مخاطر وتوترات إقليمية تضع الجزائر وتونس أمام تحديات مشتركة

1
مخاطر وتوترات إقليمية تضع الجزائر وتونس أمام تحديات مشتركة
مخاطر وتوترات إقليمية تضع الجزائر وتونس أمام تحديات مشتركة

عادل الثابتي

أفريقيا برس – تونس. أجمع خبيران على أن تونس والجزائر تواجهان مخاطر مشتركة تمثل تحديا جديا وملحا، وأكدا أن قضايا من قبيل والتوترات في دول الساحل، ومشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، تشغل اهتمام البلدين معا.

وشدد كل من وزير الخارجية التونسي الأسبق أحمد ونيّس، والصحفي الجزائري المقيم في تونس نصر الدين بن حديد، في تصريحات منفصلة، على أن تلك القضايا تمثل أولوية لكلا البلدين، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، مؤكدين على الحاجة إلى مزيد من التنسيق لضمان الاستقرار في المنطقة.

زيارة رسمية

في هذا السياق، أجرى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف زيارة رسمية إلى تونس يومي 9 و10 أبريل/نيسان الماضي، حيث استقبله الرئيس التونسي قيس سعيد، كما عقد جلسة عمل مع نظيره التونسي محمد علي النفطي.

وخلال اللقاء، أكد سعيد حرص بلاده على “تعزيز أواصر الأخوة مع الجزائر في شتى المجالات، منها تنمية المناطق الحدودية، وتعزيز التبادل التجاري، والتصدي للتهريب والهجرة غير النظامية، ضمن تصور مشترك من أجل مستقبل أفضل للشعبين”، وفق بيان للرئاسة التونسية.

من جانبه، شدد الوزير الجزائري على أن بلاده وتونس تواجهان تحديات مشتركة تتطلب “المزيد من التنسيق والتشاور”.

قلق مشترك من الجنوب

وفي تعليقه على الزيارة، قال الوزير التونسي الأسبق أحمد ونيّس إن “الشريط الحدودي الجنوبي الذي يربط الجزائر بدول الساحل مثل مالي والنيجر وتشاد يمثل مصدر قلق دائم للجزائر، وهو أمر يهم تونس أيضا، حتى وإن لم تكن لها حدود مباشرة مع تلك الدول، لأن ما يحدث هناك ينعكس على المنطقة برمتها”.

وأضاف ونيّس أن “هذا الشريط الحدودي اليوم في خطر، والأنظمة العسكرية الجديدة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو تتخذ مواقف عدائية تجاه الجزائر وليبيا، ما يزيد من تعقيد الوضع في الجنوب”.

وتابع ونيّس: “ليس غريبا أنه هناك أخطار جنوبية في هذا الجانب وهذه واجهة أولى من المخاطر”.

أما الواجهة الثانية للمخاطر، وفق ونيّس، فهي “تتمثل في الضربات العسكرية المحتملة (الأمريكية والإسرائيلية) على إيران من أجل قضية فلسطين، وها قد بدأت في اليمن، وقد تطال دولًا داعمة للمقاومة الفلسطينية مثل الجزائر وتونس، ما يستدعي استعدادات وتحسبات خاصة”.

العلاقات مع المغرب

وعن العلاقة مع المغرب، أشار ونيّس إلى أن “العلاقات بين تونس والمغرب ليست طبيعية، بعد سحب السفراء منذ أشهر دون عودتهم”.

وأضاف أن “الجزائر غير مستعدة لفتح حوار مع المغرب لأسباب عديدة”، لافتا أنه “في عهد وزير الخارجية رمطان لعمامرة، تم الإعلان على قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب”.

وفي أغسطس / آب 2021، أعلن وزير خارجية الجزائر، رمطان لعمامرة، قطع بلاده علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، متهما الرباط بالقيام بـ”أعمال عدائية”.

وأوضح ونيّس أن “الجزائر تسعى حاليًا لتأسيس تحالف ثلاثي مع تونس وليبيا، بديلاً عن مشروع المغرب الكبير الذي يضم خمس دول (الجزائر، تونس، ليبيا، المغرب، موريتانيا)”.

لكن ونيّس شدد على أن “تونس لن تكون جزءًا من أي مشروع بديل للمغرب الكبير”، معتبرا أن “الضمان الأمني للكيان التونسي هو التنسيق مع المملكة المغربية، والاعتماد استراتيجيا عليها”.

وفي 17 فبراير/ شباط 1989، تأسس اتحاد المغرب العربي بمدينة مراكش المغربية، ويتألف من خمس دول تمثل في مجملها الجزء الغربي من العالم العربي وهي: ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب وموريتانيا، وذلك من خلال التوقيع على ما سمي بمعاهدة إنشاء اتحاد المغرب العربي.

غير أن الاتحاد واجه منذ تأسيسه عراقيل لتفعيل هياكله وتحقيق الوحدة المغاربية.

تعدد التوترات الإقليمية

وفي معرض تعليقه على حديث عطاف عن تحديات مشتركة، قال الصحفي الجزائري نصر الدين بن حديد إن “العالم بأسره يشهد توترات عديدة، توترا إقليميا، توترا عربيا، توترا إسلاميا وتوتر دوليا ولا توجد دولة خارج مرمى التوتر وموقع الضرر بمصالحها”.

وأضاف الصحفي المقيم في تونس: “أولا، أي تأثير وأي تغيّر فعال في المعادلة العربية أو الاسلامية قد تكون له انعكاسات خطيرة على تونس والجزائر”.

وأردف: “ثانيا، التوتر بين دول الساحل والصحراء والجزائر سيلقي بظلاله حتما على تونس من الناحية الأمنية أو الهجرة السرية أو الجريمة المنظمة، لذلك هناك تحركات مشتركة بين تونس والجزائر”.

وأشار إلى أن هناك “نوع من التوتر في ليبيا وعدم الاستقرار، حيث لا وجود لتطبيع علاقات بين الشرق والغرب الليبيين كما هو مطلوب”.

كما لفت إلى أن “العلاقات الجزائرية المغربية في أسوأ حالاتها، والعلاقات الجزائرية الفرنسية متوترة أيضًا، خاصة بعد طرد عدد كبير من الدبلوماسيين، وهو ما قد يؤثر على علاقة فرنسا بالمغرب”.

وتابع: “السعي الجزائري لتحييد المغرب على مشروع المغرب الكبير موجود، والجزائر تعمل على ذلك وتسعى إلى ائتلاف ثلاثي يضم إلى جانبها تونس وليبيا”.

إلا أن تونس، يؤكد بن حديد “تمسك العصا من الوسط، ولا تذهب في هذا الاتجاه، لكن بدون إغضاب الجزائر”.

أنبوب الغاز.. مشروع استراتيجي

ومن المشاغل الجزائرية الي تتطلب مشاورات مع تونس، وفق بن حديد، هي مشروع أنبوب الغاز نحو أوروبا.

ورأى أن لهذا المشروع حلان “إما أن يمر عبر الجزائر أو دول الشاطئ الإفريقي: توغو وسيراليون والسنغال وموريتانيا ثم إقليم الصحراء”، معتبرا أن “فرص نجاح مروره من دول الشاطئ قليلة”.

وأوضح أن “الخط الذي يربط نيجيريا بالجزائر مرورا بالنيجر، ثم إلى تونس، هو الأكثر أمانا واستقرارا”، مشيرا إلى أن جبهة البوليساريو قد ترفض مرور الأنبوب عبر إقليم الصحراء، ما يعرقل هذا الخيار.

وفي فبراير/ شباط الماضي، وقعت الجزائر ونيجيريا والنيجر، ثلاث اتفاقيات لتسريع تنفيذ مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء.

وتتمثل الاتفاقيات في دراسة الجدوى من المشروع، وأخرى تتعلق بالتعويضات المالية، إلى جانب اتفاقية عدم الإفصاح (عدم كشف البيانات السرية المتعلقة بالمشروع).

ووقعت الشركة الجزائرية للمحروقات سوناطراك (حكومية)، على أول مذكرة تفاهم لتنفيذ المشروع مع شركة النفط الحكومية النيجيرية عام 2002، لمد خط أنابيب من حقول الغاز جنوب نيجيريا، مرورا بدولة النيجر وصولا إلى الجزائر.

وقدرت التكلفة الأولية للمشروع عند توقيع مذكرة التفاهم بين الجزائر ونيجيريا، بـ 13 مليار دولار، لنقل 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here