هل يتبنى البرلمان مبادرة منع منح الجنسية للمهاجرين الأفارقة؟

هل يتبنى البرلمان مبادرة منع منح الجنسية للمهاجرين الأفارقة؟
هل يتبنى البرلمان مبادرة منع منح الجنسية للمهاجرين الأفارقة؟

أفريقيا برس – تونس. أثارت المبادرة التشريعية التي تقدّم بها عدد من النواب في تونس، والمتعلقة بمنع منح الجنسية للمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء المتواجدين على الأراضي التونسية، جدلا واسعا داخل الأوساط الحقوقية.

وترى بعض المنظمات أن هذه المبادرة تمثل انتهاكا كبيرا لحقوق المهاجرين غير النظاميين، خاصة بعد شروع السلطات التونسية منذ مدة في تنفيذ برنامج “العودة الطوعية” في إطار إدارة ملف الهجرة.

ومطلع الشهر الجاري، أكد وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي أمام البرلمان، أن تونس أعادت نحو عشرة آلاف مهاجر غير نظامي إلى بلدانهم منذ بداية العام، عبر برنامج العودة الطوعية، ومعظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء.

كما شدّد النفطي، على أن تونس أبلغت شركاءها الأوروبيين في عدة مناسبات بأنها “لن تصبح منطقة عبور للمهاجرين”.

وخلال السنوات الأخيرة، شهدت تونس عدة حوادث متعلقة بالمهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء، من بينها اتهامات بقيام بعضهم بأعمال عنف وشغب في مدينة صفاقس، التي تُعدّ من أكثر المناطق التي تستقبلهم.

منع الجنسية للأفارقة جنوب الصحراء

واعتبر النائب في البرلمان التونسي طارق المهدي، أن البلاد تشهد “موجة غير مسبوقة” من تزايد أعداد المهاجرين غير النظاميين، خصوصا في محافظة صفاقس.

وأضاف: “تواجد المهاجرين غير النظاميين خلق العديد من الإشكاليات مع المواطنين في صفاقس، مما استوجب البحث عن حلول تهدف إلى إبعادهم عن الأراضي التونسية”.

وأشار المهدي، إلى ضرورة أن تضع السلطات التونسية حدا لملف الهجرة غير النظامية حتى لا يتضاعف عدد المهاجرين.

ويرى أن تزايد عدد أطفال الأفارقة جنوب الصحراء الذين وُلدوا في تونس منذ سنوات، ومنهم من بلغ العاشرة من عمره دون وثائق قانونية، دفع المشرّعين إلى التقدّم بمبادرة برلمانية لمنع منح الجنسية لأبناء المهاجرين غير النظاميين.

وقد أودعت المبادرة بمكتب البرلمان، ومن المنتظر مناقشتها بعد الانتهاء من مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2026، وفقا لتأكيده.

وتنص المبادرة، المتوقع طرحها قريبا، على “منع حصول المهاجرين المقيمين بطريقة غير نظامية على الجنسية التونسية، بما في ذلك الأطفال المولودون على التراب التونسي”.

وتجدر الإشارة إلى أن النائب فاطمة المسدّي، كانت قد حذرت في وقت سابق مما اعتبرته “خطرا ديمغرافيا” يمثله المهاجرون الأفارقة من دول جنوب الصحراء، معتبرة أنهم “يشكلون دولة داخل الدولة”، ودعت إلى الحد من تزايد الولادات في صفوفهم.

كما سبق للرئيس قيس سعيد أن أكد مرارا رفضه لأي “مخطط لتوطين المهاجرين في تونس”، مشددا على أنه لن يسمح بأن تكون البلاد “مقرا أو ممرا للمهاجرين غير النظاميين”.

انتهاك لحقوق المهاجرين غير النظاميين

من جهته، اعتبر رئيس جمعية “الأرض للجميع” عماد السلطاني أن هذه المبادرة تمثل “انتهاكا واسعا” لحقوق المهاجرين غير النظاميين المقيمين في تونس.

وقال إن هؤلاء المهاجرين لهم الحق في الصحة والتعليم، وأن منع الجنسية عنهم “جريمة” لأنها تحرمهم من أبسط مقومات العيش، وفق تعبيره.

وأوضح السلطاني، أن المنظمات الحقوقية كافة ترفض المبادرة التي تقدم بها النواب، وتعتبرها حلقة جديدة ضمن سلسلة التضييقات، بعد برنامج العودة الطوعية الذي شرعت السلطات في تنفيذه “دون استشارة المهاجرين”.

وجدد السلطاني، دعوته إلى مراجعة الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالهجرة غير النظامية، معتبرا أن هذه الاتفاقيات “لا تنسجم مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها تونس، والتي تكفل الحق في التنقل”.

ودعا إلى التخلي عن مذكرة التفاهم في بنودها المتعلقة بالهجرة، وفتح ممرات آمنة وقانونية للراغبين في الهجرة، تفاديا لحوادث الغرق وعمليات الاتجار بالبشر.

وكانت تونس والاتحاد الأوروبي قد وقّعا في يوليو/حزيران من سنة 2023 مذكرة تفاهم حول شراكة استراتيجية وشاملة في مجالات التنمية والطاقات المتجددة والتبادل الاقتصادي، مقابل تعزيز السلطات التونسية لإجراءات التحكم في الهجرة غير النظامية.

مراجعة قانون الأجانب في تونس

وأفاد المحامي بلال التازني أن مجلة الجنسية التونسية تمنع أساسا حصول المهاجرين غير النظاميين على الجنسية. لكنه شدد على ضرورة مراجعة قانون الأجانب في تونس، بما يتيح منح كل مولود أجنبي الحق في الجنسية، وتمكين الأطفال من حقهم في الصحة والتعليم.

وأوضح التازني، أن أطفال الأفارقة جنوب الصحراء “لا يتمتعون بالحق في الصحة إلا في حالات الطوارئ أو الولادات”، رغم أن لهم الحق في التعليم وفق ما جاء في مجلة الطفل.

وأضاف أن هذه الأخيرة تنص بوضوح على أن “كل مهاجر مولود بطريقة غير نظامية له الحق في الالتحاق بالمدرسة، ولا يحق لأي مؤسسة تربوية رفض ذلك”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here