الاستماع الى شاهد في قضية اعدام القيادي بحركة النهضة محرز بودقة

41
الاستماع الى شاهد في قضية اعدام القيادي بحركة النهضة محرز بودقة
الاستماع الى شاهد في قضية اعدام القيادي بحركة النهضة محرز بودقة

أفريقيا برستونس. باشرت هيئة الدائرة الجنائية المتخصّصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس النظر في ملفّ القضيّة عدد 51 المتعلقة بالمعارض السياسي محرز بودقة الذي حُكم عليه بالإعدام وتمّ تنفيذه يوم 8 أكتوبر 1987 حيث أصدرت محكمة أمن الدولة على الساعة الثانية والنصف من فجر يوم الأحد 27 سبتمبر 1987 أحكامًا ثقيلة ضدّ 88 من قيادات حركة الاتّجاه الإسلامي في محاكمة استغرقت شهرًا كاملا اتهموا فيها بالتخطيط للانقلاب على نظام الحكم.

شهادة

وقد حضر شاهد في القضية يدعى عبد المجيد الميلي الذي قَدِم خصّيصا من باريس للإدلاء بشهادته أمام هيئة المحكمة الجنائية المتخصّصة في العدالة الانتقالية موضحا أنّه في أمريكا مَن يُحكَم عليهم بالإعدام يبقون في ” ممَرّات الموت ” ( les couloirs de la mort ) 20 أو 25 سنة وحتّى أكثر من ذلك لإثبات براءتهم … ولكن بالنسبة لمحرز بودقّة لم تمض سوى عشرة أيّام على الحكم وسارعت السلطة بإعدامه شنقًا في السجن المدني 9 أفريل بتونس العاصمة وذلك بالرغم من أنّه تمّ تقديم إلتماس عفو للرئيس من قِبَل المحامين ولكن تمّ رفضه في نفس اليوم.

وبحلول يوم 7 أكتوبر 1987 تمّ رفض كلّ الطعون وسِيقَ الشاب المظلوم فجر يوم 8 أكتوبر إلى حبل المشنقة وأُزهِقَت روحُه بعد عشرة أيّام فقط من صدور الحكم …

وأشار عبد المجيد الميلي إلى أنّ أعتى المجرمين في العالم يتمتّعون بحقوق الحقّ في الحُرمة الجسدية، الحقّ في المحاكمة العادلة، ضرورة أن تكون المحكمة مستقلّة وغير خاضعة للسلطة السياسية … ولكنّ شيئا من ذلك لم يحدث بالنسبة لمحرز بودقّة، بل كانت محاكمته مهزلة حقيقيّة ومسرحيّة سيّئة الإخراج، فرئيس المحكمة كان يتولّى خطّة الوكيل العام للجمهورية برُتبة كاتب دولة وتضمّ هيئة المحكمة في عضويّتها اثنان من النوّاب في البرلمان من الحزب الحاكم هُمَا محمّد كريم المستوري وعبد الله العبعاب

واستشهد عبد المجيد الميلي بفقرة هامّة من قرار ختم البحث في محكمة ” أمن الدولة ” ورَدَ فيها بالحرف الواحد

” وحيثُ أنّ المُتَّهَم عبد المجيد الميلي مسؤولٌ عن الجهة في نطاق حركة الاتّجاه الإسلامي وهو الذي حمَّسَ المتّهم محرز بودقّة على صنع هذه المتفجّرات وربط صلته بفتحي معتوق الذي قام بتفجيرها داخل النُزُل في سوسة والمنستير وبذلك يُعتبَر هو المُدَبّر لهذه العمليّة التي أَذِنَ بها تصعيدًا لأعمال العنف والتخريب لفائدة الحركة التي ينشط داخلها وبذلك يُعتبَرُ في مكانة واحدة من المسؤوليّة مع محرز بودقّة وفتحي معتوق ، وحيثُ أنَّ وجوده في حالة فرار لا ينفي عنه التُهمة والمسؤوليّة ”

وصرّح عبد المجيد الميلي بأنّ هذه الفقرة ترتّبت عليها ثلاثة أحكام بالإعدام في حقّ عبد المجيد الميلي وفتحي معتوق ومحرز بودقّة …

وأقسم عبد المجيد الميلي أمام هيئة المحكمة بالقول :

” أُشهِدُ الله على أنّه ولا كلمة في هذه الفقرة صحيحة ”

وأضاف : ” لم أكن مُشرفًا في إطار حركة الاتّجاه الإسلامي على مدينة جمّال ولم أحرّض ولم أطلب ولم أُحمّس محرز بودقّة على صناعة هذه المفرقعات ولا عِلمَ لي بذلك ولم أربط صلته بفتحي معتوق، وأنا على ما أقول شهيد ”

وذكر عبد المجيد الميلي أنّه عشيّة التفجيرات كانت الأجواء ساخنة ومشحونة في جمّال وكان هناك توتّر واحتقان في بعض المساجد … وقد طلبت قيادات البوليس بالمنستير، في إطار توجّه مشبوه لحَبكِ سيناريو متكامل الأركان، بفتح كلّ ” الملفّات ” في مدينة جمّال بما في ذلك كلّ ما يتعلّق برُخَص بنادق الصيد التي كان يستعملها العديد من الشباب في مدينة جمّال للصيد … وتمّ تجميع كلّ ” القضايا ” التي لا صِلة بينها ليلة حصول التفجيرات في النُزُل بسوسة والمنستير وتمّ تركيب عمليّة إخراج شيطانية لتوريط حركة الاتّجاه الإسلامي وذلك في الوقت الذي تصاعدت فيه الصراعات على الخِلافة في رأس هرم الدولة وكان النظام القائم آنذاك يلفظ أنفاسه الأخيرة …

وأكّد عبد المجيد الميلي أنّه بعد فشل النظام وعجزه في إثبات ” عمالة ” حركة الاتّجاه الإسلامي لإيران وبعد عجزه عن إيجاد الأدلّة القاطعة عن تورّط الحركة في التفجيرات لم يرَ بُدًّا من أن يلجأ إلى قتل القيادات السياسية في محاكمة أبعد ما تكون عن المحاكمة العادلة …

ونبّه الشاهد على أنّ استبعاد نظريّة المؤامرة لا يعني أنّ إمكانية الاختراق الأمني قد تكون موجودة … وقد حاولت السلطة الاستفادة من موضوع التفجيرات لتوظيفها في المحاكمة وتصفية الحركة …

وأشار عبد المجيد الميلي في شهادته إلى أنّ رشيد صفر، الوزير الأوّل في السنة الأخيرة من حُكم بورقيبة، صرّح بأنّ رئيس محكمة ” أمن الدولة “التقى بورقيبة أثناء انعقاد جلسات المحكمة في شهر سبتمبر 1987.

اللجوء السياسي …

وفي حديثه عن طلبه للجوء السياسي في فرنسا تحدّث عبد المجيد الميلي بنَبرة حزينة والدموع تنهمر من عينيه قائلا أنّه توجّه إلى الجهة المسؤولة فأشاروا عليه بالصعود إلى الطابق الخامس أين توجد الجهة المسؤولة عن المخابرات وبالتحديد المكتب المسؤول عن تونس وفلسطين باعتبار أنّ قيادة المنظّمة كانت مُقيمة في تونس … وقد تفاجأ عبد المجيد بقولهم له ” ممثّلونا حضروا المحاكمة أي محاكمة ” أمن الدولة ” ولدينا تقارير مفصّلة عن المحاكمة وأنّ التُهَم مُلفّقَة … ومرحبا بك في بلادنا ” … وتحصّل عبد المجيد الميلي على اللجوء السياسي في فرنسا …

ومِن آخر ما ذكره عبد المجيد الميلي في شهادته أنّه ليلة المحاكمة قال محرز بودقّة رحمه الله لمن كان معه من الموقوفين في القضيّة ” في الليلة الماضية زاره أعوان وهدّدوه وقالوا له لَو تتراجَع على اعترافاتك أمام قاضي التحقيق ستَرجِع إلى التعذيب وسَيُحكَمُ عليكَ بالإعدام ” …وأكّد الشاهد أنّ هذا الكلام ذكرته جريدة ” الشروق ” المغربية وجريدة ” لوموند ” Le Monde الفرنسيّة وقدَّمَ ما يُثبِتُ ذلك …

اضغط على الرابط لمشاهدة الفیدیو

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here