إلهام اليمامة
أفريقيا برس – تونس. تداول بعض رواد شبكة التواصل الاجتماعي في تونس (فايسبوك) خبرا حول إقالة خولة بالأخضر الرئيس المدير العام لديوان البحرية التجارية والموانئ. وأثار هذا الخبر، الذي لم يتم تأكيده من قبل الديوان أو أية جهة رسمية أخرى، جدلا من زاويتين، الزاوية الأولى ربطت ما تردّد عن الإقالة بخبر عملية تهريب أكثر من مليون لتر من المحروقات من تونس إلى ألبانيا، وهذا الخبر يحيل بدوره إلى الزاوية الثانية للموضوع والتي تتعلّق بسياسة الإقالات التي يسارع إليها النظام في تونس كحلّ لأزمة مستجدّة.
وكانت وسائل إعلام محلية ودولية تناقلت خبرا مفاده أن السلطات في مدينة دوريس الألبانية تمكّنت على مرحلتين “من تفكيك شبكة كبيرة لتهريب النفط قادمة من تونس”، نقلا عن موقع vox news Albania. وقالت الشرطة الألبانية أنه “في إطار عملية “الذهب الأسود”، تم ضبط سفينة مستخدمة في تهريب النفط، و14 وثيقة هوية وملاحية لأشخاص من جنسيات مختلفة بينهم عرب، و10 هواتف محمولة ووثائق أخرى من شأنها أن تخدم التحقيق في القضية”.
وأعلنت الشرطة الألبانية أنه “خلال تفتيش السفينة الأولى، تم العثور على 670 ألف لتر من النفط المهرب من تونس داخل خزانات الصابورة التي تستخدم لموازنة السفينة”. كما ضبطت الشرطة 400 ألف لتر من النفط على متن سفينة ثانية قادمة من تونس، بعد يوم واحد فقط على ضبط السفينة الأولى.
وفي وقت طالب فيه الكثير من التابعين بالمزيد من الشفافية في التعامل مع هذه المواضيع الحساسة، تداول رواد فايسبوك صباح السبت خبر يتحدّث عن “إقالة الرئيس المدير العام لديوان البحرية التجارية والموانئ”. ولم يتم تأكيد أو نفي هذه الخبر من قبل الجهات الرسمية إلا أنه زاد من إسالة الحبر على ورق خبر تهريب النفط إلى ألبانيا.
وقال متابعون إن خبر الإقالة، إن صحّ، يعتبر أمرا عاديا فهي سياسة صار النظام يتّبعها مع كل أزمة حيث يسارع إلى البحث عن كبش فداء يمتصّ من خلاله الأزمة، وهو أمر انتقده النائب في البرلمان التونسي أبوبكر يحيى، الذي شدّد في تصريح لـ”أفريقيا برس” على أن “الإقالات أو الإعفاءات ليست هي الحل بل الحل يكمن في إعادة هيكلة الإدارة وتحديثها مع تعيين كفاءات وطنية مشهود لها بالخبرة والقدرة على التسيير والوطنية العالية عبر برنامج أهداف لإنقاذ المؤسسة المعنية وديمومتها”.
وكانت وزارة الصناعة والمناجم والطاقة في تونس، ردّا على خبر التهريب، نشرت بلاغا على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك نفت فيه صحة الخبر مؤكدة أن السفينة المعنية لم تزود بالمحروقات عندما رست بإحدى الموانئ التونسية. وأوضحت الوزارة في بيانها أن السفينتان المعنيتان ليستا ناقلات نفط، بل سفن شحن بضائع كانت قد رست بأحد الموانئ التونسية أواخر شهر ديسمبر 2024 حيث تولّت تحميل كمّيات من الإسمنت وغادرت المياه الإقليمية التونسية في ظروف عادية. كما أنّ المواد المحجوزة لا تتعلق بالنفط الخام بل بأحد المواد البترولية المشتقّة.
هذا وثبت أنّه لم يتم تزويد هذه السفن بالمواد البترولية انطلاقا من تونس، ذلك أن مثل هذه العمليات تخضع لمعايير أمنية وإجراءات ديوانية مضبوطة. ويشار إلى أنّ إجمالي عمليات تزويد السفن بالمواد البترولية بالميناء المعني طيلة شهر ديسمبر المنقضي قد اقتصرت على 64 ألف لتر من مادة “الغازوال”.
وفي سياق متصل، أكد مصالح الوزارة أنّ عمليات تصدير النفط الخام التي تتم من قبل الشركات النفطية المستّغلة لحقول الإنتاج، تخضع للترخيص المسبق كما تتولى مصالح الديوانة الإشراف على عمليات رفع النفط الخام بمختلف نقاط التصدير، حيث تؤمنها سفن معتمدة مسبّقا ومصادق عليها من كافة السلط المختصة. هذا ويخضع مسار الشحن والتصدير وخاصة تحديد الكميات المصدرة إلى المعايير الدولية المعتمدة وإلى إجراءات مراقبة مضبوطة ومعتمدة تقوم بها أساسا مصالح الديوانة التونسية إضافة إلى مكاتب المراقبة المختصة.
كما توضح الوزارة أن شركات توزيع المحروقات العاملة بالقطاع غير مرخّصة لتصدير المواد البترولية وأن الكميات المتواجدة بنقاط التخزين تخصص حصريّا لتزويد السوق المحلية والسفن والطائرات، وذلك تحت مراقبة مصالح الديوانة التونسية.
وفيما تبقى المعطيات المتداولة حول هذه العملية أوّليّة، فإن مصالح الوزارة تؤكد على ضرورة التثبت من المعلومة من مصدرها في انتظار استكمال التحري في الموضوع بالوسائل الرسمية والقانونية.
وانقسمت الآراء بين من اعتبر الأمر إشاعة غايتها بث الفوضى في تونس وتأجيج الأوضاع ومن لم يقتنع ببيان وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، واعتبر الأمر عملية فساد كبرى يجب الكشف عن ملابساتها.
في المقابل، ذكرت صفحة “البلاغ السياسي” أن ردّ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة بشأن قضية تهريب المحروقات من تونس إلى ألبانيا أثار “تساؤلات عديدة بدلا من توضيح الصورة”، فالبيان، الذي أقرّ بأن بأن السفن رست في ميناء تونسي قبل مغادرتها، لم “يكذّب” ما نقلته وسائل الإعلام الألبانية عن الشرطة بأن “النفط تم تهريبه داخل خزانات الصابورة التي تستخدم لموازنة السفينة”.
وأضافت الصفحة أن “إعلان الوزارة، بدلا من تقديم أجوبة دقيقة، اكتفى بنفي جزئي دون التطرق إلى تفاصيل مهمة مثل أسماء السفن أو الشركات المتورطة، أو كيف يمكن لهذه الكميات الكبيرة من المحروقات المشتقة أن تغادر تونس دون رقابة حقيقية. هذا الغموض يعزز الشكوك ويستدعي توضيحات إضافية من السلطات المعنية لقطع الطريق أمام أي محاولات للتغطية على الحقائق”.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس