الأنظمة في تونس، “أتمنى من التونسيين حكومة ومعارضة أن يتخذوا إجراءات تجنبهم العقوبات مثل إجراء حوار داخلي حر ومستقل حول الإصلاحات الضرورية لأنه من جملة المآخذ الخارجية هو محاكمة التونسيين وغيرها من الإجراءات التي طالت الدستور والمؤسسات القضائية”.

لم يوضح الشابي تفاصيل هذه العقوبات، كما لم يصدر موقف رسمي أميركي يوضحّ مما يحدث في تونس لكن يقول متابعون إن الوضع قد يتطوّر بشكل خطير خاصة بعد تصريحات السيناتور جو ويلسون، المقرّب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي دعا إلى “قطع المساعدات عن تونس” وقال إن “سعيّد سيلاقي مصير الأسد”.

ويشدّد المتابعون على أن تصريحات السيناتور الأميركي لا يمكن أن تكون مجرّد رأي خاصة وأن جماعات الضغط واللوبيات النافذة تلعب دورا كبيرا في صياغة القرارات دخل الكونغرس ولجانه. وغرّد عضو الحزب الجمهوري على موقعه على منصة X، مرفقا تعليقه بصورة قديمة للرئيس التونسي وهو يصافح بشار الأسد: “حذّرت منذ سنوات من استيلاء قيس سعيد الاستبدادي على تونس. اليوم للأسف، تونس هي دولة بوليسية مسلحة تعمل مع الحزب الشيوعي الصيني ومجرم الحرب بوتين والنظام الإيراني. يجب أن نقطع المساعدات ونفرض العقوبات. ترامب سيصلح الأمر”.

وكرّر السياسي الجمهوري المؤثّر، ذات الموقف في أكثر من مناسبة، بل وذهب إلى أبعد من ذلك في رسالة وجهها إلى النائبة في مجلس نواب الشعب فاطمة المسدي، عندما دعته إلى الاعتذار عن تصريحاته السابقة حول تونس ورئيسها، حيث قال: “ستتعرض منظومة قيس سعيد الاستبدادية لعقوبات أمريكية صارمة بسبب تفكيك الديمقراطية في تونس وسجن المعارضين السياسيين وتصعيد حملة القمع ضد نشطاء حقوق الإنسان”.

وأضاف ويلسن: “سأقدم قريبا تشريعا لفرض عقوبات على نظام تونس بما في ذلك كل من تورط في تقويض الديمقراطية وسجن المعارضين السياسيين وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى”.

وإذا تم تقديم مقترح لفرض عقوبات أو قطع المساعدات على تونس، فإن فرص الموافقة عليه مرتفعة وفق الخبراء، خاصة وأن الجمهوريين والديمقراطيين يشتركون في الموقف من تونس. وقد سبق أن انتقدت النائبة الديمقراطية إلهان عمر بتجميد المساعدات الأمنية الأميركية لتونس بعد اعتماد سعيد التدابير استثنائية في عام 2021″.

وقال شكري عنان الناطق الرسمي باسم حركة حق لـ”أفريقيا برس”: بالنسبة إلى مسألة التلويح بفرض عقوبات على تونس، فإننا في حركة حق نؤكد على أننا نرفض فرض عقوبات يتضرر منها الشعب التونسي الذي يعاني اقتصاديا واجتماعيا.

ونعتقد أيضا أن تقسيم التونسيين وعدم احترام الحريات والعجز عن تطوير سياسة اقتصادية تخلق الثروة هي مدخل إضعاف السيادة الوطنية. وتبقى السلطات التونسية هي المؤهلة للرد على المواقف الأجنبية طالما أنها تحتكر كل شيء وطالما أنها مسؤولة عن حماية التوانسة. نحن يهمنا أن لا يتأثر الشعب التونسي بفرض عقوبات على تونس”.

وأضاف عنان: ” أما فيما يتعلق بما يسمى بقضية التآمر على أمن الدولة، فإن موقفنا في حركة حق مبدئي فنحن ضد المحاكمات التي تستهدف الخصوم السياسيين بسبب آرائهم أو مواقفهم أو ممارسة حقوقهم التي يكفلها الدستور. أما بخصوص المحاكمات الجارية الحالية بتهم خطيرة ليست جديدة في التاريخ التونسي منذ الاستقلال فكان من الأفضل من البداية أن تقع والمتهمون في حالة سراح لأنه أفضل للجميع ولأن الكثير قد قيل حول هذه المحاكمات فلا بد أن تتوفر فيها أقصى شروط الشفافية وضمانات المحاكمة العادلة لا أن يضاف إليها قرار إشكالي يثير لغطا آخر مثل المحاكمة غير الحضورية”.

وعقدت يوم الخميس 27 فبراير ندوة بمقر الحزب الجمهوري، شدّدت فيها تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين والحزب الجمهوري وجبهة الخلاص، على أن محاكمة المعتقلين السياسيين عن بُعد بشكل غير علني انتهاك خطير لحقوقهم ونسف للمحاكمة العادلة وتعتيم على الرأي العام ووسائل الإعلام، “حتى لا ينكشف زيف ادعاءات السلطة”.

وإذا تمسّك النظام بهذه المحاكمة “الصورية” فإن تونس ستكون فعلا في مرمى مساعي جو ويلسون ودعواته للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى اتخاذ موقف أكثر حزما، مما يعكس اتجاها متزايدا داخل الحزب الجمهوري نحو نهج أكثر تشددا فيما يتعلق بتونس وأيضا الجزائر.

وحذّر مراقبون من أن النظام في تونس قد يعطي الإدارة الأميركية ورقة ضغط في وقت تظهر فيه مؤشّرات أن هناك قلق من النفوذ المتزايد للجزائر في المنطقة، وقد سبق وأن عبّر جو ويلسون عن ذلك لافتا إلى أن “هذا التوسع قد يؤثر على المصالح الأميركية”.

وقال وزير الخارجية الأسبق أحمد ونيس لـ”أفريقيا برس”، إن “على لجنة حقوق الإنسان متابعة التطورات بصفة دقيقة وصارمة، ومن جانب الحكومة التونسية يمكن أن تلجأ إلى القضاء، أنا شخصيا أرى أن هناك تراجعا في السياسة التونسية الخاصة بحقوق الإنسان، هناك تراجع وهناك تهديد خاصة للشخصيات السياسية وزعماء الأحزاب، هناك مشادة ممكن ظرفية ونأمل أن لا تتطور وتصبح هيكلية. هناك بالفعل أزمة في هذا المجال. للمواطن لا يوجد مشكل لكن لكل من يتولى مسؤولية ومخاطبة سياسية للشعب التونسي يشعر. انه لم يعد مطمئنا. وإذا لم تتطور الأزمة بصفة عملية ويكون هناك تحرك ليس فقط بالرد عبر البيانات وتحرك ميداني حقيقي يعيد الطمأنينة للناشطين السياسيين، فالأزمة ستطول وغير مستغرب أن تؤول إلى بعض المضايقات”.

وتشمل المساعدات الأميركية لتونس الدعم الاقتصادي والعسكري. وتنقسم المواقف الأميركية تجاه هذا الدعم، فبينما تذهب الرؤية التقليدية إلى اعتبارها أداة لتعزيز الاستقرار الإقليمي يرى مشرّعون جمهوريون، من أمثال ويسلون، أن استمرار “هذه المساعدات دون شروط سياسية قد يرقى إلى مستوى الدعم غير المباشر لما يصفونه بـ “النظام الاستبدادي””.

وإثر 25 جويلية 2021، خفضت الحكومة الأمريكية من المساعدات الخارجية لتونس. وقد استهدفت هذه التخفيضات المساعدات الاقتصادية، بالأساس فيما حافظت على الدعم العسكري والأمني. وفي عام 2023، قدمت أمريكا 167.2 مليون دولار مساعدات لتونس.

وتبيّن دراسة أجراها مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط (MEDC) أنه في عهد الرئيس جو بايدن، وتحديدا خلال السنة المالية 2022-2023، أزال الكونغرس المخصّص الذي كان يقضي بأن تتلقى تونس ما لا يقل عن 191.4 مليون دولار من المساعدات الثنائية سنويا. وقد سمح هذا التحول لإدارة بايدن بمرونة أكبر لتقليص المساعدات المقدمة للبلاد.

ويتوقّع متابعون أن تسير إدارة الرئيس دونالد ترامب على نفس الخطّ بالضغط اقتصاديا على النظام التونسي الذي يواجه انتقادات متصاعدة بـ”انتهاك حقوق الإنسان”، و”استغلال القضاء ضدّ الخصوم السياسيين”. وكان التقرير الأخير لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أحدث جدلا كبيرا وسّلط الضوء أكثر على الوضع في تونس، مذكرّا البعض بما كان يحدث في زمن نظام بن علي. بل إن البعض يذهب إلى حد القول إن الأوضاع “أكثر تعقيدا”، وستكون جلسة يوم 4 مارس تاريخا فاصلا في تاريخ القضاء والحريات في تونس.

ويحاكم في “قضية التآمر على أن أمن الدولة” حوالي أربعين شخصا من قادة المعارضة السياسية من مختلف الاتجاهات، بينهم عدد من قيادات جبهة الخلاص وحركة النهضة والحزب الجمهوري والناشطين المدنيين. وانطلقت أطوار هذه القضية قبل عامين حين تم إلقاء القبض على عدد من شخصيات المعارضة، سواء من قادة الأحزاب أو الوجوه المعروفة بمعارضتها دون تقلد مناسب سياسية، من منظومة الحكم السابقة، من بينهم جوهر بن مبرك وشيماء عيسى وعدنان الشواشي.

في البداية، جذبت هذه القضية اهتمام الشارع التونسي الذي أيّد أغلبه عمليات الإيقاف التي تمت بل إن كثيرين أظهروا نوعا من التشفّي عكست حالة الغضب التي كانت مستشرية في ذلك الوقت من كل المنظومة السياسة، سوا الذين في الحكم أو في المعارضة. وغلبت “نظرية التآمر” على الخطابين السياسي والشعبي في تلك الفترة، وهو من الأسباب التي ساعدت على الرئيس قيس سعيّد ونظامه على ترسيخ قبضته على الحكم.

اليوم، ونظرة عامة على الشارع التونسي تكشف بعض التغير في المزاج العام مردّه التهاء الشارع من جهة بمشاكله اليومية مع غلاء الأسعار والمصاريف المعيشية والمواد الغذائية المفقودة، ومن جهة ثانية تراجع اهتمامه بالسياسة بشكل عام مع غياب أي تقدّم ملموس على مستوى الوعود التي وعد بها الرئيس قيس سعيّد ,أيضا بسبب غياب الحركيّة التي كانت المعارضة من قبل تخلقها.

مع ذلكـ، يبقى رهان جبهة الخلاص وممثلي المعارضة بشكل عام على التحرّك الأميركي ورقة ضغط “ضعيفة”، بل قد لا تكون في صالح المعارضة على مستوى التأثير الشعبي حيث سينظر إليها من قبل الشارع التونسي على أنها دعوة لـ”الاستقواء بالخارج” وستثبت “قضية التآمر” عوض أن تسلّط الضوء على المحاكمات وما يمكن أن تشهده من خروقات وانتهاكات.

وهنا، تؤكّد شيماء عيسى، الناطقة باسم جبهة الخلاص لـ”أفريقيا برس”، قائلة “نحن في جبهة الخلاص وكافة المعتقلين وغيرهم، نضالنا الوطني السلمي نعوّل فيه على جهدنا على مبادئنا، ما يحدث في العالم من بيانات تحاول من خلالها الضغط على تونس بكل أشكاله ليس فقط في الشكل السياسي، نحن نتابعه ككل التونسيين لكن لا نعوّل عليه ولا نعول على شيء سواء على نضالنا الخاص”.

أما المحلل السياسي منذر ثابت فيذهب إلى التأكيد على “الحظر والحصار والعقوبات الاقتصادية ليست من الأدوات الجديدة. وتعد الولايات المتحدة أكثر الدول توظيفا لهذه العقوبات. لكن لا أعتقد أن العلاقات بين الولايات المتحدة وتونس في مستوى يجعل من العقوبات مؤلمة. يبقى أن الولايات المتحدة هي غطاء ومظلة استراتيجيه وعديد البرامج تمولها وتدعمها في تونس وبالتالي ستكون هناك أضرارا حتى على الولايات المتحدة الأميركية نفسها خاصة على المستوى الأمني.”

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here