ديوان المظالم الأوروبي ينتقد اتفاق الهجرة مع تونس لانتهاكه حقوق المهاجرين

50
ديوان المظالم الأوروبي ينتقد اتفاق الهجرة مع تونس لانتهاكه حقوق المهاجرين
ديوان المظالم الأوروبي ينتقد اتفاق الهجرة مع تونس لانتهاكه حقوق المهاجرين

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. انتقدت هيئة رقابية تابعة للاتحاد الأوروبي اتفاق الهجرة الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي مع تونس، واعتبرت أنه يفتقر إلى الشفافية ولا يحترم حقوق الإنسان، الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة لضمان عدم “تقديم أموال الاتحاد الأوروبي لمثل هذه الاتفاقيات”.

يأتي ذلك بالتزامن مع نشر نتائج دراسة توصلت إليها منظمات تونسية ودولية وهيئات تابعة لـ”الأمم المتحدة” على مدى العامين الماضيين وتقول إن أن تونس لا يمكن اعتبارها “مكانا آمنا” على النحو المحدد في “الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار” لعام 1979، و”لجنة السلامة البحرية” والهيئات الأممية، بالنسبة للأشخاص الذين يتم اعتراضهم أو إنقاذهم في البحر، لا سيما السود منهم.

وأكدت أمينة المظالم الأوروبية أنّ الاتحاد الأوروبي فشل في نشر “معلومات” توضّح الكيفية التي تعتزم بها المفوضية الأوروبية ضمان احترام حقوق الإنسان وحماية المهاجرين من المخاطر التي حددتها قبل توقيع الاتفاقية مع تونس في يوليو 2023.

وقالت أمينة المظالم الأوروبية إيميلي أوريلي في نتائج، نُشرت الأربعاء للتحقيق الذي فُتح منذ شهر أبريل واختتم نتائجه في شهر أكتوبر الحالي، إنّ “الافتقار إلى المعلومات المتاحة للعامّة في هذه القضية كان مصدرا مقلقا بشكل واضح”. وكانت الاتفاقية المثيرة للجدل والتي انتقدها الكثير من الحقوقيين في تونس والاتحاد الأوروبي خضعت لتدقيق بشأن كيفية التعامل مع المهاجرين.

ووقع الاتحاد الأوروبي وتونس على اتفاقية الهجرة في يوليو 2023، والتي توفر مساعدات شاملة من الاتحاد الأوروبي لدعم الاقتصاد التونسي المتذبذب ودعم الاستثمار في الطاقة المتجددة والاتصال الرقمي، بالإضافة إلى 105 ملايين يورو تدفع لتحسين إدارة الحدود وكتكاليف إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية.

وأثيرت مخاوف بشأن طبيعة مذكرة التفاهم بشكل عام وبشأن دعم مبادرات مراقبة الحدود بشكل خاص.

وتم إجراء هذا التقييم “بعناية واجتهاد”، وفق أمينة المظالم، التي قالت في تصريحات صحفية: “من المستحيل أيضا تجاهل التقارير المزعجة للغاية التي لا تزال تظهر حول وضع حقوق الإنسان في تونس، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمعاملة المهاجرين”.

وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهها المشرعون التقدميون والمنظمات الإنسانية، الذين حذروا من أن بروكسل غضت الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان ومنحت الرئيس قيس سعيد “سلطة ابتزاز الكتلة الأوروبية”، فقد دافعت المفوضية باستمرار عن الصفقة وروّجت لترتيبات مماثلة مع مصر وموريتانيا وليبيا.

واتهمت جهات حقوقية تونسية وأوروبية السلطات التونسية بممارسة الضرب والاحتجاز التعسفي والطرد الجماعي والإخلاء القسري ضد الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى. وفي الوقت نفسه، تعرض الرئيس قيس سعيد لانتقادات بسبب ترويجه لنظرية “الاستبدال الكبير” التي وصفت بالعنصرية.

ووفق تقرير ديوان المظالم الأوروبي لا مبرر للمزيد من التحقيقات، لكن يجب على الهيئة الرقابية في المفوضية على وضع “معايير مفصلة” يمكن أن تؤدي إلى تعليق أموال الاتحاد الأوروبي في حالة اكتشاف انتهاكات للحقوق الأساسية في تونس.

وقال بيان وقعته مؤخرا 61 منظمة من منظمات الإغاثة التونسية والدولية “إن التعاون الجاري بين الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وتونس بشأن مراقبة الهجرة والذي يشمل الاعتماد على إمكانية إنزال الأشخاص الذين تم إنقاذهم أو اعتراضهم في البحر في تونس – على غرار التعاون السابق مع ليبيا – يساهم في انتهاكات حقوق الإنسان”.

وجاء في البيان، الذي تلقى موقع “أفريقيا برس” نسخة منه، أن “تونس ليست مكانا آمنا للأشخاص الذين يتم إنقاذهم في البحر”، مضيفا أنه “في ظل انتهاكات حقوق الإنسان المتفشية ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين في تونس، وخاصة الأفارقة منهم؛ وفي غياب نظام لجوء في تونس؛ وحملة الحكومة التونسية على المجتمع المدني واستقلالية القضاء ووسائل الإعلام؛ واستحالة تحديد الجنسيات أو تقييم احتياجات الحماية للمهاجرين وطالبي اللجوء بشكل عادل وفردي أثناء وجودهم في البحر، من الواضح أن تونس ليست مكانا آمنا لإنزال الأشخاص الذين يتم اعتراضهم أو إنقاذهم في البحر”.

واعتبر الموقعون أن “السياسات الأوروبية التي تهدف إلى نقل إدارة الحدود إلى تونس تدعم السلطات الأمنية التي ترتكب انتهاكات خطيرة. تُعيق هذه السياسات أيضا حقوق الناس في مغادرة أي دولة وطلب اللجوء، وتُبقي اللاجئين والمهاجرين في دول تتعرض فيها حقوقهم الإنسانية للخطر. علاوة على ذلك، قد يُشكل إنزالهم في تونس خطرا عليهم ويُعرضهم لأذى جسيم، كما يزيد من خطر تعرضهم للطرد الجماعي إلى ليبيا والجزائر، مما قد ينتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية”.

واعتبر البيان أن “منطقة البحث والإنقاذ التونسية” التي أنشِأت في 19 يونيو 2024 قد تصبح أداة أخرى لانتهاك حقوق الناس بدلا من أن تكون وفاء مشروعا بمسؤولية حماية السلامة في البحر. تعاوُن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء مع تونس بنفس طريقة تعاونهم مع ليبيا، قد يؤدي إلى تطبيع الانتهاكات الخطيرة ضد الأشخاص الساعين للحماية ويقوّض نزاهة نظام البحث والإنقاذ الدولي من خلال تحويله لخدمة أهداف مراقبة الهجرة”.

وقال رمضان بن عمر، ناشط حقوق الإنسان في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لـ “أفريقيا برس”، “الانتقادات لاتفاق الهجرة يأتي في ذات سياق انتقادات سبق للمنظمات الحقوقية التونسية أن وجهتها لمذكرة التفاهم واعتبرها لا تؤسس لعلاقات جديدة بين الاتحاد الأوروبي وتونس بل تكرس الهينة والرؤية الأحادية الأوروبية خاصة في علاقة بقضايا الهجرة”.

ويصف بن عمر أن الانتقادات الأوروبية بأنها “انتقادات خجولة وغير قادرة على تغيير الوضع والتأثير في مسار مذكرة التفاهم التي تم تسويقها على أنه مثال ناجح، وتحظى برضاء أوروبي كبير باعتبار النتائج التي حققها على مستوى انخفاض تدفقات المهاجرين إلى أوروبا بغض النظر عن السياسة والانتهاكات التي تقف وراء ذلك”.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تعهدت بمواصلة هذه الاستراتيجية في ولايتها الثانية، ووعدت بتطوير “ميثاق من أجل البحر المتوسط”. ومؤخرا أعلنت نجاح جهودها. وقالت: “إذا نظرت إلى طريق وسط البحر المتوسط، الذي نعمل عليه بشكل مكثف، فإن عدد الوافدين انخفض الآن بنسبة 64%”.

وخلص رمضان بن عمر إلى أن “التعاون بين تونس والاتحاد الأوروبي يحتاج إلى مراجعة ليس فقط على مستوى هذه المذكرة بل في عديد المسارات التي تنتهك حقوق وكرامة المهاجرين في تونس وتنتهك حقوق وكرامة المهاجرين التونسيين في أوروبا بما يضمن تعامل متكافئ واحترام لحقوق وكرامة المهاجرين”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here