جدل حول رشاوي “دبلوماسيين تونسيين” لكسب تأييد نواب أوروبيين

69

 

خلق تقرير لصحيفة “لوموند” الفرنسية حول تقديم دبلوماسيين تونسيين رشاوى لنواب بالبرلمان الأوروبي حتى لا يتم تصنيف بلدهم ضمن القائمة السوداء للبلدان الأكثر عرضة لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، جدلا واسعا في تونس، وأثار أزمة بين الصحيفة والدولة التونسية التي فنّدت ما تم ترويجه في التقرير واعتبرته “إساءة لتونس”.

وكانت صحيفة “لوموند” الفرنسية تحدثت في تقرير نشرته نهاية الأسبوع الماضي عن “هدايا” تلقاها نواب البرلمان الأوروبي من قبل وزارة الخارجية التونسية تمثلت في “تمور وزيت زيتون تونسي” (منتجات تونسية فاخرة ومشهورة) بهدف حثهم على التصويت ضد إدراج تونس ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

وأضافت الصحيفة أن هذه “الهدايا” المرسلة فشلت في إقناع النواب الأوروبيين بالتصويت لصالح تونس ک “ديمقراطية ناشئة تحتاج للدعم الدولي”، كما لم تكن كافية لسحب تونس من اللائحة. ونقلت عن مصدر من داخل البرلمان الأوروبي قوله إن “العديد من النواب من المعسكر الموالي لتونس، من بينهم المحافظون والديمقراطيون الاجتماعيون، كانوا قلقين من إدراج تونس في القائمة بحجة أنه لا يجب تحطيم ديمقراطية هشة”.

الخارجية التونسية تنفي

نفت وزارة الخارجية التونسية، ما جرى تداوله على مدى اليومين الماضيين حول تقديمها هدايا لعدد من البرلمانيين الأوروبيين، للحصول على دعمهم وحثهم على التصويت ضد قرار مفوضية الاتحاد الأوروبى بإدراج تونس بقائمة الدول “عالية المخاطر” فى مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

وقال مصدر بوزارة الشؤون الخارجية التونسية، فى تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، إن ما تداولته بعض مواقع التواصل الاجتماعى نقلا عن صحيفة “لوموند” الفرنسية غير صحيح، مشددا على أن الوزارة إذ “تنفى قطعيا صحة هذا الخبر، فإنها تعبر عن استغرابها لترويجه فى صحيفة طالما ادعت المصداقية والحرفية وامتلاك الحقيقة المطلقة، فى محاولة للانتقاص من قيمة الجهود المكثفة التى بذلتها تونس فى هذا المجال، وتشكيكا فى نزاهة النواب الذين صوتوا لصالحها”.

وعبر المصدر ذاته عن استغراب الوزارة من “تعمد بعض الأطراف فى تونس توظيف هذا الخبر، الكاذب أصلا، ونسبته لوزارة الشؤون الخارجية دون التأكد من مصداقيته، الأمر الذى يطرح عديد التساؤلات حول الغايات والدوافع الحقيقية وراء ترويج مثل هذه الأخبار المسيئة لصورة تونس، فى ظرف يستدعى تكاتف جهود الجميع”.

وشدد المصدر، على أن تصويت 357 نائبا من مختلف الكتل فى البرلمان الأوروبى لصالح تونس “كان عن قناعة تامة بحاجة تونس لدعم أوروبى يتماشى مع نجاح مسارها الانتقالى وتفرد تجربتها الديمقراطية، واستجابة للجهود السياسية والدبلوماسية الكبيرة التى بذلتها تونس لإقناع مختلف دوائر القرار الأوروبى بضرورة سحبها من هذه القائمة”.

وأكدت وزارة الشؤون الخارجية التونسية، على لسان المصدر المذكور، أن النواب الأوروبيين الـ357 الذين صوتوا لصالح تونس، اعتبروا أن تبنى مفوضية الاتحاد الأوروبى بصفة آلية، وفى ظلّ غياب منظومة تقييم مالى خاصة بها، لتقرير صادر عن مجموعة العمل المالى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA/GAFI)، كان قرارا مجحفا لحق تونس، لم يراع مسارها الانتقالى وتعهداتها بتطوير منظومتها التشريعية والمالية من أجل مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

انتقادات من القوى السياسية

وأثار هذا التقرير جدلا سياسيا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، تراوح بين الاستياء من طريقة إدارة الدبلوماسية التونسية ومعالجتها للأزمات الدولية التي تعترض البلاد، والأسلوب الذي اتبعته لإصلاح صورة تونس المتضررة في الخارج، بعد شهر فقط من سحبها من قائمة أوروبية سوداء للملاذات الضريبية، وبين السخرية من هذا الأمر.

وتعليقاً على ذلك، قال ثابت العابد القيادي في حزب “نداء تونس” إن الأسلوب الذي اتبعته الدبلوماسية التونسية “يعكس بيئة وواقعا فاسدين ومحسوبية وزبونية ورشوة وسطحية لا مثيل لها في معالجة الأمور”، واصفاً ذلك بـ “حركة التملق والمحاولة الفاشلة البائسة للعق أقدام أعضاء البرلمان الأوروبي لعدم تصنيف تونس عبر تقديم الزيت والتمر، ولكنها تفشل.. كما تواصل منظومة الحكم الإصرار على الفشل”.

أما عبد الوهاب الهاني رئيس حزب “المجد” فقد قال إنه “كان من الأجدر على الدولة التونسية عوض إرسال زيت الزيتون ودقلة النور (نوع من التمور التونسية) لتغيير موقف نواب البرلمان الأوروبي من وضع تونس على القوائم السوداء لمخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، إرسال وفد من البنك المركزي التونسي ومن هيئة التحليلات المالية، ومن الوزراء ذوي الاختصاص والكفاءة والنزاهة والمصداقية، ووفد من هيئة مكافحة الفساد، ووفد من البرلمانيين التونسيين من مختلف المشارب ومن اللجان ذات الصلة بمحاربة الفساد ومكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال.. لإقناع نظرائهم وزملائهم الأوروبيين بالخطوات والالتزامات التي اتخذتها والتي تنوي بلادنا اتخاذها لحماية اقتصادنا وترابنا الوطني والإنسانية جمعاء من آفات الإرهاب والفساد وغسيل الأموال القذرة”.

وكان البرلمان الأوروبي صنّف، الأربعاء الماضي، تونس في قائمة الدول عالية المخاطر في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب رغم المعارضة الشديدة من قبل 283 نائبا في البرلمان، وهو الأمر الذي أغضب السلطات التونسية التي احتجت على هذا التصنيف بسبب الجهود التي قامت بها في مجال مكافحة الإرهاب، واعتبرته قرارا “مجحفا ومتسرعا في حقها”.

 

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here