أفريقيا برس – تونس. شهدت ست محافظات تونسية، من بينها العاصمة تونس وسوسة وصفاقس وبنزرت ونابل وقابس، مساء اليوم السبت، مسيرات احتجاجية متزامنة عبّر خلالها التونسيون عن دعمهم لأسطول الصمود العالمي الذي يبحر نحو غزة، في ظل تهديدات إسرائيلية بمصادرة السفن واعتقال المتضامنين على متنها
وجاءت هذه التحركات أيضا رفضًا لمخططات تهجير سكان غزة بعد عام من الحرب، وتجديدًا لموقف الشارع التونسي الدائم في مساندة القضية الفلسطينية.
ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينية واللافتات التي شددت على التضامن مع أهالي غزة، وعلى ضرورة مواجهة الحصار المفروض على القطاع منذ ما يقارب العقدين.
وردد المحتجون هتافات من قبيل “غزة رمز العزة”، “لا للتهجير”، وسط مشهد غلبت عليه الأعلام الفلسطينية والأناشيد الوطنية التي أضفت طابعًا حماسيًا على الوقفة.
وفي قلب العاصمة، احتشد العشرات في شارع الحبيب بورقيبة، حيث رددوا شعارات مساندة للأسطول ومنددة بالفيتو الأمريكي الذي حال دون صدور قرار من مجلس الأمن الدولي، أمس الجمعة 19 أيلول/سبتمبر 2025، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار. فقد أيدت غالبية الأعضاء مشروع القرار، غير أن واشنطن استخدمت حق النقض، مما أبقى الحرب متواصلة.
مسيرة مساندة وتحذير
ومن وسط الحشود التي اجتمعت اليوم أمام المسرح البلدي بالعاصمة، قال معاذ الجوادي، عضو تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين، إن التحركات التي تشهدها عدة محافظات في تونس هي رسالة ضغط على المجتمع الدولي للتصدي لمحاولات استهداف أسطول الصمود العالمي، ودليل على أنّ التضامن مع النشطاء تجاوز البيانات إلى الفعل الميداني.
وتابع: “هذه المسيرة هي رسالة مساندة ودعم لأسطول الصمود العالمي، ولنقول للعالم إننا سنكون يدا بيد مع النشطاء على متن السفن، ولنوجه دعوة عالمية لإسناده بالحديث عن مهمته الإنسانية”.
وأوضح الجوادي أنّ عمّال الموانئ في إيطاليا أعلنوا استعدادهم لإغلاق الموانئ ومنع خروج “ولو مسمار واحد” في حال تدخلت إسرائيل واستولت على القوارب، مضيفا: “ونحن هنا أيضًا لنقول إننا لن نصمت على استهداف الأسطول وأننا سنتحرك بكل الطرق الممكنة وأن الاحتجاجات ستعم دول العالم وفي مقدمتها تونس”.
وأضاف في تصريحه أن: “هؤلاء النشطاء خرجوا إلى البحر بشكل تطوعي وتركوا وراءهم عائلاتهم وأطفالهم وأعمالهم وممتلكاتهم في سبيل نصرة هذه القضية وفي سبيل الوقوف إلى جانب الحق الإنساني ونصرة الأهالي في غزة”.
ودعا الجوادي شعوب العالم إلى عدم التوقف عن التحرك في الشوارع وملء شبكات التواصل الاجتماعي بأخبار غزة والأسطول لتصحيح الصورة التي تحاول الآلة الدعائية الأمريكية والإسرائيلية تشويهها.
وبيّن الجوادي أن التحركات اليومية في الشوارع تحمل رسالة إلى إسرائيل بأن الأسطول الذي يضم 44 جنسية ليس معزولًا، بل يقف وراءه ملايين الأشخاص من مختلف الدول يتابعونه لحظة بلحظة وينتظرون وصوله بأمان إلى القطاع المحاصر.
كما أدان بشدة مواقف الولايات المتحدة وتصريحات بنيامين نتنياهو بشأن سجن النشطاء على الأسطول، معتبرًا أن “من الفظاعة أن يرفع الرئيس الأمريكي الفيتو أمام قرار وقف الحرب في قطاع غزة بينما يُقتل آلاف الأطفال يوميًا في القطاع المحاصر أمام شاشات التلفزيون”.
صوت نسائي
بدورها قالت الناشطة التونسية بسمة البلعي إنها جاءت إلى هذه الوقفة دعما للقضية الفلسطينية ولرفع صوتها ضد الدمار الذي يسببه الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة المحاصر، مؤكدة أنّ هذه المشاركة تأتي أيضًا “لمناصرة الأحرار الذين شاركوا في أسطول الصمود، ولنقول لهم نحن أيضًا نبحر معكم بقلوبنا”.
وأضافت البلعي أن صور وفيديوهات الأهالي في قطاع غزة وهم ينتظرون بحرقة وصول سفن الأسطول آلمت الجميع وأثارت شعورًا مضاعفًا بالمسؤولية، مشيرة إلى أنّهم يتمنون أن يصل الأسطول بخير وينجح في مهمته الإنسانية المتمثلة في كسر الحصار عن غزة وإيصال المساعدات الغذائية والطبية.
وتابعت حديثها: “ما يفعله نشطاء الأسطول في البحر وما نفعله نحن هنا على الأرض هو أقل واجب نقدمه من أجل الغزاويين، فالاحتجاج والمقاطعة هما أدنى درجات المساندة، والقضية الفلسطينية هي قضية أمة بأكملها”.
ومن قلب المسيرة الاحتجاجية، وجّهت البلعي رسالة مباشرة إلى الشعب التونسي قالت فيها: “لا يجب أن يكون دفاعكم عن القضية الفلسطينية موسميا، أخرجوا إلى الشوارع، انشروا عن غزة، افضحوا جرائم الإبادة والقتل والقصف والتجويع والتدمير التي تحدث في القطاع المحاصر على مرأى العالم”.
وأوضحت أن ما لمسته هذه الأيام هو استفاقة كبيرة في الشارع العربي، لكنها أكدت أنّ الحكومات العربية ما زالت نائمة ومتخاذلة في كثير من الأحيان، لافتة إلى أنّ القضية الفلسطينية هي نبض في القلب وأنّ “فضاعة الإبادة باتت تؤرقنا وننتظر من الحكومات في كل بقاع العالم التحرك لوقف هذه المجازر”.
وختمت البلعي تصريحها بالقول إنهم جاؤوا أيضًا للاحتجاج ضد الفيتو الأمريكي الذي رُفع في مجلس الأمن، معتبرة أنّ الولايات المتحدة “هي التي تغطي هذه الإبادة ماليًا وعسكريًا وسياسيًا وهو أمر يستوجب من الجميع التحرك”.
رسائل احتجاج وضغط شعبي
وقال صالح بن نصر، وهو أحد النشطاء الداعمين لفلسطين، ومن بين المشاركين في الوقفة، إنهم جاؤوا اليوم نصرة لأسطول الصمود العالمي الذي يشارك فيه نشطاء من مختلف دول العالم، مؤكدًا أنّ هذه المشاركة تعبّر عن دعم “لا محدود لهذه السفن التي تحمل أيضًا رسالتنا إلى العالم”.
وأضاف أنّهم سيواصلون دعم الأسطول من موقعهم من خلال التحركات الميدانية والنشر المكثف على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف تشكيل ضغط إعلامي وشعبي يمنع استهدافه ويؤمّن وصوله إلى غزة.
وتابع بن نصر أنّ هذه التحركات تحمل أيضًا رسالة إلى حكّام الدول العربية “للتوحد والتحرك والخروج من دائرة البيانات التي لا تغني ولا تسمن من جوع”، داعيًا إياهم إلى الأخذ بمنوال اليمن في المشاركة في الجهود الفعلية الرامية إلى كسر الحصار عن الفلسطينيين في غزة.
وأشار كذلك إلى أنّ الرسالة الثالثة موجّهة إلى الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب، متهما إياه باتباع سياسة الكيل بمكيالين.
وقال بن نصر في هذا السياق: “ترامب يقول إن الولايات المتحدة لم تنس ما حدث في 7 أكتوبر، لكنه استطاع أن ينسى إبادة أكثر من 70 ألف فلسطيني وتشريد الأطفال والنساء وتهجيرهم قسرا وتجويع الآلاف”.
وختم بالتأكيد على أنّ هذه المسيرة في تونس هي امتداد لحراك عالمي متنام ضد الحصار والقتل الجماعي في غزة، وأنّ الضغط الشعبي والإعلامي سيظل الوسيلة الأقوى لمساندة النشطاء والأسطول حتى تحقيق مهمته الإنسانية.
وأبحر أسطول الصمود العالمي الأسبوع الماضي من ميناء سيدي بوسعيد التونسي حاملا مساعدات إنسانية ودوائية، ومتجهًا نحو شواطئ غزة في محاولة جديدة لكسر الحصار عن القطاع. وبحسب المنظمين، غادرت حوالي 50 سفينة الموانئ الإيطالية وهي حاليًا في عرض البحر في اتجاه المياه الدولية المقابلة للقطاع، بينما تستعد بقية السفن للالتحاق بها تباعًا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس