قيم الفصائل الفلسطينية وتأثيرها على رؤية الغرب للمسلمين

17
مفكر تونسي: قيم الفصائل الفلسطينية ستعيد تشكيل رؤية الغرب للمسلمين
مفكر تونسي: قيم الفصائل الفلسطينية ستعيد تشكيل رؤية الغرب للمسلمين

أفريقيا برس – تونس. رأى المفكر والأكاديمي التونسي أبو يعرب المرزوقي أن عملية “طوفان الأقصى” ستدفع الغرب ولا سيما الدول الأوروبية إلى إعادة تشكيل رؤيتها تجاه العرب والمسلمين، بفضل القيم التي تجلت عند معاملة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة للأسرى الإسرائيليين.

وفي مقابلة مطولة مع الأناضول، لفت المرزوقي إلى أن من أهم ما آلت إليه عملية “طوفان الأقصى” هو العودة إلى تغليب القيم على المصالح، والتي طالما كانت سياسة يتبعها الغرب.

كما أشار إلى أن الدعم الأمريكي لإسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، أجج غضبا دوليا تجاه واشنطن وانقساما بينها وبين دول أوروبية، وهو ما يعد بداية النهاية لـ”سيطرة واشنطن وتفردها بالسياسة الدولية”.

إسقاط الصهيونية

يقول الأكاديمي التونسي: “الثابت الآن أن الشعوب الغربية والشباب الغربي كان أكثر تضامنا مع حركة حماس (خلال طوفان الأقصى) أكثر منه مع إسرائيل وأكثر تضامنا مع القضية الفلسطينية من الشعوب العربية، وتجلى ذلك في حجم المظاهرات التي خرجت في الدول الغربية تضامنا مع الفلسطينيين”.

ويستنتج المرزوقي من تلك التظاهرات أن “البعد الإنساني لطوفان الأقصى” كان أكثر حضورا بين شباب الغرب.

ويضيف: “الشباب الغربي الذي يثور على الدولة العميقة عنده وضد سيطرة الصهاينة هو الذي سيقضي على هذا الظلم”.

ويشير الأكاديمي التونسي إلى أن “الدولة العميقة في الغرب تحكمها لوبيات (جماعات ضغط) صهيونية”.

ويوضح: “لا يوجد حزب في فرنسا لا يقوده صهاينة، غالبية قيادات الأحزاب وغالبية قيادات الإعلام الغربية صهيونية، ومن ثمة سيطرة القيم التي تعامل بها الغرب معنا ليست القيم الغربية وإنما القيم التي تسيطر عليها الصهيونية”.

بيد أنه في المقابل، يشدد على أن حركة حماس نجحت من خلال عملية “طوفان الأقصى” في “إسقاط دور الصهيونية في النظم الأوروبية، كونها أصبحت مفضوحة ولم يعد أحد يصدقها”.

مواجهة السيطرة الأمريكية

وفي سياق متصل، يعتبر المرزوقي أن من مكتسبات عملية “طوفان الأقصى” الحد من “السطوة” الأمريكية على السياسة الدولية.

ويشير إلى أن دعم واشنطن لتل أبيب في حربها على الفلسطينيين ولّد “انقساما غربيا وأوروبيا” تجاه الولايات المتحدة.

ويبين: “بعض الأنظمة الغربية الآن تريد تطبيق حكم القانون الدولي ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو الحكم الذي يفرض اعتقاله إذا زار فرنسا أو بريطانيا، وهذا شيئا فشيئا سيؤدي إلى أن العالم السياسي كله سيتغير وسينتهي تفرد مجلس الأمن بالقرار الدولي”.

ويتوقع الأكاديمي التونسي “إما أن يتم إلغاء حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن، وإما أن يتم توزيعه”.

ويتابع: “إذا أزيل (فيتو) ارتحنا منه، وإذا توزع ارتحنا من ظلمه، وهذا سيقع قريبا وليس بعيدا”.

ويكمل: “4 ممن لهم حق استعمال الفيتو في مجلس الأمن هم غربيون (فرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة)، وواحد فقط يمثل العالم الثالث وهي الصين، التي لا يمكنها السيطرة وحدها”.

ويستدرك: “لكن عندما يصبح هناك تمثيل للمسلمين والأفارقة والآسيويين من غير الصينيين، باعتبار أن آسيا فيها نصف البشرية، عندئذ لا يمكن لأمريكا فرض الفيتو كما تريد، ولا يمكن لمجلس الأمن أن يصدر قرارات يريدها الغرب”.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير دفاعه المقال يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

على صعيد آخر، لفت المرزوقي إلى أنه “في الوقت الذي ظهرت فيه خلافات بين أمريكا وأوروبا (تجاه بعض السياسات لا سيما دعمها المطلق لتل أبيب في حربها ضد الفلسطينيين)، غير الغربيين بصدد تنظيم أنفسهم اقتصاديا وماليا عن طريق بريكس”.

وتأسست “بريكس” عام 2006 من قبل البرازيل وروسيا والهند والصين، وانضمت إليها جنوب إفريقيا عام 2011، وفي 1 يناير/ كانون الثاني 2024، أصبحت مصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات أعضاء كاملين.

ويفسر المرزوقي رؤيته لانقسام الغرب قائلا “هناك غرب أدنى وهو أوروبا وغرب أقصى وهو الولايات المتحدة الأمريكية، والصين هي شرق أقصى وبقية آسيا شرق أدنى، ونحن في الوسط وُجدنا بين الغرب الأدنى والأقصى والشرق الأدنى والشرق الأقصى”.

ويتابع: “الغرب الأدنى (أوروبا) الآن أصبح في وضعيتنا نحن، يعني أن أمريكا الآن معادية لأوروبا مثلما هي معادية لنا، وهناك أمل أن نتحالف مع أوروبا لكي نتحرر من سيطرة قسمة العالم بين روسيا وأمريكا”.

ويكمل أنه “من سيعوض فرض سيطرة أمريكا في مجالات الطاقة والتسلح على أوروبا هو نحن (العرب) لأنه لدينا الطاقة ونحن سوق كبيرة نمثل ربع البشرية”.

وبدعم أمريكي، شنت إسرائيل حربا على غزة بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الثاني 2025، أسفرت عن أكثر من 160 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، وفق معطيات فلسطينية.

“قيم المقاومة.. قيم المستقبل”

وفق المرزوقي “ما يجب فهمه في علاقة الغرب بالقيم، أنه إذا تعارضت قيمة مع مصلحة يقدمون المصلحة على القيمة، وهذه ظاهرة كونية لأن المصلحة مباشرة والقيمة مآلها بعيد، فيقدمون المصلحة السياسية والمصلحة الاقتصادية ويستعملون الفساد وكل ما يلزم لتحقيق المصالح ونتج عن ذلك أزمة الديمقراطية في الغرب”.

ويضيف: “من ثمة المستقبل لنا، قيمنا تَبيّن أنها أفضل القيم، يكفي أن ترى كيف تعاملت المقاومة مع الأسرى الإسرائيليين وكيف أن الإسرائيليين يتعاملون مع الأسرى الفلسطينيين”.

وعن تعامل الفصائل الفلسطينية مع الأسرى الإسرائيليين، يقول المرزوقي: “في الذكاء الإسلامي أن الأسير الذي تحسن معاملته يصبح محاميا يدافع عنك، ونحن نرى كيف أن الأسرى الإسرائيليين لدى حماس عند إطلاق سراحهم يشكرونها لأنهم عاملوهم بقيم الإسلام وليس بقيم الغرب التي تعتمد قيم التوحش اليهودية”.

ويتابع: “كثير من اليهود يقولون لولا المسلمين لقضت علينا المسيحية الكاثوليكية عندما أخرجنا المسيحيون من إسبانيا. فأين هرب اليهود؟ ذهبوا للعالم الإسلامي الذي حماهم”.

ويخلص المرزوقي إلى أن ما ينتج عن هذا هو أن “قيم المستقبل هي قيم الإسلام”، مشيرا إلى أنه بفضل هذه القيم “سيزداد الدخول إلى الإسلام من الشباب الغربي ومن المثقفين الغربيين”.

وتقدر تل أبيب وجود 63 أسيرا إسرائيليا بقطاع غزة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف فلسطيني، ويعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.

المصدر: وكالة الأناضول

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here