
أفريقيا برس – تونس. أثار قرار الحكومة التونسية إعادة افتتاح مصب للنفايات في إحدى مدن ولاية صفاقس (شرق) ردود فعل غاضبة تسببت بمواجهات كبيرة بين المتظاهرين وقوات الأمن، حيث قام عدد من المحتجين بإحراق مركز للأمن فيما تحدثت مصادر عن وفاة شاب بعد استنشاقه للغاز المسيل للدموع، وهو ما نفته وزارة الداخلية، في وقت انتقد فيه سياسيون تعامل الحكومة مع أزمة النفايات في ولاية صفاقس معتبرين أن الحل لا يكون عبر قمع المتظاهرين.
وكانت وزارة البيئة أعلنت في بلاغ أصدرته مساء الاثنين استئناف نشاط مصب “القنة” المخصص للنفايات في منطقة “عقارب” التابعة لولاية صفاقس، مبررة القرار بـ”الحد من المخاطر الصحية والبيئية والاقتصادية في الولاية”، كما أشارت إلى أنها ستشرع فورا في “تنظيف ورفع الفضلات المتراكمة في الأحياء والنقاط العشوائية بالولاية بمشاركة ومساهمة كل الأطراف المعنية”.
وجاء القرار بعد ساعات من تكليف الرئيس قيس سعيد لوزير الداخلية توفيق شرف الدين بالتدخل العاجل لوضع حد لأزمة النفايات المستمرة منذ أشهر في ولاية صفاقس.
وتسبب القرار بموجة احتجاجات في منطقة “عقارب”، مساء الاثنين، دفعت قوات الأمن لاستخدام الغاز المسيل للدموع، فيما تحدثت بعض المصادر عن وفاة الشاب عبد الرزاق الأشهب (35 عاماّ)، بعد تعرضه للاختناق عقب استنشاقه للغاز.
إلا أن وزارة الداخلية نفت هذا الأمر، مشيرة إلى أن “المعني بالأمر توفي إثر إصابته بتوعك صحي طارئ في منزله الكائن على بعد 6 كلم من مكان الاحتجاجات، وتم نقله من قبل أحد أقاربه إلى مستشفى حيث فارق الحياة”.
وتجددت المواجهات صباح الثلاثاء بين المتظاهرين وقوات الأمن، قبل أن تقرر الشرطة الانسحاب من المنطقة، ما دفع المحتجين الغاضبين إلى اقتحام مقرّ مركز الحرس الوطني في “عقارب” وإضرام النار فيه.
وقالت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر إن ما يحدث في مدينة صفاقس “جريمة دولة وليست جريمة مواطن وثمة أزمة ثقة بين السلطة والمواطن ويجب أن تتحمل الدولة مسؤوليتها في ظل الاحتقان الحاصل”.
وانتقدت، في ندوة صحافية بالعاصمة، قرار إعادة فتح مصب “القنة” في منطقة “عقارب” رغم صدور قرار قضائي يقضي بإغلاقه منذ عام 2019، مضيفة “الدولة التي تكذب على المواطن، والحل لا يكون بالغاز المسيل للدموع”، كما طالبت بفتح تحقيق جدي في وفاة الشاب عبد الرزاق الأشهب.
وقال الناطق الرسمي باسم محاكم صفاقس القاضي مراد التركي إنه تم فتح تحقيق لمعرفة أسباب وفاة الأشهب، مشيرا إلى أنه سيتم تشريح جثته في قسم الطب الشرعي في مستشفى الحبيب بورقيبة في صفاقس.
ودعا عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد إلى “الاستقالة الفوريَّة لوزير الدَّاخليَّة في حكومة التَّدابير الاستثنائيَّة، لمسؤوليَّته المباشرة عن الأحداث في عقارب، من قمع للاحتجاجات السِّلميَّة اللَّيليَّة، واستعمال مفرط للقُوَّة وعشوائي للغاز المسيل للدُّموع، وترويع للأهالي، واقتحام للمستشفى، ومحاولة تزييف الحقائق والحلول محل القضاء بترويج بلاغ مُتسرِّع يدَّعي الوفاة الطَّبيعيَّة بالصُّدفة للشَّهيد الأشهب ودون حتَّى انتظار نتائج التَّشريح الطِّبِّي”.
وأضاف على صفحته في موقع فيسبوك “كان على وزير الداخلية فتح تحقيق إداري للتَّفقٌّديَّة وانتظار نتائج التَّشريح لتحديد أسباب الوفاة وإعطاء تعليماته لأعوان الأمن بالهُدوء وضبط النَّفس وعدم الانخراط في الهستيريتا التَّآمُريَّة. وكان يجب على الدَّولة التَّروِّي وتفادي ارتكاب جريمة دولة في عقارب، والتَّروِّي قبل إقرار فتح مصب “القنة” في تحدّْ صارخ للقضاء الَّذي أمر بغلق المصب ولإرادة السُّكَّان، في “مجلس وزاري مُضيَّق” بإشراف رئيس الجمهوريَّة والوزيرة الأولى ووزير الدَّاخليَّة في حكومة التَّدابير الاستثنائيَّة، وفي غياب وإقصاء وزيرتها ووزارتها البيئة الجهة التَّنفيذيَّة المختصة”.
وأعلن اتحاد الشغل (المركزية النقابية) إضرابا عاما في ولاية صفاقس، يوم الأربعاء، مستنكرا تعامل قوات الأمن مع المحتجين، محملة وزارة الداخلية المسؤولية عن وفاة الأشهب، كما طالب برفع “الحصار الأمني” المفروض على منطقة “عقارب”، مطالبا بإعادة إغلاق مصب “القنة” تفعيلا لقرار قضائي سابق حول هذا الأمر.
وتحت عنوان “لا لعودة الحلول الأمنية ومن أجل احترام الدولة لتعهداتها”، أصدر منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بيانا انتقد فيه “التدخل الأمني العنيف لفرض فتح مصب القنة المغلق بقرار قضائي في 2019 بعد نضالات مدنية سلمية لحراك مانيش مصب”، داعيا الدولة إلى “إنارة الرأي العام حول الاستراتيجية المزمع اتباعها لاحتواء نفايات صفاقس وتونس الكبرى مع اقتراب الآجال القانونية لغلق مصبي عقارب وبرج شاكير لكن كعادتها التزمت الدولة بالصمت وعملت على تصدير أزمة عجزها عن إيجاد البدائل والحلول إلى المواطنين بخلق صراعات مناطقية وجهوية وفئوية”.
كما دعا الرئيس سعيد إلى “القطع مع السياسات السابقة في التعامل مع الاحتجاجات الاجتماعية وفرض حلول أثبتت فشلها وتجسيم وعودها بإيجاد حلول وبدائل وتصورات حقيقة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئة التي طالما تكررت في خطاباتها”، محذرا من “عودة المعالجات الأمنية للتصدي للمطالب الاجتماعية المشروعة والتي لن تزيد الوضع الاجتماعي والسياسي إلا تعقيدا”.
وطالب أيضا وزارة البيئة باحترام تعهداتها واحترام القرارات القضائية والعمل على إيجاد حلول عاجلة للنفايات المتراكمة بولاية صفاقس وإدارة حوار جهوي تشاركي يفضي إلى حلول تحترم حقوق كافة الأهالي في بيئة سليمة.
ودعا المنتدى إلى “سياسة طوارئ وطنية لإدارة النفايات المنزلية والصناعية. يجب عليها أولاً تجميع ومعالجة أطنان النفايات التي تتناثر في المنطقة بأكملها. في الوقت نفسه، ينبغي أن يتضمن إجراءات للحد من إنتاج النفايات، وإنهاء المستودعات غير الخاضعة للرقابة، والفرز، وإعادة التدوير، والتثمين”.
https://www.youtube.com/watch?v=l-QemThTlhg
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة الفیدیو
اضغط على الرابط لمشاهدة الفیدیو
اضغط على الرابط لمشاهدة الفیدیو
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل