أفريقيا برس – تونس. اقترح الرئيس التونسي الأسبق، منصف المرزوقي، اليوم الخميس، خريطة طريق لـ”هزيمة الثورة المضادة واستعادة سردية الثورة الحقيقية في البلاد”.
وكتب المرزوقي على صفحته في موقع فيسبوك “جلّ العقول والقلوب مسجونة في ثلاث سرديات، سردية الثوريين وهي أن الثورة جاءت لتونس بالكرامة والعزة والحرية لكنها أجهضت من جهة بفعل قوى إقليمية تجندت لقتل الربيع العربي، ومن جهة أخرى من قبل حركة النهضة التي نادت بالتصويت لقائد الثورة المضادة ثم تحالفت مع كل الأحزاب الفاسدة لبناء ديمقراطية فاسدة مما ساهم في تعبيد الطريق للشعبوية الزاحفة، وسردية التجمعيين القدامى والجدد وأن ”ثورة البرويطة مؤامرة غربية عبرية لم تؤد إلا لتسليم البلاد للإسلاميين وطرطورهم والنتيجة هذه العشرية السوداء التي نعيش، وسردية الشعبويين: كلهم من المرزوقي إلى مرزوق عملاء خونة مرتزقة نهبوا أموال الشعب ونحن أبناء وبنات 25 جويلية (أنظف من النظافة وأطهر من الماء الزلال) تحت امرة قائدنا قدس الله سره سنصلح كل ما أفسده هؤلاء المفسدون انتصارا لإرادة الشعب الذي نمثله وحدنا”.
وحول الأولويات المطلوبة لإنقاذ البلاد، قال المرزوقي “على الصعيد الفكري والإعلامي، المطلوب تحديث سردية الثورة والتركيز في الحرب الإعلامية الضروس على: إفلاس الثورة المضادة وقد أعطيت لها فرصة الحكم المطلق عندما تواجدت في قرطاج والقصبة وباردو من 2014 إلى 2019 والنتيجة اتضاح حجم أكاذيبها ووعودها وعجزها مما أدى لتفاقم كل مشاكل البلاد وفتح الباب على مصراعيه للمدّ الشعبوي. والانهيار السريع لهذا المدّ بسبب كل الخراب الذي أحدثه في الدولة والاقتصاد علما وأنه من حسن حظنا – إن صح التعبير – أن قائد الشعبوية هو المنقلب. تصوروا لو كان حامل لوائها شخصا سويّا وكفؤا لعرفت تونس استبدادا فوضويا للثلاثين سنة المقبلة بينما سيحسب عمر هذه الرئاسة بالشهور لأن ما أوصل له المنقلب البلاد وضع غير قابل للتواصل. والتذكير بأن ثورة 2010 لم تكن إلا حلقة من سلسلة أهمها أحداث 1978 و1984 و2008 وأن تواصل الثورة حتمي إلى أن يحقق التونسيون مشروعهم التحرري أي شعب من المواطنين لا من الرعايا تخدمهم دولة قانون ومؤسسات لا تستخدمهم دولة الفرد والأجهزة واللوبيات”.
وعلى الصعيد الميداني، اقترح المرزوقي “تجميع القوى الديمقراطية تحت راية دستور 2014 استعدادا لاستعداد القوى التجمعية القديمة والجديدة الانقضاض على السلطة بكل ما تختزن من عنف وحقد واقصاء ورغبة في الثأر أي من خطر على الوحدة الوطنية والسلم المدني”.
وأضاف “للأسف لا يجب أن يكون لنا أدنى وهم حول انعقاد مؤتمر وطني لكل القوى المناوئة للانقلاب. فالخماسية حبيسة أيدولوجيات الستينيات (التقدمية ضد الرجعية) وترفض الانتقال من الثنائية المدمرة علماني/ إسلامي إلى الثنائية البناءة: ديمقراطي/ استبدادي (وهذا خطأها الكبير). أما قيادة النهضة فترفض التخلي عن سياسة البحث عن التوافق مع المنظومة الحاكمة بأي ثمن ومن ثم توجهها مجددا للاتحاد. وداوني بالتي كانت هي الداء (وهذا خطأها الأكبر). لا خطر إذن على المنقلب (في إشارة للرئيس قيس سعيد) من هذه المعارضات المشتتة المتناحرة واستهدافها عبث لا يضره إلا هو”.
واستدرك بقوله “هذا المتطفل على التاريخ لا يفهم أن الضربة القاضية لن تأتيه من هذه المعارضات وإنما من أقرب المقربين (سيناريو الانقلاب الطبي على بورقيبة) أو من شبان لا تعرفهم أجهزة التنصت والتتبع العدلي (سيناريو اسقاط بن علي من شباب القصرين وتالة والرقاب وسيدي بوزيد)”.
لكن اعتبر أن للمعارضة التونسية دورا آخر يتمثل في “تشتيت انتباه المنقلب وتهرئته إعلاميا وسياسيا (حتى إن كان العنصر الرئيسي في تهرئه نظامه شخصيته المريضة) ومن ثم ضرورة تكثيف المظاهرات السلمية وتوزيعها على كل البلاد بانتظار تحرك الشارع الاجتماعي الذي سيضع نقطة الختام في السيناريو المضحك المبكي الذي نعيش”.
وأضاف “لنتذكر أن الذي أطاح ببن على ليس بيانات الأحزاب وتقارير المنظمات الحقوقية وإنما خروج شعب المواطنين للشارع الذي أجبر الطاغية على الرحيل. وهو الذي عليه اليوم استئناف ثورة لا يسرقها ولا يخونها هذه المرة أي حزب سياسي متربص لقطف الثمار التي سقيت من دماء الشهداء. شعب المواطنين هذا شباب موجود في الأحياء الفقيرة ومهمته تأطير الاحتجاجات المجتمعية الآتية لكيلا تكون نار قشّ او عمليات حرق وتدمير عبثي تعطي للقوى المتربصة كل حجج القمع”.
وتابع المرزوقي “يبقى أن شعب المواطنين بكل مكوناته الظاهرة والخفية – حتى وإن نجح في حماية الثورة هذه المرة وتفويت الفرصة على منقلبين على المنقلب مشروعهم رسكلة النظام القديم أو الانطلاق في دكتاتورية جديدة – فإنه لن يكون في مستوى مسؤوليته التاريخية (ناخبا ومنتخبا) إن لم يفهم الأسباب العميقة للانفجارات والثورات المتتالية ولم يتوجه أخيرا لمعالجة أسباب الداء بدل التوقف دوما عند أعراضه”.
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس