أفريقيا برس – تونس. قال الرئيس التونسي قيس سعيد، الثلاثاء، إن الوقت حان “لتستفيق الإنسانية” أمام الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
جاء ذلك خلال لقاء سعيّد بقصر قرطاج، مع كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والشرق الأوسط وإفريقيا مسعد بولس، وفق بيان للرئاسة التونسية.
وبثت الرئاسة التونسية مقطعا مصورا يظهر سعيد وهو يستقبل بولس واقفا، ثم بدأ يعرض على بولس صور أطفال جياع في غزة، يظهر في أحدها طفل يبكي وهو يتناول بملعقة رملا من طبق.
وفي اللقاء، استعرض الرئيس سعيد أمام المسؤول الأمريكي صورا لجرائم الإبادة الإسرائيلية في غزة قائلا: “هذه الصور تعبر عن الجرائم الوحشية التي ارتكبتها إسرائيل على المدنيين العزل”.
وأوضح أن “الشعب الفلسطيني يجب أن يقرر مصيره لوحده وهو صاحب الأرض”. وأضاف: “آن الأوان أن تستفيق الإنسانية أمام هذه الجرائم. وكل فلسطين للفلسطينيين حتى تقام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف”.
وقال سعيد: “أعتقد أن هذه الصور تعلمها جيدا. طفل يبكي يأكل الرمل في فلسطين المحتلة. هذه صورة من عديد الصور. يأكل الرمل، في القرن الـ21، لم يجد ما يأكل والرمل بين يديه”.
ثم استعرض صورة أخرى لطفل برزت عظامه من تحت جلده جراء التجويع الإسرائيلي، وقال “بين يدي صورة أخرى. هذه صورة أخرى لطفل على وشك الاحتضار، لأنه لم يجد ما يأكل. ولديكم بالتأكيد العديد من الصور الأخرى”.
ومستعرضا صورة ثالثة، أكد سعيد “هذا غير مقبول على الإطلاق. هذه جريمة ضد الإنسانية كلها. طفل على وشك الاحتضار أيضا. يكاد يموت جوعا، ولعله قد قضى”.
واستطرد قائلا “هذه صور لطفل آخر لم يجد حتى قطرة ماء. وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق”، كما تساءل مستنكرا “هل هذه هي الشرعية الدولية؟ هذه الشرعية التي تتهاوى يوما بعد يوم، ليس لها أي معنى حينما ننظر إلى هذه المآسي، التي يعانيها الشعب الفلسطيني في كل يوم وكل ساعة”.
ومضى قائلا “صور كثيرة ودعوات كثيرة، والمجتمع الإنساني اليوم صار يندد بهذه الجرائم. المجتمع الإنساني تجاوز المجتمع الدولي الذي بدأ يتهاوى في كل أنحاء العالم”.
وممسكا بصورة لفلسطينيين يحملون جثامين أطفال رضع قتلى، تساءل سعيد مستنكرا “هؤلاء رضع. ما ذنبهم وما ذنب الشعب الفلسطيني في حقه أن قرر مصيره بنفسه؟!. صور كثيرة ولا بد من أن نضع حدا لها”.
وشدد على أنها صور صادمة لكل الإنسانية وتعبر عن الوحشية وعن الإجرام والحرب التي تقوم بها القوات الصهيونية لإبادة الشعب الفلسطيني، مضيفا: “هىف هذه الحرب أن يستبطن الشعب الهزيمة. ولكن الشعوب الحرة لن تقبل الهزيمة أبدا”.
وأمام كاميرات الإعلام، استمر سعيد لنحو 6 دقائق في استعراض صور والحديث عن التجويع ضمن الإبادة. وكان سعيد واقفا بينما اكتفى بولس بالإصغاء وهز رأسه وتوزيع نظراته بين الصور ومستضيفه.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، خلفت أكثر من 201 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
وشدّد سعيّد على أن “تونس اختارت أن تُوسّع من شراكاتها الاستراتيجية بما يخدم مصالح شعبها ويُحقّق مطالبه وتطلعاتها”.
وأكد على أن” القضايا داخل كل دولة عربية يجب أن تحلّها شعوبها دون أي تدخّل أجنبي تحت أي مبرّر”.
والثلاثاء، بدأ بولس زيارة رسمية إلى تونس غير معلنة المدة، ضمن جولة مغاربية تشمل أيضا ليبيا والجزائر والمغرب.
وكتب بولس على حسابه في إكس: “يسعدني زيارة تونس في الوقت الذي نحتفل فيه بمرور أكثر من 200 عام على الصداقة بين الشعبين الأمريكي والتونسي”.
وأضاف: “نتطلع إلى مناقشة التعاون في مصالحنا المشتركة لتحقيق منطقة أكثر سلامًا وازدهارا”.
وتأتي زيارة بولس بعد أيام من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن بلاده ستفرض رسوما جمركية على تونس بقيمة 25 بالمئة، مع بداية أغسطس/ آب المقبل، وذلك بهدف “تقليص العجز التجاري معها”.
وفي اجتماع منفصل، التقى بولس وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي، بمقر الوزارة في العاصمة، حيث عبّرا عن التزامهما بمواصلة تطوير العلاقات وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين الصديقين ويسهم بدعم التنمية والاستقرار على المستويين الإقليمي والإفريقي، وفق بيان للخارجية التونسية.
وبحث الجانبان سبل تعزيز التعاون الثنائي في عدد من المجالات تشمل المبادلات التجارية وتحفيز الاستثمارات الأمريكية في تونس.
وأكد الوزير التونسي على الفرص الواعدة التي تُتيحها السوق في بلاده، داعيا الشركات الأمريكية إلى المشاركة في إنجاز المشاريع الكبرى ذات البعد الاستراتيجي.
من جانبه، أكد بولس “حرص الجانب الأمريكي على أهميّة تكريس التشاور والتعاون مع الجانب التونسي على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف بما يحقق مزيدا من التقارب بين البلدين والمؤسسات التونسية والأمريكية في القطاعين العام والخاص”، وفق البيان ذاته.
كما ناقش الطرفان تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية، وفي مقدّمتها الوضع الإنساني المتأزم في غزة، حيث أكد الوزير التونسي ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والطبية بشكل عاجل، محذّرا من التداعيات الإنسانية الخطيرة للتأخر في تلبية احتياجات السكان بالقطاع.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس