آمنة جبران
أفريقيا برس – تونس. كشفت تنسيقية العمل لأجل فلسطين، في بيان نشر على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، بأن” قافلة الصمود تتعرض منذ عشية الجمعة 13 جوان/ يونيو إلى عملية حصار ممنهجة وصلت إلى درجة التجويع.”
وأشار البيان أن “سلطات شرق ليبيا لم تكتف بمنع تقدم القافلة نحو سرت، ولا بعزلها تماماً عن العالم الخارجي عبر تعطيل شبكات الاتصالات والأنترنت. بل صعدت الجمعة من تضييقها عبر منع وصول أي تموينات بالغذاء والماء والدواء للمشاركين في القافلة الذين يناهز عددهم الألف وخمسمائة.”
وبينت التنسيقية أنه “بعد أن منعت القوى الأمنية بالقوة وصول “قافلة الفزعة لقافلة الصمود” التي نظمها بعض الإخوة الليبيين من داعمي القافلة، أمعنت القوى الأمنية في حرمان أعضاء القافلة من التموين الضروري لاستمرار اعتصامهم على مشارف مدينة سرت. وذلك عبر التنكر لوعودها لنا بالسماح لأعضاء هيئة التيسير والنظام بإدخال المواد التموينية. حيث منعت ليلة الجمعة، أعضاء الهيئة من العودة إلى المخيم بالاحتياجات الأساسية للمشاركين.
كما منعت حوالي خمسين مشاركا آخر من الالتحاق بالقافلة، مما أدى إلى تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء: الأول بالمكان الأصلي للمخيم، الثاني على بعد كيلومتر ونصف (مع منع أدنى درجات التواصل بينهما) والثالث في منطقة آمنة تتوفر على شبكة الاتصالات على بعد 40 كلم، حيث تجمع بضعة عشرات من المشاركين الذين منعوا من العودة إلى المخيم.
وأكد رائد بربخ، وهو فلسطيني من قطاع غزة ومقيم في ليبيا، وأحد المشاركين بالقافلة في مدينة مصراتة في تصريح خاص لـ”أفريقيا برس” بأن “قوات سلطات الشرق منعتهم من العبور إلى سرت للانضمام إلى القافلة، وطلبت منهم العودة.” لافتا إلى “الإجراءات الأمنية المشددة المحيطة بالمنطقة.”
وعمدت الأجهزة الأمنية إلى ملاحقة وإيقاف عدد من المشاركين بالجزء الثاني من المخيم بزعم تنزيلها فيديوهات مسيئة لسلطات بنغازي، دون السماح لهم بمرافقة محامي أو الاتصال بأهلهم، كما فعلت الأمر نفسه بالجزء الرئيسي من المخيم، وفق بيان التنسيقية.
وبلغ تعسف القوى الأمنية إلى درجة تهديد أحد عناصرها بعض المشاركين بالسلاح إثر احتجاجهم على الإيقاف التعسفي لأحدهم.
ويأتي كل هذا التصعيد من طرف القوى الأمنية لحكومة شرق ليبيا، في الوقت الذي تواصل فيه هيئة التسيير بالقافلة مفاوضاتها مع ممثلين عنها من أجل إيجاد حل مقبول يضمن تقدم قافلة الصمود نحو الحدود الليبية- المصرية.
وعقد ممثلي القافلة،الجمعة، اجتماع مع عدد من وزراء الحكومة وقادة الأجهزة الأمنية. وتداول الطرفان خلال الاجتماع، الذي لم يخل من التشنج ونبرة التهديد، بعض المقترحات مع الاتفاق على استئناف المحادثات اليوم السبت. إلا أن أعضاء الهيئة تفاجئوا لدى عودتهم إلى المخيم باكتشاف تدهور الوضع الأمني والإنساني للمشاركين، رغم وعود ممثلي الحكومة بتحسينها.
واعتبرت هيئة القافلة عودة سلطات الشرق عن وعودها بمثابة محاولة جديدة للضغط على القافلة وقيادتها كي ترضخ للشروط غير المعقولة لسلطات شرق ليبيا، ونظيرتها المصرية.
وأكد هيثم بدر، أحد المشاركين في قافلة الصمود في تصريح خاص لـ”أفريقيا برس” أن “المفاوضات مازالت جارية بين ممثلي القافلة وحكومة الشرق الليبية”. موضحا أن “القافلة رفضت مقترح العودة إلى تونس، ومصرة على المضي في طريقها نحو معبر رفح لفك الحصار عن قطاع غزة رغم ما تتعرض له من ضغوطات.”
وطلبت قافلة الصمود الحكومة الليبية بالشرق إلى الكف عن هذه الممارسات التعسفية، والمناقضة لاعتبارات الأخوة المغاربية والعربية، ولما سبق أن صرحت به من التزام بنصرة فلسطين وأهلنا الصامدين في غزة.
وجددت دعوتها بضرورة وقف حصارها التجويعي المشين للقافلة المتواجدة في منطقة شبه صحراوية، تحت شمس حارقة، وإلى فك العزلة عن العالم التي فرضتها عليهم عبر قطع شبكات الاتصالات والإنترنت.
كما طالبت القافلة بالإفراج عن المشاركين الذين اعتقلتهم ووقف كل أشكال المضايقات والهرسلة ضدهم.
وأكدت قافلة الصمود، ومن ورائها تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين، أنّها لن تنثني أو تتراجع، مهما بلغت التضييقات والتضحيات، عن غايتها الإنسانية السامية والوحيدة: التوجه إلى معبر رفح للمساهمة في وقف الحصار والإبادة في حق شعبنا الفلسطيني الصامد في غزة.
ودانت أوساط سياسية وشعبية تعاطي حكومة الشرق في ليبيا مع قافلة الصمود المغاربية، بعد إيقافها ومنعها التقدم نحو سرت.
ورغم الترحاب والتـأييد الواسع الذي لاقته القافلة في غرب ليبيا أثناء تواجدها في طرابلس، إلا أن حكومة الشرق وضعت شروطا لعبور الأجانب إلى منطقة سلوم الحدودية، في خطوة أخرى تكشف عمق الانقسام الليبي.
وإزاء هذه التطورات يستبعد متابعون ومحللون، نجاح القافلة في تجاوز الحدود الليبية، خاصة أن ردة فعل سلطات الشرق وفق تقديرهم هي بمثابة رفع حرج عن الحكومة المصرية، التي ألمحت عن رفضها عبور القافلة بحجة عدم استيفاء شروط السفر والتنقل.
وقال عصام الزبير الكاتب والمحلل السياسي الليبي في حديثه مع “أفريقيا برس” أن “القافلة أوقفت بدواع غريبة جدا بحجة أن المشاركين بدون جوازات، أو جوازتهم متجاوزة للصلوحية، وهو أمر غريب حيث لا يمكن أن تقبل به بوابة تونس الحدودية.”
وأضاف “كنا نتوقع أن تحصل بعض المشاكل للقافلة، لكن ليس إلى هذه الدرجة، فبعد الترحيب في الغرب، يقع محاصرتها في منطقة بقرب من سرت والتشويش عليها، وقطع الانترنت ومنع وصول التعذية والتموين إليها”.
وأردف “في الحقيقة لا أعتقد أن من يقوم بوضع طائرة تحوم على مسافة قريبة من المحاصرين من أفراد القافلة، أن يفتح لها المجال للمرور، خاصة بعد اعتقال ثلاثة من صانعي المحتوى من المشاركين فيها، وأيضا بعد منع وصول المساعدات الداعمة لها من غرب البلاد مثل مصراتة وطرابلس.”
واستنتج “هذا دليل على أن القافلة غير مرحب بها، ولن تستمر إلى الأمام، وعلى العكس هناك ضغوطات تمارس ضدها حتى تتراجع عن هدفها في ظل غياب الأكل والماء ومتطلبات الحياة الضرورية، وخاصة في ظل تعمد قطع الانترنت عنها لعزلها.”
وخلص بالقول “الانترنت تعتبر من شواهد تقدم القافلة، وحينما تختفي يعني اختفاء لنشاطها، وقد تكون معرضة لأي عواقب غير محمودة.”
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس