لوموند: في تونس قيس سعيد.. الاستبداد هو الذي يسود

41
لوموند: في تونس قيس سعيد.. الاستبداد هو الذي يسود
لوموند: في تونس قيس سعيد.. الاستبداد هو الذي يسود

أفريقيا برس – تونس. قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن توقيف راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، يعزز إغلاق المشهد السياسي التونسي.

الصحيفة، أضافت أنه بينما كانت شوارع تونس العاصمة شبه فارغة يوم الثلاثاء الماضي مع مع اقتراب الإفطار قبل أيام قليلة من نهاية شهر رمضان، كان هناك ثلاثة رجال يجلسون في سيارة سوداء يناقشون فيما بينهم، ولا يوجد ما يشير إلى أنهم من الشرطة جاؤوا لتنفيذ ”أوامر الوالي” ولمنع الوصول إلى البيت الأبيض الصغير المقابل الذي يعمل كمقر لجبهة الإنقاذ الوطني (ائتلاف المعارضة الرئيسي للرئيس التونسي قيس سعيد).

يبرر أحدهم قائلا: “لا نعرف إلى متى سنبقى هناك.. نحن فقط نتبع التعليمات”. فيما يؤكد رئيس جبهة الإنقاذ، أحمد نجيب الشابي، لـ”لوموند” أن الشرطة “منعتهم من الوصول إلى المبنى دون أي مبرر”، قائلا إن “كل الحريات تنهار والاستبداد هو الذي يسود”.

كان يومها من المقرر عقد مؤتمر صحافي في مقر الجبهة، غداة توقيف زعيم حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي، راشد الغنوشي، البالغ من العمر 82 عاما، في منزله بالقرب من تونس العاصمة، وتفتيش مقر الحركة خلال الليل، واعتقال ثلاثة على الأقل من قياداتها. وبحسب المتحدث باسم الحرس الوطني التونسي، فإن هذه الموجة الجديدة من الاعتقالات جاءت نتيجة التصريحات الأخيرة للسيد الغنوشي.

كان هذا الأخير قد حذر قبل ذلك بيومين، خلال اجتماع عام، من تهميش بعض الاتجاهات السياسية، بما في ذلك الإسلام السياسي، معتبرا أن ذلك قد يثير خطر ”الحرب الأهلية”. تم تكليف لواء مكافحة الجرائم الإلكترونية بالتحقيق في هذه التصريحات على أساس المادة 72 من قانون العقوبات، التي تنص على عقوبة الإعدام بحق “مرتكب الاعتداء الذي يهدف إلى تغيير شكل الحكومة، لتحريض الناس على تسليح أنفسهم ضد بعضهم البعض، أو إحداث فوضى أو قتل أو نهب على التراب التونسي”.

ويوم الثلاثاء، تطرقت مذكرة داخلية موقعة من قبل وزير الداخلية، لتوجيه أجهزته لمنع الوصول إلى مقري جبهة الإنقاذ وحركة النهضة في جميع أنحاء البلاد.

نظام رئاسي مفرط

وهكذا -تضيف الصحيفة- تم اتخاذ خطوة إضافية في القضاء على قوى المعارضة بعد نحو عامين من “الانقلاب العسكري” في شهر يوليو عام 2021 الذي فرض بفضله الرئيس قيس سعيد، رئيس الدولة المنتخب في عام 2019، نظاما استثنائيا. منذ ذلك الحين، قام بتفكيك النظام البرلماني الذي وُضع في أعقاب ثورة 2011 ليحل محله نظام رئاسي مفرط يركز معظم السلطة في يديه.

واعتبرت “لوموند” أن الهجوم على حركة النهضة التي لعبت دورا مركزيا في الائتلافات الحكومية بعد 2011، هو أوضح دليل على ذلك. فقد أصبح المقر الرئيسي للحركة الآن محاطا بالشرطة، والشارع الذي يتيح الوصول إليه مغلق بحواجز معدنية وعربات الشرطة. بعد الإفطار، لم يأت أي ناشط أو مسؤول من حركة النهضة للاحتجاج على الحظر المفروض في الصباح أو اعتقال زعيمهم في اليوم السابق. كما في مساء يوم 25 يوليو عام 2021، بعد انقلاب قيس سعيد، لم تتخذ القاعدة الحزبية، أو ما تبقى منها، أي رد فعل.

وتنقل الصحيفة الفرنسية عن أحد أعضاء الحزب اشترط عدم الكشف عن هويته، قوله: “أعتقد أن ذكرى القمع في عهد بن علي ما تزال حية للغاية بالنسبة للكثيرين منهم”.

على بعد أمتار قليلة، تواصل الحياة مجراها في هذه الفترة من رمضان، إذ يلتقي عدد قليل من سكان الحي في مقهى صغير على الطريق الرئيسي. يبدو علي سعيدا وهو جالس على إحدى الطاولات. تم الإفراج عنه مؤخرا من مركز الاعتقال حيث أمضى عدة ليال ”بالخطأ”.

يقول هذا الرجل البالغ من العمر 40 عاما، إنه تم القبض عليه بعد تفتيش للشرطة، لأن اسمه وارد في ملف الأشخاص المطلوبين، قبل أن يطلق سراحه بعد بضعة أيام دون محاكمة. ويصف هذا الأخير الوضع قائلا: “إنه بلد القهر”. وتضيف صديقته: “في هذا البلد، لا يوجد شيء يمكن فهمه”. واعتقال السيد الغنوشي ووجود الشرطة المتمركزة أمام مقر حركة النهضة لا يثيران اهتمامه كثيرًا.

تفشي التضخم

بجانبهم، يجلس الطيب، المحاسب البالغ من العمر 60 عاما، والذي صوّت مرتين لحزب النهضة في عامي 2011 و2014، قبل أن يودع في صندوق الاقتراع ورقة بيضاء بالنسبة للانتخابات التشريعية الثالثة التي نُظمت في 2019. يقول هذا الأخير لـ“لوموند”: “عليك فقط الذهاب إلى السوق المركزي لفهم ما تمر به تونس”، مشيرا إلى التضخم المتسارع الذي تجاوز 15 في المئة في الربع الأول من 2023، للمنتجات الغذائية، مع زيادات تصل إلى 34 في المئة لبعض اللحوم.

في الوقت نفسه، تلقّى سمير ديلو، محامي السيد الغنوشي ومعارضين آخرين موقوفين، اتصالا من كتيبة مكافحة الجرائم الإلكترونية. وأُبلغ بأنه من المقرر عقد جلسة استماع جديدة للسيد الغنوشي، وأن حضور المحامين سيُسمح به هذه المرة. لكن عند مدخل ثكنة العوينة، حيث يوضع رئيس حركة النهضة رهن الاحتجاز لدى الشرطة، أُبلغ أنه سيتم قبول محامٍ واحد فقط في النهاية. ويشير السيد ديلو إلى أنه رفض الخضوع لهذه القاعدة التعسفية المفروضة دون سند قانوني. وقال إنه في ظل عدم وجود تهم تتعلق بالإرهاب، فإن المحققين “يحاولون كسب الوقت”.

فمنذ 25 يوليو 2021 وتعليق قيس سعيد لأنشطة البرلمان، مثُل راشد الغنوشي بانتظام أمام قاضي التحقيق في عدة قضايا تتعلق بشبهة فساد وغسيل أموال. كما أنه متهم بالإرهاب فيما يتعلق بقضية إرسال جهاديين تونسيين إلى سوريا والعراق. وقد تم بالفعل سجن العديد من الوزراء والمسؤولين التنفيذيين السابقين في حركة النهضة، ويواجهون تهماً مماثلة، تُذكِّر “لوموند”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here