أفريقيا برس – تونس. أجّلت المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة جلسة محاكمة راشد الغنوشي وعدد من قيادات حركة النهضة إلى 4 نوفمبر المقبل، في القضية المعروفة بـ”المسامرة الرمضانية”، والمتعلقة بالتحريض ضد الدولة. وقد رفضت المحكمة جميع مطالب الإفراج المقدمة من هيئة الدفاع، رغم غياب بعض المتهمين عن الجلسة.
الغنوشي، المعتقل منذ أبريل 2023، يواجه تهمة التدبير لاعتداء بقصد تبديل هيئة الدولة، إلى جانب قياديين مثل يوسف النوري وأحمد المشرقي. بينما يُحاكم بحالة سراح كل من بلقاسم حسن ومحمد القوماني، رغم عدم استدعائهما في الجلسات السابقة، وهو ما أثار اعتراض هيئة الدفاع التي طالبت بحضور جميع المتهمين.
في رسالة نشرها من سجنه، قال الغنوشي إنه قضى “نصف قرن في الدفاع عن الإسلام والديمقراطية”، معبّرًا عن أمله في توفر “أدنى مقومات المحاكمة العادلة”، ليحكم القاضي بالقانون بعيدًا عن أي ضغوط. وأضاف أن “القضاة اليوم يرزحون تحت التهديد من أعلى سلطة في البلاد”، معتبرًا أن القضية سياسية بالأساس، وأن القضاء يُستعمل لتصفية الخصوم.
من جانبه، استعاد بلقاسم حسن تفاصيل ليلة المسامرة، مشيرًا إلى أن القوماني قدّم خلالها مداخلة لتقييم تجربة جبهة الخلاص، ثم التحق الغنوشي متأخرًا ووجّه كلمة دعا فيها إلى التعايش والوحدة الوطنية، مؤكدًا أن تونس ليست بلدًا للحرب الأهلية بل للحوار، مستشهدًا بجائزة نوبل للسلام التي فاز بها الرباعي الراعي للحوار الوطني سنة 2015.
وتابع حسن أن قوات الأمن داهمت منزل الغنوشي في 17 أبريل 2023 واعتقلته مع عدد من قيادات الحركة، كما صادرت وثائق من مقرات الحزب، في ما وصفه بأنه “حلقة جديدة في سلسلة محاكمات سياسية تستهدف المعارضين بتهم ملفقة وحجج واهية”.
أما رياض الشعيبي، فاعتبر أن تونس تدخل عامها الثالث من الاعتقالات السياسية، مشيرًا إلى أن هذه المحاكمات تهدف إلى “ترذيل مرحلة الانتقال الديمقراطي وتقديمها كحقبة فساد وفوضى”، عبر ملاحقة رموزها بتهم واهية. وأكد أن تصريحات الغنوشي خلال المسامرة دعت إلى نبذ العنف، لكن تم تحريفها لتبدو وكأنها دعوة لحرب أهلية، مضيفًا أن كتاباته ومواقفه على مدى خمسة عقود تقوم على السلم والحوار.
في المقابل، يرى أنصار السلطة أن الإجراءات الاستثنائية منذ يوليو 2021 جاءت لإنقاذ البلاد من الانهيار، وإعادة القرار إلى الشعب، مؤكدين أن الاتهامات بالاستبداد ليست سوى محاولة من المعارضة لحماية مصالحها القديمة وعرقلة مسار الإصلاح.
تعود قضية “المسامرة الرمضانية” إلى أمسية فكرية نظمتها جبهة الخلاص الوطني في أبريل 2023، حيث ألقى راشد الغنوشي كلمة دعا فيها إلى التعايش ورفض الإقصاء. لاحقًا، تم اعتقاله وعدد من قيادات حركة النهضة بتهم تتعلق بالتحريض على الدولة.
وتأتي هذه القضية ضمن سلسلة محاكمات طالت معارضين من مختلف الأطياف السياسية، وسط انتقادات حقوقية واسعة.
المعارضة تعتبر هذه المحاكمات سياسية تهدف إلى إقصاء الخصوم، بينما تؤكد السلطة أنها تسعى لحماية الدولة من محاولات التفكيك الداخلي. القضية أثارت جدلًا واسعًا حول استقلالية القضاء ومستقبل الديمقراطية في تونس.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس