أفريقيا برس – تونس. فخورون بمحاكمتنا وواثقون من براءتنا” عبارة رددها رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، عقب خروجه من جلسة تحقيق يرى عدد كبير من التونسيين أنها حلقة جديدة من مسلسل استهداف الرئيس قيس سعيد لمعارضي مساره “الانقلابي” على الديمقراطية التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عقد.
وقال الغنوشي بعد انتهاء التحقيق معه بشبهة “تبييض أموال” في إطار قضية “نماء تونس”: “نحن فخورون بمحاكمتنا وفخورون بقضائنا المستقل وواثقون من براءتنا، وهذه إحدى المحاولات من جهات سياسية لفبركة جرائم ضد حركة النهضة”.
وهذه المرة الثانية التي يتم فيها التحقيق مع الغنوشي هذا العام، ففي نيسان/أبريل الماضي تم استدعاؤه للتحقيق بعدما عقد البرلمان جلسة صادق من خلالها على إنهاء التدابير الاستثنائية للرئيس قيس سعيد، وتم حينها اتهام الغنوشي والعشرات من النواب التونسيين بـ”تكوين وفاق إجرامي والتآمر الواقع لارتكاب الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وإثارة الهرج بالتراب التونسي”، قبل أن يسارع الرئيس قيس سعيد إلى حل البرلمان.
أثار التحقيق مع الغنوشي سجالا واسعا في تونس، بل إن البعض اعتبرها “محاكمة للديمقراطية الناشئة التي ساهمت حركة النهضة وشركاؤها في تكرسيها على مدى عقد ونيف، من قبل ديكتاتورية ناشئة يسعى الرئيس قيس سعيد لترسيخها في البلاد، مستعينا بأدوات كانت سائدة خلال حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي”.
واعتبر الوزير السابق رفيق عبد السلام أن الغنوشي يحاكم جلاّديه، وليس العكس. وكتب على حسابه في موقع فيسبوك “هم (الرئيس سعيد ومناصروه) يحاكمون الغنوشي لتسخين استفتائهم الكاسد والكاذب، ولكنهم في الحقيقة يحاكمون أنفسهم، وهو (الغنوشي) الذي يحاكمهم محاطا بعشرات المحامين الشرفاء من حوله، كما يحاكمهم بسجله النضالي والتاريخي الضارب في العلو الشاهق”.
وأضاف “المفارقة العجيبة أن من ينصب المحكمة هو انقلابي غاصب للسلطة، ومن يخضع للتحقيق هو رئيس شرعي لمجلس نواب الشعب المحاصر بدبابات قيس سعيد، ولكن في كل الأحوال هم يتحركون بين المأزق والمأزق، إن سجنوه اليوم ورطوا أنفسهم، لأنه سيخرج لهم أقوى مما دخل السجن، وإن توفاه الله في محبسه سيترك بذور الحرية خلفه ومعها أجيال من الرجال والنساء والشباب يستمرون في حمل المشعل من بعده، وإن أطلقوا سراحه سيخرج أكثر ثباتا وصلابة للاستمرار في معركته الأخيرة في دحر الانقلاب والانقلابيين. كل الخيارات تؤدي الى نصر الغنوشي وكل المسالك توصل إلى هزيمة قبيلة الزقافنة وزعيمهم”.
وكتب الناشط السياسي الأسعد البوعزيزي “محاكمة الشيخ راشد اليوم أعادت إلى ذهني محاكمة الحبيب عاشور (مناضل ونقابي بارز) سنة 1986، حينها صدح الحبيب عاشور عاليا وقال مخاطبا محمد مزالي: “حاكمتني فرنسا وذهبت فرنسا وأنا باق، حاكمني الهادي نويرة ومات نويرة وأنا لازلت باقيا”. هرب محمد مزالي سنة 1986 وبقي الحبيب عاشور قبل أن تتوفاه المنية سنة 1999. الشيخ راشد حاكمه بورقيبة، مات بورقيبة والشيخ لا زال باقيا، وحاكمه بن علي، مات بن علي والشيخ لا زال باقيا، ويحاكمه اليوم قيس سعيد”.
وكان الغنوشي حذّر، في حوار سابق مع “القدس العربي”، من مشروع الرئيس قيس سعيد الذي اعتبر أنه يشكّل خطراً على الدولة التونسية، ويهدد الاستقرار في المنطقة عموماً، مؤكدا أن تونس تحتاج لمشروع إنقاذ وطني تشارك فيه جميع الأطراف السياسية والمدنية في البلاد، ويساهم في إعادة المسار الديمقراطي في البلاد.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس