أفريقيا برس – تونس. صدّق البرلمان التونسي، مساء الجمعة، بأغلبية نوابه على تعديل “مثير للجدل” في قانون الانتخابات يسحب سلطة المحكمة الإدارية على الاستحقاقات الانتخابية لصالح محكمة الاستئناف.
جاء ذلك خلال جلسة استثنائية خصصها البرلمان من أجل المناقشة والتصويت على تعديل القانون الذي سيتم على أساسه إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة بعد أيام.
وشارك في جلسة التصويت على تعديل القانون 136 نائبا من إجمالي نواب البرلمان البالغ عددهم 154.
وأضاف المراسل أن 116 نائبا أيدوا التعديل، فيما صوت ضده 12 نائبا، وتحفظ عليه 8 نواب.
وقال رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة، إثر انتهاء عملية التصويت، إن “البرلمان استخدم صلاحياته الدستورية وهي التشريع عبر مناقشة والتصويت على مقترح تعديل القانون الانتخابي”.
وأضاف مخاطبا النواب: “طوبى لكم فما قمتم به اليوم هو تاريخ فاصل في النضال الذي يقوم به الشعب التونسي من أجل استرجاع هيبته وسيادته والقضاء على الفساد”، على حد تعبيره.
ولدخول التعديل على القانون حيز التنفيذ، يجب أن يصدق عليه رئيس البلاد قيس سعيد، قبل نشره في الجريدة الرسمية.
وتزامنت جلسة التصديق على التعديل مع احتجاجات نظمها عشرات الناشطين قرب مقر البرلمان، رفضا لهذه التعديلات التي يناقشها النواب.
ومؤخرا، تقدم 34 نائبا بمشروع تعديل لقانون الانتخابات، يهدف إلى تكليف محكمة الاستئناف بدل المحكمة الإدارية، بمراقبة العملية الانتخابية والنظر في النزاعات والطعون المتعلقة بها.
وأوضح مقدمو مشروع التعديل أن أحد أسبابه هو “الخلاف القائم بين المحكمة الإدارية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بعد رفض الهيئة قبول حكم للمحكمة الإدارية بإعادة 3 مرشحين للانتخابات الرئاسية” لـ”أسباب إجرائية”.
ومع ذلك، لم تُقنع هذه المبررات أحزابا بالمعارضة ومنظمات حقوقية، والتي اعتبرت أن الهدف الحقيقي من التعديل هو “تزييف الإرادة الشعبية”.
ورغم أن البرلمان كان في عطلة، قررت رئاسته الاثنين الماضي عقد جلسة عامة استثنائية اليوم الجمعة للنظر في مشروع تعديل قانون الانتخابات والتصديق عليه، وهو ما تم بالفعل.
وينص الفصل 46 من التعديل على أنه “يتم الطعن في قرارات هيئة الانتخابات من قبل المترشحين المقبولين من الهيئة أمام محكمة الاستئناف بتونس، وذلك في أجل أقصاه 48 ساعة من تاريخ التعليق أو الإعلام”.
أما الفصل 47، فينص على أن “يتم الطعن في القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف من قبل المترشحين المشمولين بتلك القرارات أو من قبل الهيئة أمام محكمة التعقيب في أجل 48 ساعة من تاريخ الإعلام بها”.
ووفق الاختصاصات الراهنة، ينظر القضاء الإداري في الخلافات بين المواطنين ومؤسسات الدولة عبر جلسة يجتمع فيها 27 من القضاة، بينما تنظر محكمة الاستئناف في النزاعات القائمة بين المواطنين في جلسة مكونة من 3 قضاة.
وفي 2 سبتمبر/ أيلول الجاري، أعلنت هيئة الانتخابات أن القائمة النهائية للمرشحين إلى الاستحقاق الرئاسي تقتصر على 3 فقط (من أصل 17) هم: الرئيس سعيد، وأمين عام حركة “عازمون” العياشي زمال (معارض)، وأمين عام حركة “الشعب” زهير المغزاوي (مؤيد لسعيد).
بينما رفضت الهيئة قبول 3 مرشحين معارضين رغم أن المحكمة الإدارية قضت بأحقيتهم بخوض الانتخابات بدعوى “عدم إبلاغها بالحكم خلال المهلة المحددة قانونا”.
وهؤلاء الثلاثة هم أمين عام حزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي، والمنذر الزنايدي، وزير سابق بعهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وعماد الدايمي، مدير ديوان الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي.
وانطلقت حملة الدعاية الانتخابية في 14 سبتمبر الجاري وتستمر حتى 4 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، قبل يومين من موعد الانتخابات المقررة في 6 أكتوبر.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت جبهة الخلاص الوطني، أكبر ائتلاف للمعارضة في البلاد، اعتزامها عدم المشاركة في الانتخابات بداعي “غياب شروط التنافس”.
بينما تقول السلطات إن الانتخابات تتوفر لها ظروف النزاهة والشفافية والتنافس العادل.
وتشهد تونس أزمة واستقطابا سياسيا حادا منذ أن بدأ سعيد، في 25 يوليو/ تموز 2021، فرض إجراءات استثنائية تضمنت حلّ مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات “انقلابا على دستور (2014) الثورة وتكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس بن علي (1987 ـ 2011).
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس