آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. أعلن منظمو أسطول الصمود العالمي، خلال مؤتمر صحفي نظمته “تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين”، الاثنين، بالعاصمة التونسية، أن أسطول الصمود العالمي سينطلق أواخر أغسطس نحو سواحل قطاع غزة، في خطوة تضامنية غير مسبوقة، حيث ستبحر عشرات السفن نحو القطاع متحدية الحصار الجائر الذي يفرضه الكيان الصهيوني على سكان القطاع.
وكشفت هيفاء منصوري، عضو أسطول الصمود العالمي، في حديثها مع “أفريقيا برس” أن “الانطلاق الرسمي لأسطول الصمود سيكون يوم 31 أغسطس من إسبانيا، ثم ستبحر بقية السفن من تونس يوم 4 سبتمبر، ثم ستلتقي كل السفن في المياه الدولية لتبحر جميعها وبشكل موحد نحو سواحل غزة.”
وبينت أن “هذا الأسطول تقف ورائه أربعة مبادرات عالمية كبرى، وتتمثل الأولى في مبادرة أسطول الصمود المغاربي الذي كان يقف وراء قافلة الصمود البرية، ثم المبادرة الثانية وهي الحركة العالمية نحو غزة، التي كانت تحمل اسم المسيرة العالمية نحو غزة، والتي انطلقت في يونيو الماضي في مصر لكن وقع إيقافها من قبل السلطات هناك، كذلك يدعمه أسطول الحرية الشريك الذي يرسل في كل مرة سفينة تضامنية تجاه غزة.”
ولفتت أنه “لأول مرة سيلتحق بنا غرب آسيا ممثلا في تجمع لثمان دول أسيوية للإبحار معنا نحو القطاع، هؤلاء الشركاء الأربعة كانوا اختبروا معا منذ أشهر العمل بشكل منفصل، لكنهم سيتوحدون هذه المرة وسيجتمعون في أكبر وأضخم أسطول سيجوب البحر المتوسط في محاولة لكسر الحصار على غزة، وفي محاولة أيضا لخلق ممر إنساني بالقطاع، وأيضا في محاولة لإنهاء الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون.”
وبشأن الترتيبات الأمنية الخاصة بحماية الأسطول، أوضحت أنه “وقع إخضاع المشاركين بالأسطول مؤخرا في تونس إلى دورات تدريبية مكثفة ومعمقة حول الجوانب التقنية والأمنية لتسيير السفن في البحر المتوسط، كما نحاول الآن الإعداد لفرق عمل على قدر عال من الحرفية، لذلك نوجه نداء لكل التونسيين ولكل المنطقة المغاربية التي تمثل أسطول الصمود المغاربي لأجل الالتحاق بنا، ندعو الأطباء والمهندسين والعاملين بالمجال البحري وكل الطاقات، التي يمكنها التواجد في لجان عمل لأجل المساعدة والتعريف بالأسطول والإعداد له جيدا.”
وبخصوص قيام منظمو الأسطول بتنسيق دبلوماسي لضمان إبحاره وعبوره بأمان، أشارت إلى ” وجود تنسيق دبلوماسي باعتبار أن محاولات الخروج بحريا تتطلب تواصل مع الدول حيث أم دخول الموانئ تتطلب إذنا سياسيا، كذلك وقع تجهيز السفن بأعلام لدول تابعة لها، كما نحن على تواصل مع مختلف الوزارات والهيئات والوكالات البحرية التي من الممكن أن تسهل عمل الأسطول.”
ويقول منظمو أسطول الصمود أن أبرز الأهداف المركزية للأسطول هي كسر الحصار عن غزة، وإقحام الشعوب وأحرار العالم في عملية كسر الحصار، على غرار إعادة راهنية القضية الفلسطينية وتسليط الضوء على المجازر المرتكبة والإبادة الجماعية في غزة.
وأعرب تياغو أفيلا، عضو لجنة ائتلاف أسطول الحرية، في تصريح خاص ل”أفريقيا برس”عن” ثقته في نجاح هذه المبادرة في تحقيق أهدافها الإنسانية رغم الصعوبات والمخاطر، وأن جهود النشطاء ستبقى مستمرة لأجل رفع الظلم عن الفلسطينيين.”
بدوره، أوضح نادر النوري، ممثل مبادرة الشرق آسيوية “صمود نوسنتارا” في حديثه مع “أفريقيا برس” أنه “قمنا بكل الإجراءات حتى نؤمن المشاركين في الأسطول من خلال طلبنا حماية دولية من محامين دوليين، كذلك طلبنا الحماية من بعض الدول، هذا ما بوسعنا فعله الآن.”
وأضاف “نحن نعرف أننا سنواجه الاحتلال الغاشم ونتوقع أي شيء منهم، لكن مستعدين لمواجهتهم، نحن رأينا ما وقع مع سفينة حنظلة ومع سفينة مادلين، مع ذلك نعتقد أن ما تعرضوا له هو أقل أذى من قوات الاحتلال، كنا نتوقع الأسوأ، على غرار ما حدث مع سفينة “مافي مرمرة” حين قتل عشرات النشطاء على أيدي الاحتلال.”
وعلق “نحن مستعدون لكل شيء، نحن نأمل أن ينجح هذا الحراك الإنساني غير المسبوق وهذا الحشد من السفن لأجل تغيير التاريخ وإنقاذ الفلسطينيين.”
ويراهن أسطول الصمود على الدعم الشعبي العربي والدولي لأجل ضمان نجاح المبادرات الإنسانية والتضامنية مع غزة خاصة في ظل صمت رسمي عربي، على غرار استقواء الكيان الصهيوني بحلفائه من الغرب لأجل عرقلة مثل هذه المبادرات ومواصلة إجرامه بحق الفلسطينيين.
ويقول مروان بن قطاية ممثل الوفد الجزائري في أسطول الصمود في حديثه مع “أفريقيا برس” اغتنم هذه الفرصة حتى أدعو الشعوب العربية حتى تنخرط في هذه المبادرة، نأمل أن تكون المشاركة واسعة، وهي دعوة لكل الدول العربية التي تعتبر أن القضية الفلسطينية هي قضية عادلة وتهمنا جميعا. حيث لا بد اليوم للشعوب أن تتحرك في ضمن هذه المبادرات التي تسعى لكسر الحصار الغاشم”.
وأردف “عدد السفن التي ستبحر نحو غزة مبدئيا 50 سفينة لكن نأمل حشد مزيد السفن، والرقم مرشح للزيادة”.
ويتسق رأي بن قطاية، مع رأي وائل النوار، الناطق الرسمي باسم أسطول الصمود، الذي يؤكد في حديثه مع “أفريقيا برس” أن “هذه السفن يجب أن تكون مسنودة بدعم الشعوب إذ لا يمكن أن تكون معزولة عن الحراك الشعبي العربي، كما أن غزة لم تعد تحتمل المزيد من الإبادة، لذلك نطلب منكم التواجد في الشارع ودعم الأسطول.”
وأعتبر أن “مثل هذه المبادرات تشتغل على الشعوب لا على الحكومات”، داعيا “كل المؤثرين والفنانين والسياسيين وكل من لديه جمهور وقاعدة شعبية لأجل التواجد معنا في السفينة، ندعو كذلك كل من لديه خبرة بالمجال البحري لدعمنا والالتحاق بنا.”
وفي معرض رده عن الاستعدادات الأمنية خاصة وأنه سبق وأن قامت قوات الاحتلال بإحباط وصول السفن التضامنية نحو غزة، يبرز بالقول” أن “أسطول الصمود يتبع بروتوكولات أسطول الحرية، الذي سبق وأن قام بعمليات في البحر ونجح في تأمين سفنه.”
وأضاف “نحن سنتبع هذا البروتوكول، وقد كنا في تدريب مكثف على مدى ثلاث أيام لأجل تأمين السفن والركاب من كل المخاطر خاصة في حال تعرضوا للأسر والاعتقال، نحن نعلم أننا أمام عدو شرس، ونحن مستعدون لمواجهته.”
وشدد على أن “هذه المهمة لا تهدف إلى الإضرار بأي المشاركين فيها بل هدفها فقط إدخال المساعدات الأمنية إلى غزة.”
ورأى أن “السيناريو الذي وقع مع سفينة حنظلة رغم شراسته وشراسة الاختطاف في المياه الإقليمية وعدم قانونيتها، لكننا نعتبر أنه السيناريو الأفضل بالنسبة لمهمتنا، لأننا سننطلق بعشرات من السفن، لذلك نعتقد أن الكيان لن يتمكن باعتراضها بسهولة مثلما وقع مع مادلين وحنظلة، وفي كل الحالات نحن مستعدون لمواجهة كل أشكال العنف.”
وفي 26 يوليو الماضي اقتحمت قوات من البحرية الإسرائيلية سفينة حنظلة، التي كانت تقل متضامنين دوليين في أثناء توجهها إلى غزة، وسيطرت عليها بالكامل واقتادتها إلى ميناء أسدود.
وكانت السفينة حنظلة وصلت إلى حدود 70 ميل من غزة حينما اقتحمها الجيش الإسرائيلي، حيث تجاوزت المسافات التي قطعتها سفن سابقة مثل “مرمرة الزرقاء” التي كانت على بعد 72 ميلا قبل اعتراضها من قبل إسرائيل عام 2010، وسفينة “مادلين” التي وصلت مسافة 110 أميال، وسفينة “الضمير” التي كانت على بُعد 1050 ميلا، وفق اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة.
ويؤكد المتابعون أن مثل هذه المبادرات الإنسانية نجحت في إعادة الزخم للقضية الفلسطينية، كما كشفت للرأي العام مدى وحشية آلة الحرب الإسرائيلية، حيث لم تعد تقوى الشعوب على الصمت تجاه الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين.
وبرأي هؤلاء بوسع هذه المبادرات الضغط لأجل إيقاف حرب الإبادة والظلم المستمر بحق الفلسطينيين، خاصة أنها تتوسع يوما بعد يوم، ونجحت في إيصال رسالتها وهدف مهمتها الإنسانية إلى كل العالم عبر اللجوء إلى الشارع والاحتجاج وكذلك عبر نقل صوتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
واعتبر محمد أمين بنور، الناطق الرسمي لأسطول الصمود، في حديثه مع “أفريقيا برس” أن “فلسفة هذه المبادرات هي إذابة هذا الجليد الصهيوني، قطرة قطرة، من خلال تحرك الشعوب بصدور عالية، ليس لدينا سوى الحناجر والكاميرا، نحن سنتحرك حتى لو الأثر مازال بسيطا، سنبقى نحاول حتى نكسر هذا الحصار الجائر على غزة.”
وخلص بالقول “نحن ندعم كل تحرك يدعم الحق الفلسطيني في كل أنحاء العالم وبمختلف أشكاله، كما أدعو من هذا المنبر رجال السياسة بالعالم للاقتداء برئيس البرلمان الماليزي أنور إبراهيم، الذي قرر أن يكون متواجدا على ظهر إحدى سفن أسطول الصمود، نحن ندعو كل أحرار العالم للالتحاق بنا في هذه المبادرة الإنسانية.”
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس