في الوقت الذي عاشت فيها العديد من المدن على وقع المظاهر الاحتفالية لإحياء ذكرى 14 جانفي، غابت هذه المظاهر عن عدد من الجهات أو اقتصرت على الاحتجاجات والمسيرات. ونزل أنصار لأحزاب سياسية ومنظمات من المجتمع المدني الأحد 14 جانفي 2018 إلى الشارع الرمز لإحياء الذكرى السابعة للثورة، في احتفالات طغت عليها الشعارات والشعارات المضادة.
وبرز الانقسام جليا في الذكرى السابعة للثورة حيث كان المتظاهرون في شكل مجموعات متفرقة، هنا مؤيدو حركة النهضة الإسلامية التي تشارك في الحكومة وهناك أنصار الجبهة الشعبية المعارضة يحتجون بينما تجمع النقابيون أمام مقر الاتحاد العام التونسي رافعين شعارات ضد غلاء الأسعار.
احتفالات حركة النهضة كانت فنية بالأساس ولم يعتمدوا الاحتجاج وسيلة للاحتفال لكن مسيرات العاصمة تخللتها مناوشات بين أنصار “الجبهة الشعبية” وأنصار “حركة النهضة”. ورفع أنصار الحزبين الرايات والشعارات على مسافة قريبة من بعضهما البعض، ووصل الأمر حد الاستفزاز والاحتكاك أحيانا وسط شارع الحبيب بورقيبة. وردد أنصار النهضة، التي ظلت محظورة من 1981 حتى ثورة 2011، “الشعب يريد النهضة من جديد”، في إشارة إلى عودتها للحكم.
وانتشر الأمن بكثافة في الشارع للحيلولة دون حدوث صدامات. وقال وليد بن حكيمة، المتحدث الرسمي باسم الإدارة العامة للأمن الوطني في الداخلية التونسية: إن “احتفالات العيد السابع للثورة التونسية تمت وسط إجراءات أمنية مشددة، عن طريق تأمين جميع مداخل شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس”. وأضاف أنه “لا يوجد أي خطر أمني يهدد الاحتفالات”، وأن هذه الإجراءات تمت توقِّياً من حدوث أي طارئ من أجل تأمين الاحتفالات بذكرى الثورة. ونصبت الشرطة، منذ الصباح الباكر، حواجز تفتيش في جميع الشوارع المؤدية إلى شارع “الحبيب بورقيبة” بقلب العاصمة، في حين يخضع جميع الناس للتفتيش عند دخولهم شارع بورقيبة حيث تقام الاحتفالات.
ولم تفلح الحكومة في تهدئة الاحتجاجات على الرغم من إعلانها عن “حزمة من الإجراءات والبرامج الاجتماعية المصاحبة لقانون المالية”.
وأكدت الجبهة الشعبية أنها ستواصل الاحتجاج إلى حين إسقاط قانون المالية، وذلك رغم الإجراءات التي أعلنتها الحكومة لفائدة العائلات الفقيرة والعاطلين عن العمل. وقال حمة الهمامي المتحدث الرسمي باسم “الجبهة الشعبية”، التي تضم مجموعة من الأحزاب والسياسيين المستقلين، في تصريح لقناة “RT”، إن الإجراءات، التي أعلنت عنها الحكومة التونسية جاءت متأخرة ومحدودة لفائدة الطبقة الفقيرة.
وقال أحد المحتجين واسمه فؤاد بينما كان يحمل قفة فارغة “هذا ما جنته علينا الحكومة ..قفة خاوية وجيوب خاوية بقرارات جائرة..أنا أستاذ (معلم) وزوجتي أستاذة لكننا أصبحنا نعاني اليوم لنلبي ما نحتاج”. ويضيف “لم نجن سوى حرية التعبير منذ الثورة.. ولكننا سنظل في الشوارع حتى نفتك حقوقنا الاقتصادية مثلما افتكننا حريتنا.. لن يمروا”. وفي الجهة الأخرى من شارع الحبيب بورقيبة تجمع أيضا عاطلون عن العمل مطالبين بتوظيفهم.
وقال الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي الذين كان يلقي خطابا وسط حشود من النقابيين “الشعارات التي رفعتها الجماهير المنتفضة مع انطلاق الثورة المطالبة بالتنمية والتشغيل والعيش الكريم لا تزال تدوي إلى اليوم في ظل الفشل الذريع للحكومات المتعاقبة”.
وشهدت قفصة تنظيم الجبهة الشعبية لوقفة احتجاجية تلتها مسيرة سلمية جابت الشوارع. كما نظم المركب الشبابي بالجهة عروضا مسرحية بمناسبة إحياء ذكرى الثورة التونسية، فيما غابت مظاهر الاحتفال عن مقر المعتمدية. في حين نظمت بلدية سيدي عيش مجموعة من الأنشطة الرياضية.
وأكد نائب مجلس الشعب عمار عمروسية على ان “تاريخ ثورة 17 ديسمبر 14 جانفي اليوم هو عنوان لسبع سنوات من الثورة المهدورة والمغدورة “. وقال عمار عمروسية: ” دون شك هناك مكتسبات تحققت لكن المكسب الاهم هو الحرية لكن الحرية والديمقراطية دون حقوق اقتصادية واجتماعية تفقد قيمتها الكبيرة”.
وقال عمروسية :”من المفروض اليوم ان يحتفل التونسيون بذكرى ثورتهم لكن الذكرى السابعة اليوم هي بطعم المراراة والغضب و بطعم الاحتجاج على موجة الغلاء الفاحش للاسعار”.
واشار عمروسية الي ان مسيرة اليوم والوقفة الاحتجاجية بولاية قفصة “هي من اجل العمل على تعليق فصول المالية الجائر”، مؤكدا في الوقت نفسه “ان الجبهة الشعبية وبمشاركة بعض القوي المدنية من الشمال الى الجنوب في نضال سلمي من اجل ايقاف العمل بقانون المالية الحالي ” .