قيس سعيد يدعو رجال الأعمال إلى “معركة تحرير وطني” ضد غلاء الأسعار

26
قيس سعيد يدعو رجال الأعمال إلى
قيس سعيد يدعو رجال الأعمال إلى "معركة تحرير وطني" ضد غلاء الأسعار

إلهام اليمامة

أفريقيا برس – تونس. أثار الرئيس التونسي قيس سعيد الجدل خلال لقاء جمعه برئيس منظمة الأعراف سمير ماجول وحديثه عن “ثورة تحرير وطني”، الجدل في الأوساط المحلية، فهناك من اعتبر أن الرئيس بالغ في استخدام المصطلحات الثورية وهناك من أيده معتبرا أن المواطن التونسي بات رهينة لسياسات الاحتكار والمضاربة وغلاء الأسعار ويحتاج فعلا إلى ثورة.

ودعا سعيد إلى “التعايش بين القطاعين العام والخاص لبناء تاريخ جديد لتونس”. وفي تعليقه على هذا اللقاء يقول المحلل السياسي التونسي غازي معلى لـ”أفريقيا برس”: “أولا سمير ماجول غائب عن الساحة منذ أشهر عديدة حتى على ساحة اتحاد الصناعة والتجارة، ثم إن هذه الدعوة تأتي في ظرف حساس على المستوى الاقتصادي حيث هناك ارتفاع فاحش للأسعار وأحيانا غير مبرر، وهو ظرف أيضا تشهد فيه العدالة الاقتصادية نوع من الركود”.

وكان قيس سعيد قال خلال لقائه رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الذي جاء بعد أيام من أدائه اليمين الدستورية رئيسا للبلاد لفترة ثانية، إن “غلاء الأسعار فاحش ومعاناة المواطنين لا يُمكن أن تستمر”.

وشدد الرئيس التونس على ضرورة القطع مع الأساليب المعهودة في مقاومة المضاربة والاحتكار، وهو موقف يؤيد فيه عدد كبير من التونسيين الذين سئموا من الوقوف في طوابير لشراء القهوة والسكر، وفقدوا الأمل في الحصول على قارورة واحدة من الزيت المدعم، وغير ذلك من المعاناة اليومية مع المواد التي تفقد من السوق بين ليلة وضحاها لتظهر بعد مدة وقد تضاعف ثمنها.

ودعا سعيد كل القطاعات إلى “انخراط كامل في معركة التحرير الوطني بالتخفيض في الأسعار”، وفق ما جاء في بلاغ للرئاسة التونسية. وشعار “التحرير الوطني” ليس مستجدا في حديث الرئيس التونسي بل جاء في صلب حملته الانتخابية، حيث اعتبر أن المعركة متواصلة مع “المتآمرين” و”لا معنى لأي حملة انتخابية ومعركة التحرير متواصلة”، وقبل ذلك كرر في مناسبة عديدة أن “السلطة ستفتح كل الملفات دون استثناء وستحبط كل ما يخطط له”.

ويقول معلى: “فيما يخص الدعوة إلى تحرير وطني، هو شعار رفعه الرئيس ولا بد من توضيحه أكثر، واعتقد أن المقصود به ما يسمى باللوبيات المتمكنة من بعض القطاعات وأيضا من بعض المسائل التي تعيق توزيع الثورة بعدالة وهو ما يعتبر بمثابة حرب تحرير وصراع كبير مع أجهزة نافذة ومجموعات لا بد من محاربتها وايجاد حل لذلك”.

ويضيف المحلل السياسي التونسي أنه “حسب وجهة نظر الرئيس فإن التعطيل يأتي من هذه المجموعات ولا بد من محاسبتها. ولتحقق هذا الشعار. لا بد من وضع استراتيجية عمل ووضع خطط وتصورات لذلك”.

ويبدو أن الرئيس التونسي يعمل على ذلك، فمباشرة بعد لقاء ماجول توجه إلى هنشير الشعال، في زيارة غير معلنة. وهنشير الشعال يعد من أكبر غابات الزيتون في العالم وهو على ملك الدولة التونسية. وقد شهدت هذه الملكية الاستراتيجية في الأمن القومي الغذائي التونسي عدة مشاكل هيكلية ودارت حول إدارتها شبهات فساد.

وقد شدد سعيد خلال هذه الزيارة التي تأتي في ذروة موسم جني الزيتون “لا مجال للتفريط في ملك التونسيين وحرب التطهير ضد الفساد ستستمر دون هوادة”.

واعتبر المتابعون أن حديث الرئيس موجه أساسا إلى رجال الأعمال المنخرطين في حملة تهدف إلى خوصصة عدة مرافئ ومؤسسات على ملك الدولة التونسية.

ويشكو التونسيون من ارتفاع مشط في أسعار المواد الغذائية الفلاحية والمصنعة إلى جانب فقدان العديد من المواد الأساسية المدعمة. وقد بلغ معدل التضخم 6.7 بالمئة.

ورحب كثيرون بدعوات الرئيس المتكررة لخفض الأسعار، لكنهم وإن أظهروا أملا في ما تحقق من حرب ضد الفساد والتحقيقات التي فتحت في عدة ملفات مثل ملف الشهائد العليا المزورة، إلا أنهم مازالوا يشككون في تحقيق خطوات ملموسة.

وتقول السيدة رفيقة السعدي، وهي أم لأربعة أطفال، تعمل معينة منزلية لمساعدة زوجها على مصاريفهم: “لم نعد ننتظر تخفيضا في الأسعار لكن نتمنى أن لا ترتفع مجددا. لم نعد نقدر على تحمل أي ارتفاع، أحيانا نضطر لتقليص عدد وجبات الإفطار بسبب الغلاء. ثمن قارورة زيت، نستهلكها في أسبوع، وبعض المواد الغذائية يناهز أجرة يوم أو أكثر في تنظيف المنازل، هذا دون احتساب فاتورات استهلاك الماء والكهرباء ومصاريف المدرسة”.

ما تحدثت عنه السيدة رفيقة تردده أغلب العائلات في تونس، في حين يؤكد خبراء اقتصاد أن الحديث عن تخفيض الأسعار أمر سهل لكن تحقيقه صعب خاصة على مستوى الشركات الخاصة ورجال الأعمال وفي وقت ارتفعت فيه قيمة الاداءات.

ما تشكو منه السيدة رفيقة تكرره أغلب العائلات التونسية، و”ثورة التحرير الوطني” كما دعاها الرئيس التونسي تحتاج إلى حلول جذرية وطويلة المدى وتحديثا في المنظومة الاقتصادية ككل من القوانين إلى سير عمل المؤسسات والجبايات والاداءات والضرائب. فالحديث عن تخفيض في الأسعار أمر سهل لكن الاستجابة له، خاصة من طرف القطاع الخاص ورجال الأعمال، أمر صعب. والحرب على الفساد ضرورة قد تخفف قليلا من العبء إذا تم التعامل معها بشفافية وجدية مع ذلك يبقى الواقع غير مبشر خاصة بالنظر إلى مشروع قانون ميزانية 2025 وما يقترحه من توجهات لا إشارة فيها إلى خفض للأسعار أو مؤشرات عن انفراجة قريبة مع تراجع قيمة الدينار من جهة والوضع العالمي ككل من جهة أخرى والذي يلقي بضغطه أيضا على الداخل التونسي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here