نشطاء: أسطول الصمود يواجه مخاطر لكن رمزيته مؤثرة

5
نشطاء: أسطول الصمود يواجه مخاطر لكن رمزيته مؤثرة
نشطاء: أسطول الصمود يواجه مخاطر لكن رمزيته مؤثرة

آمنة جبران

أفريقيا برس – تونس. أبحرت سفن أسطول الصمود العالمي تباعًا من تونس بعد تأجيل انطلاقها عدة مرات، متجهة إلى قطاع غزة المحاصر والمدمَّر بفعل جرائم الاحتلال، فيما تتساءل الأوساط السياسية والشعبية عن مدى قدرة الأسطول على كسر الحصار وإغاثة سكان القطاع المكلوم.

وأوضح نبيل الشنوفي، عضو الهيئة التسييرية لأسطول الصمود، في تصريح خاص لـ”أفريقيا برس” أن “سفن الأسطول تغادر تونس نحو غزة تباعًا، حيث بدأت سفننا في التجمع في أماكن الالتقاء للإبحار مع شركائنا وكل أحرار العالم نحو غزة”.

وتابع: “نحن نبحر نحو غزة في محاولة لكسر الحصار، هذا هو هدفنا الأسمى، ولم نذهب بمفردنا، حيث ستبحر معنا 18 سفينة من إيطاليا، و16 سفينة من إسبانيا، كما ستشارك اليونان بخمس سفن، أما تونس فستساهم بما يقارب 12 سفينة، وربما يصل العدد إلى 20 سفينة وفق مدى جهوزيتها”.

وأردف: “عدد سفن الأسطول كبير، حيث بلغ 50 سفينة من مختلف دول العالم، وهو العدد الذي كنا نأمل بلوغه، ونتمنى أن ننجح في مهمتنا لأجل غزة”.

من جانبه، نقل وسام الصغير، الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري وأحد أبرز الوجوه السياسية المشاركة في الأسطول، من على متن سفينة “يامن – ياسر جرادي”، في حديث خاص مع “أفريقيا برس”، أجواء الرحلة بالقول: “لقد غادرنا الآن المياه الإقليمية التونسية ووصلنا إلى المياه الإقليمية الإيطالية، وتقريبًا كل السفن التي غادرت الموانئ التونسية متقاربة في المسافات”.

وأشار إلى أن “سفينة يامن – ياسر جرادي ستبقى في مستوى جزيرة بونتا لارية، وستتوقف بعض الشيء لانتظار بقية السفن القادمة من تونس، ثم المواصلة والالتحاق بالسفن الأخرى”.

وبخصوص اليوم الأول من الرحلة، قال الصغير إن “الأجواء كانت عادية في العموم، مع بعض الأمواج والرياح في المساء”، مضيفًا: “نحن نتعامل معها بحذر ونتابع أحوال الطقس بشكل مستمر، ونتقدم رويدًا رويدًا نحو رفع الحصار عن غزة وفتح طريق إنساني، وهذا أضعف ما يمكن أن نقدمه للقضية الفلسطينية”.

وكانت اللجنة الدولية لكسر الحصار الإسرائيلي عن غزة قد أعلنت، الثلاثاء، أن سفن أسطول الصمود ستجتمع قرب مالطا لتبحر معًا في البحر المتوسط باتجاه شواطئ غزة. وقالت في بيان: “أبحرت سفن أسطول الصمود العالمي، التي يزيد عددها عن 50 سفينة، بشكل متتابع ابتداءً من مساء الأحد الماضي”.

وتُعد هذه المرة الأولى التي يبحر فيها هذا العدد من السفن مجتمعة نحو غزة، التي يعيش فيها نحو 2.4 مليون فلسطيني، تحت حصار مستمر منذ 18 عامًا. ولفتت اللجنة إلى أن الإبحار تم من “عدد من الموانئ في تونس وإيطاليا واليونان وليبيا”.

وكان من المقرر أن ينطلق الأسطول يوم 10 سبتمبر من شواطئ سيدي بوسعيد بتونس، غير أن حالة الطقس والأسباب الأمنية والتنظيمية والتقنية حالت دون ذلك.

وشرح خالد بوجمعة، عضو الهيئة التسييرية للأسطول والمكلف بتزويد السفن، سبب تأجيل الانطلاق أكثر من مرة في تونس، قائلًا: “السفن التي لدينا مستعملة وتحتاج تجهيزات وتحسينات، أما السفن الجاهزة بالكامل فهي تغادر مباشرة”. وأضاف: “في الواقع، إصلاح السفن ليس مثل إصلاح السيارات، إذ يحتاج وقتًا طويلًا، وبعد الإصلاح يجب أن تقوم السفينة بجولة بحرية للتأكد من سلامتها حتى لا نعرض حياة الناس للخطر”.

بدوره، أقر النائب محمد علي، وهو أحد المشاركين في الأسطول، بأن “الأسطول تعرض لصعوبات تقنية وميكانيكية عديدة، إضافة إلى عراقيل مرتبطة بالإجراءات الإدارية وضرورة الاستظهار بالوثائق الخاصة بالسفن للتأكد من صلاحيتها، وهو ما أرجأ الانطلاق مرارًا”.

وبينما انطلق الأسطول رسميًا في رحلته نحو غزة، تتزايد التساؤلات حول فرص نجاحه في كسر الحصار وسط مخاوف من استهداف المشاركين أو اعتقالهم من قبل قوات الاحتلال. ويعلّق الشارع العربي ومناصرو القضية الفلسطينية آمالهم على وصول هذه القافلة الإنسانية إلى غزة، خاصة في ظل استمرار الحرب وتعرض سكان القطاع للتقتيل والإبادة بشكل يومي.

ويعتقد فريد العليبي، المحلل السياسي، في حديثه مع “أفريقيا برس” أن “فرص نجاح أسطول الصمود في إدراك وجهته وتحقيق مهمته، المتمثلة في إيصال المساعدات الإنسانية والتضامن مع الغزاويين، محدودة بالنظر إلى طبيعة الظروف المحيطة بذلك، فالكيان الصهيوني منفلت من عقاله الآن، ولا يخشى أي عقاب بعدما وضع الهيئات الدولية وراءه بما فيها الأمم المتحدة، مرتكزًا على الدعم الأمريكي شبه المطلق”.

واستحضر العليبي “ما حصل مع أسطول الحرية وسفينة مرمرة سابقًا”، معتبرًا أن “هناك خشية فعلية من أن يعتمد الكيان الخطة نفسها، خاصة أن عدد السفن هذه المرة كبير، وقد يلجأ إلى العنف بدل الاكتفاء بإيقاف المشاركين واقتيادهم إلى السجون والمحاكم”.

من جهته، لم يستبعد محمد ذويب، المحلل السياسي، في حديثه مع “أفريقيا برس” “تعرض الأسطول للاعتداء وربما للقتل من قبل قوات الكيان الصهيوني”، لكنه أضاف أن “رمزية الأسطول تكمن في التحرك، وجمع أكبر عدد ممكن من المساندين، وإحراج الكيان إعلاميًا”.

ونجح أسطول الصمود، شأنه شأن مبادرات التضامن السابقة مع غزة، في إعادة الزخم للقضية الفلسطينية المغيبة منذ انطلاق ما سمي بثورات الربيع العربي. فقد عادت القضية إلى الواجهة، وأصبح الشارع العربي والدولي أكثر تحركًا للضغط على الاحتلال ووقف الحرب. لكن مع ذلك، تشير الوقائع إلى أن الكيان قادر على لجم هذه المبادرات باستخدام القوة أو عبر دعم حلفائه الغربيين، وهو ما يقلل فرص نجاح الأسطول في كسر الحصار.

واعتبر صهيب المزريقي، الكاتب والمحلل السياسي، في حديثه مع “أفريقيا برس” أن “من الضروري الموازنة بين الواقع والطموح، إذ يصعب الجزم بقدرة الأسطول على اختراق الحصار فعليًا دون اعتراض”. وأضاف أن “السيناريو الأرجح هو اعتراض الأسطول في المياه الدولية، أو احتجازه قبل وصوله إلى المياه الإقليمية للقطاع”، مستدركًا: “لكن مجرد محاولة كسر الحصار، سواء نجحت ميدانيًا أو لم تنجح، تمثل إدانة أخلاقية وقانونية جديدة للحصار، وتعيد تسليط الضوء على فشله في إخضاع غزة، كما تعكس استمرار التضامن الدولي مع شعبها”.

وعلى الرغم من إجماع المتابعين على أن الأسطول سيواجه مصير سفن التضامن السابقة، عبر استهدافه واعتقال النشطاء المشاركين فيه، فقد حقق نتائج إيجابية بقدرته على إحراج الكيان أمام الرأي العام الدولي وفضح ممارساته بحق سكان القطاع.

ويلفت خالد كرونة، المحلل السياسي، في حديثه مع “أفريقيا برس” إلى أن “مجرد فكرة إبحار أسطول نحو غزة تُظهر أن سردية العدو باتت وراء ظهورنا، وتمثل نقلة نوعية مقارنة بمبادرات سابقة اقتصرت على سفن منفردة”. ويرى أن “المشاركين من دول متعددة ومواقع تضامنية مختلفة — فنانين، برلمانيين، مناضلين حقوقيين وسياسيين، ومنتسبي جمعيات مدنية — يجتمعون على خطاب إنساني واحد: فك الحصار عن غزة. وبمجرد انطلاق الرحلة تحول الأسطول إلى حدث عالمي ووسيلة ضغط هائلة على الاحتلال، لأنه يمثل رافعة لإعادة تصدر قضية فلسطين اهتمامات العالم”.

ويضيف كرونة: “هذا ما يفسر هستيريا وزراء الاحتلال ووعيدهم، فهم يدركون أن منع القوارب من الوصول، وهو ما سيحدث حتمًا، لن يمنع وصول رسالة العالم التي تدين بربرية العدو وشهوته إلى الدم، فضلًا عن انعكاس ردود الفعل على علاقاته بدول عديدة”. وختم بالقول: “قيمة الأسطول الأممية ستعمّق عزلة الكيان الدولية، وستمنح زخماً جديدًا للمقاومة”.

ويهدف المشاركون في الأسطول إلى كسر الحصار، وإجبار الاحتلال على وقف جريمة الإبادة والتهجير في غزة، إلى جانب تدشين ممر إنساني لإيصال المساعدات وأسباب الحياة. ومنذ 2 مارس الماضي، تغلق إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة أي مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here