بقلم: طارق عمراني
وصفت صحيفة الفايننشال البريطانية لينا بن مهني بالناشطة في حملة “حاسبهم ” التي تناضل من أجل إثناء الحكومة عن تمرير قانون “زجر الإعتداء علی الأمنيين” وهو مشروع قانون تجمع كل مكونات المجتمع المدني بأنه قانون من شأنه منح صلاحيات واسعة لحاملي السلاح علی حساب المواطن و حرياته وبالتالي تحوله إلی بوّابة للعودة إلی دولة البوليس.
قانون وأد الثورة
وإستشهدت الصحيفة البريطانية بقول لينا بن مهني “من شأن قانون مثل هذا وأد الثورة التي جادت بمكاسب قليلة منها حرية التعبير إن لم تكن المكسب الوحيد وبهذا القانون سنعود إلی المربّع الأوّل والممارسات البائدة”.
وأشار موقع الصحيفة البريطانية أن مسوّدة القانون التي قدّمتها الحكومة للبرلمان الشهر الماضي حسّاسة و مثيرة لحفيظة التونسيين الذين ذاقوا الأمريّن في ظل الدولة البوليسية خلال حكم الطاغية بن علي، حيث يقول البعض أن تلك الممارسات مازالت متواصلة ولكن بطريقة غير ممنهجة ومحدودة حيث تعرضت بن مهني إلی الإعتداء بالعنف من قبل اعوان أمن بينما كانت تقضّي عطلتها بمنطقة سياحية محلية وذلك علی خلفية إنتقادها لبعض التجاوزات الأمنية.
وإعتبرت الصحيفة أن تونس هي الإستثناء في منطقة إقليمية ساخنة فهي الوحيدة التي تشهد تحولا ديمقراطيا وسط مجموعة من الأنظمة القمعية التي تحكم المنطقة كما أن تونس التجربة الوحيدة التي نجت بأعجوبة من بين دول الربيع العربي وذلك نتيجة ما أسمته الصحيفة “تحالفا إسلاميا علمانيا” جنّب البلاد ويلات الإحتراب الأهلي وهو ما سمح بإجراء انتخابات برلمانية أعقبتها أخری رئاسية أفضيتا إلی اقتسام السلطة بين حزب نداء تونس اكبر الأحزاب العلمانية و حركة النهضة التي عانت ويلات الإضطهاد قبل الثورة.
وأشار المقال إلی تشكّي النشطاء من جمود الحركة السياسية التي حالت دون إتخاذ اصلاحات سياسية شجاعة بالرغم من أن أحد قطبي الإئتلاف الحاكم المتمثل في حركة النهضة كان اكثر المتضررين من سياسة تكميم الأفواه لكن أولويتها الآن تنحصر في الحفاظ علی التوافق مع شريكها نداء تونس وهوالحزب الذي رسكل رموز النظام السابق و أعادهم إلی الحياة السياسية.
دليل علی هشاشة التحول الديمقراطي
وأشار موقع الصحيفة البريطانية في المقال أن قانون “زجر الإعتداء علی الامنيين” دليل واضح علی هشاشة المسار الديمقراطي التونسي حيث يقول يوسف الشريف وهو محلل سياسي بجامعة كولومبيا الأمريكية “في تونس عادت الماكينة القديمة برموزها حيث يتم إستهداف الحقوقيين بشكل ممنهج في المنابر التلفزية و الإذاعية و بشكل يومي فهم يريدون التضييق علی حقوق الإنسان بإقصاء كل من يدعو إلی المزيد من الديمقراطية”
وأشارت الصحيفة أن الرفض الشعبي كان قد تصدّی سنة 2015 لتمرير قانون مماثل علی المصادقة البرلمانية لكن مع حادثة طعن عنصر متطرّف لعون أمن حتی الموت الشهر الماضي عادت النقابات الأمنية للضغط بقوة لإعادة طرح مشروع القانون وطلب رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي بالتسريع في تمرير قانون “زجر الإعتداء علی الامنيين” بعد زيارته لأرملة شهيد المؤسسة الأمنية رياض برّوطة.
وأضاف المقال أنه قد تم سحب مشروع القانون مجددا لإدخال تعديلات عليه نتيجة رفض مكونات المجتمع المدني للمسودة بصيغتها الحالية حيث إعتبر وزير الداخلية لطفي براهم أن القانون ضروري لكن وجب مراعاته للمعايير الدولية، لكن هذه التطمينات لم تقنع الناشطين خاصة بعد تمرير الحكومة لقانون المصالحة الإدارية الذي طبّع مع الفساد النوفمبري وهو ما اعتبر تجاهلا للرفض الشعبي علاوة علی استعانة حكومة يوسف الشاهد مؤخرا برجالات بن علي في التشكيلة الوزارية بعد تحوير حصل في شهر سبتمبر المنقضي .
تعطّل المسار الديمقراطي
كما نقلت الصحيفة تصريح ناجي البغوري نقيب الصحفيين التونسيين حيث قال :” أنا متشائم فالمسار الديمقراطي معطّل فلا يكفي اجراء إنتخابات حتی نقول أننا دولة ديمقراطية فالأجهزة الأمنية التي كانت عماد نظام بن علي الديكتاتوري لم تخضع إلی اصلاح جذري فهل ينبغي أن نحصنّهم بقانون مكبّل للحرّيات؟”.
وختمت الصحيفة البريطانية مقالها بالتعريج علی إنتقاد منظّمة العفو الدولية للسلطات الأمنية هذه السنة بعد تسجيل حالات تعذيب وإختفاءات قسرية بموجب قانون الطوارئ بعد هجمات داعش الدموية في تونس سنة 2015لكن الأمل لازال قائما لدی النشطاء الذين لا يثقون في الطبقة السياسية لكنهم متفائلون بالمجتمع المدني الفاعل الذي افرزه الحراك الثوري .
هذا المشروع هو طبعا خطر على الديموقراطية الفتية في تونس، لأن الأمنيين مازالت لديهم عقلية التغول وعدم احترام الشعب كما هو الحال في الديموقراطيات الغربية.
ونحن بهذه المناسبة نحذر الحكومة من تمرير هكذا قانون لأن الجميع سيتصدى له… ويجب أن تفهم الدولة أن مسار الحريات لا يمكن العودة عنه… وحذاري من إختبار مدى صبر التونسيين…
وأي محاولة لإجهاض الثورة سيدفع لا محالة إلى ثورة جديدة… قد تأتي على الأخضر واليابس.