أفريقيا برس – تونس. أصدر اتحاد الشغل التونسي، بياناً شديد اللهجة، هاجم فيه ما سماه “النزعة الاستبدادية التسلّطية” للرئيس قيس سعيّد، داعياً إلى التوقف عن “سياسة المغامرة” والقبول بالحوار الوطني كمخرج وحيد للأزمة الكبيرة التي تعيشها البلاد على مختلف الأصعدة.
وقال الاتحاد في بيان بمناسبة عيد العمال العالمي الذي يصادف الأول من أيار/ مايو: “بلادنا تعيش منذ سنوات أزمة سياسية حادّة وغير مسبوقة، لم تستطع سياسة المغامرة والتفرّد بالرأي والمرور بقوّة وفرض الأمر الواقع إلا تعميقها، ويتجسّد ذلك في الانقسام الحاد الذي أصبح عليه المجتمع، والتمترس المتصلّب الذي صارت إليه القوى السياسية، وحالة الاستقطاب الإقصائي، التي انشغلت بها هذه القوى في وقت تشهد مؤسسات الدولة وأغلب أجهزتها العطالة والتفكّك والتفتيت، وقد أثّر ذلك مباشرة على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي اللذين يعيشان منذ عقود أزمة هيكلية تُنذر بالانهيار وبتلاشي النسيج الاقتصادي واندثار مؤسّساته وتفجّر البنى الاجتماعية وهياكلها التقليدية وغير التقليدية”.
وأكد أنه اعتبر لحظة إعلان الرئيس سعيّد عن تدابير استثنائية في 25 تموز/ يوليو 2021 “فرصة تاريخية لتصحيح مسار ثورة طالما حلم فاعلوها الأصليون بقطف ثمارها وبالقطع مع حقبات الحيف والاستبداد، كما أمل النقابيون في إيلاء المسألتين الاقتصادية والاجتماعية الاهتمام الأكبر وفي إحلال هموم شعبنا ومشاغله وتلبية مطالبه وآماله الاهتمام الأساسي (ضمن التدابير الاستثنائية)”.
وقال إنه “حاول فرض منطق الحوار بدل سياسة التفرّد ومنطق الاصطفاف الأعمى، وقدّم اقتراحات في الغرض وأكّد وجوب الاعتماد على ذواتنا والتعويل على تعبئة الموارد الذاتية وتقاسم التضحيات”، لكنه “صُدم بنزعة استبدادية تسلّطية عمدت إلى شيطنة كلّ من يخالفها الرأي وتلفيق التهم ضدّهم والتضييق على حقّهم في المعارضة والرفض والاحتجاج، وتمّ الاعتداء على الحريات والتضييق على حرية الصحافة وعلى حق النفاذ إلى المعلومة، والسعي لوضع اليد على المؤسسات الإعلامية، وجوبه الاتحاد ومنظمات المجتمع المدني والسياسي بحملات الشيطنة والتشويه والتهجّم والمحاصرة وحياكة المؤامرات لإرباكه ومنعه من لعب دوره الوطني في إنقاذ تونس ممّا أغرقها فيه الحكام المتعاقبون إلى اليوم”.
وقال إن نظام الرئيس سعيّد يحاول “تغليف نفسه بالشعارات التي يروّجها من أجل تبرير فشله الاقتصادي والاجتماعي والتغطية على الانتهاكات التي تطال الحريات، ورغم أن منظومة الحكم قد تركّزت بين يديها كافة السلطات (في سابقة لم تسنح من قبل)، فإنها لم تفعل غير إعادة إنتاج أسباب الأزمة واستخدام معاول الهدم ذاتها وقوى الجذب إلى الوراء نفسها وبنفس منطق الإقصاء والتهميش واستبعاد أيّ نفس تشاركي والتعنت في فرض الرؤى الشخصية والتفرّد بامتلاك الحقيقة والإيهام بالتعبير عن روح الشعب، والشعب عن كلّ ذلك مبعَد ومقصى وغارق في ما أوقعته فيه السياسات الرسمية من لهث وراء الهمّ اليومي وتخبّط في وحل الجري وراء الكسب وتوفير أدنى أسباب العيش”.
وأضاف البيان: “لا حلول في الأفق (لدى السلطة) غير وعود شعبوية وإخفاقات يُضاعف تراكمها يوما بعد يوم، ويتمّ تبريرها دوما بالترويج لمنطق المؤامرة والتدخّلات الأجنبية ووصم الخصوم -ودون تمييز- بالخونة، وشعار الحرب الكاذبة على الفساد، في الوقت الذي تغرق فيه السياسات الرسمية في تعميق تبعية البلاد للخارج، وتستشري أثناءه كل مظاهر الفساد على نحو غير مسبوق مسّ كل القطاعات والمسؤوليات، وأغرق البلاد في حالة من العطالة والتوجّس والخوف وأدى إلى شلّ قوى العمل وتثبيط العزائم وإحباط كل أمل في النهوض والتقدم”.
وأكد الاتحاد أنه “بسبب مواقفه الرافضة لرفع الدعم وبيع المؤسسات العامة والمفاوضات السرية التي تخوضها الحكومة مع صندوق النقد الدولي”، قوبل بـ”سياسة حكومية معادية للحوار الاجتماعي، تلتفّ على الاتفاقيات وتخرق القوانين وتنتهك الحقّ النقابي وتزجّ بالعمال والنقابيين في السجون وتجعلهم عرضة للطرد التعسفي وتخضِعهم للتضييقات، ولا تتردد في استخدام أجهزة الدولة لنسف أي مكسب اجتماعي أو مهني، وقد برع وزراء معيّنون تلقّوا المباركة من أعلى هرم السلطة، في حياكة الملفات الكيدية وفي توظيف القضاء للضغط على النقابيين وإجبارهم على الصمت، في سابقة تكاد تفوق ما كان يسلّط على النقابيين زمن ما قبل الثورة”.
وأوضح بالقول: “تعرّض النقابيون في قطاعات النقل والثقافة والتجارة والشؤون الدينية وغيرهم إلى المحاكمات والإحالة على مجالس التأديب، على خلفية نشاطهم النقابي، وأخضعتهم العصابات الإلكترونية إلى عمليات تشويه وإساءة، دأبت عليها مجاميع أنصار السلطات في كل عصر. كما عمدت السلطة أخيرا إلى تشكيل تنسيقيات في بعض القطاعات لضرب العمل النقابي وتشتيت العمال، ولم تتردد في استخدام أسلوب أسلافها (من عُتاة الاستبداد المعادين لاتحاد الشغل) في نفخ الروح في نقابات موازية لا وجود لها على أرض الواقع ولا تملك وزناً يذكر ولا تمثيلية لها بين العمّال، في محاولة فاشلة لضرب منظمة فرحات حشّاد (مؤسس اتحاد الشغل)”.
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس