أفريقيا برس – تونس. بينما كانت المعارضة التونسية تخوض “معركتها” ضد السلطات عبر احتجاجات تطالب بـ”رحيل” الرئيس سعيد، اندلعت على مواقع التواصل معركة من نوع آخر تتعلق بالصور والفيديوهات التي بثتها المواقع المؤيدة للطرفين، في محاولة لكسب تأييد الرأي العام في البلاد.
وكانت المعارضة التونسية استغلت، السبت، الذكرى الـ 59 لعيد الجلاء لتنظيم احتجاجات ضد سعيد، حيث تحدثت جبهة الخلاص الوطني (أكبر أقطاب المعارضة) عن مشاركة 25 ألف شخص في التظاهرات التي نظمتها في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، مستعينة بصور وفيديوهات نشرتها الصفحات المؤيدة لها على موقع فيسبوك.
وقال الوزير السابق رفيق عبد السلام إن “تحركات 15 أكتوبر التي جمعت عشرات الآلاف من جمهور الثورة الواعي والرافض للانقلاب وسياسات تفقير الشعب، حققت أهدافها كاملة وغير منقوصة، ويجب أن نشكر جبهة الخلاص الوطني على هذا الجهد النضالي المقدر”.
وأضاف “علينا أن نتذكر هنا أن الشارع التونسي يوم 25 يوليو (تموز) كان منقسما على نفسه، وجزء منه تم تضليله فعلا تحت تأثير الخطاب الشعبوي لقيس سعيد، والتحريض الإعلامي الهائل، والحمد لله أن مفعول المخدر الانقلابي في طريقه إلى النفاد، وبدأت رحلة الصحو تتسع يوما بعد يوم، بعدما فشل المنقلب في تحقيق أي شيء من وعوده، ودفع البلاد دفعا نحو الإفلاس والفقر والجوع، وقد تأكد الجميع اليوم، بفضل جهود المناضلين وتضحياتهم، أن قيس سعيد بات فاقدا للشرعية والمشروعية، بعدما ضاق حزامه الشعبي إلى حد كبير، مقابل اتساع شارع التيار الوطني المقاوم للانقلاب”.
ودون النائب السابق عن حركة النهضة، العجمي الوريمي “مسيرة 15 أكتوبر 2022 شكلت بداية التقاطع والالتحام بين الشارع السياسي والشارع الاجتماعي، ولا ينبغي أن ننسى أن جمهور النهضة العريض ليس مجرد فاعل سياسي فهو جزء من النسيج المجتمعي وجزء لا يتجزأ من الشارع الاجتماعي”.
وأضاف “اليوم ظهرت جبهة الخلاص قريبة من نبض الشارع المهموم بمصاعب المعيشة وبالخوف على المستقبل لكنه يتذمر بصوت خافت كي لا نقول في صمت وهو لن ينضم إلى القوى المعارضة لسلطة الانقلاب إلا عند تيقنه من اقتراب حسم المعركة أو دنو الخطر الداهم الذي يمكن أن يعمم الفوضى والخراب ويعجل بانهيار الدولة، وعلى جبهة الخلاص الوطني أن تكون واثقة من أنها رافعة البديل وأن تكون -لا فقط جبهة سياسية- إنما تعبيرة عن كتلة تاريخية محركة لعملية إنهاء حالة الانهيار السياسي والقيمي وتدشين مرحلة البناء المشترك ومرحلة النهوض الشامل”.
فيما نشر الحزب الدستوري الحر صورا لتظاهرات تضم مئات المتظاهرين يرددون عبارات ضد الرئيس قيس سعيد وحركة النهضة من قبيل “انتهت المسرحية.. لا قيس لا خوانجية”.
ولاحقا، أعلنت عبير موسي رئيسة الحزب، في فيديو على صفحتها في فيسبوك، دخولها في إضراب جوع، بعد “منع” أنصارها من دخول شارع الحبيب بورقيبة، مقابل “السماح” لجبهة الخلاص الوطني من تنظيم تظاهرات وإلقاء خطابات في الشارع.
وأعلنت أنها ستقاضي سعيد، الذي نعتته بـ”الخليفة والديكتاتور” الذي لايهتم لمعاناة شعبه، مشيرة إلى أن الانتخابات التشريعية المقبلة “باطلة”.
وأضافت موسي “سعيد شريك في جريمة تسهيل تصفيتي الجسدية أيام البرلمان بمساندة قرار الغنوشي رفع الحماية الأمنية عني في فضاءات مجلس الإرهاب (البرلمان)، ومنذ توليه كرسي “الخلافة” وتجميع كل السلطات، يتعمد تعريض حياتي للخطر في كل نشاط ميداني يقوم به الحزب. كما أن العنف الوحشي المسلط على مناضلي الحزب أصبح حقا مكتسبا لوزارة الداخلية في ظل صمت المنظومة الوطنية والدولية لحقوق الإنسان وشلل المؤسسة القضائية”.
وردت وزارة الداخلية ببلاغ أدانت فيه “المغالطات” التي قالت إن المعارضة روّجت لها حول وجود تعطيل لوسائل النقل، مؤكدة أن وحداتها الأمنية “تعمل على الحفاظ على الأمن والنظام العام في إطار عملها العادي وتطبيق القانون وذلك من حيث الإجراءات والرقابة الترتيبية على الأفراد ووسائل النقل ووثائق الجولان، حيث تمّ تأمين عمليات التنقل لمختلف الوسائل بجميع الجهات عدا البعض منها والتي بعد استشارة النيابة العمومية أسدت تعليماتها بتحرير محاضر ومخالفات في شأنها والحجز عند الاقتضاء طبقا للقانون”.
كما أشارت، في بلاغ نشرته السبت، إلى أنّه “تمّ ضبط 4 أشخاص في أماكن مختلفة من محيط التحركات الاحتجاجية بحوزتهم مبالغ مالية متفاوتة (12 ألف دينار، 1190 دينار، 2000 دينار و1200 دينار) وتحوز أحدهم على علبة غاز مشل للحركة، وباستشارة النيابة العمومية أذنت باتخاذ الإجراءات القانونية في شأنهم. وتؤكد وزارة الداخلية على أن المؤسسة الأمنية تقوم بواجبها في تأمين المتظاهرين من جهة والحفاظ على الأمن العام وحماية الممتلكات العامة والخاصة من جهة أخرى في كنف تطبيق القانون والحياد التام واحترام حقوق الإنسان”.
وقال رئيس مكتب الإعلام في وزارة الداخلية، فاكر بوزغاية لوكالة الأنباء الرسمية إن الوزارة “أعلمت النيابة العمومية بتنفيذ عبير موسي اعتصاما وإضراب جوع أمام وزارة الداخلية لتحدد إن كان هنالك مخالفة للقانون وستتخذ الإجراءات المناسبة بإذن منها”، مضيفا “طريقة الاحتجاج لا يجب أن تمس من الأمن العام ومن عمل الموظفين والمواطنين الذين يملكون محلات تجارية في المكان”.
وقال إن الوزارة “لم تقم بوضع حواجز أمام مقرها لمنع التظاهر وإنما لحماية نفسها من الإرهاب، وهي وزارة سيادية وحساسة، وتحترم حرية وحق التظاهر ولم يحصل أي تضييق على المتظاهرين كما أنها تحرص على حماية المحتجين وتطبق القانون على الجميع دون تمييز بين الأطراف السياسية والاجتماعية”.
كما نشرت الوزارة صورتين لتظاهرتي جبهة الخلاص الوطني والحزب الدستوري الحر، يظهر في الأولى بضعة مئات فقط من المتظاهرين، ويظهر في الثانية بضعة عشرات فقط.
ودونت ليلى حداد النائبة السابق عن حركة الشعب (مؤيدة لسعيد) “من جديد يحاولون الرجوع ومن جديد يعودون باذيال الخيبة تلو الخيبة. رغم التحشيد الرهيب ورغم الأبواق الإعلامية المجندة لتأجيج الشارع الا ان ابناء هذا الشعب آبى أن تنطلي عليه أجنداتهم”.
وأضافت “فشلت جبهة الخلاص -أو “النهضة” بعبارة أدق- فشلت عبير وتجمعها الهجين من هنا وهناك، في حشد أبناء هذا الشعب، رغم الأموال التي وظفت من أجل الالتفاف حول مسار 25 جويلية، فاختاروا التاريخ في رمزيته لكن صدق التاريخ في إجلائهم من ذاكرة شعب كره نفاقهم وزيفهم”.
وعادت ما تستعين السلطة والمعارضة في تونس بوسائل التواصل للتأثير على الرأي العام في البلاد، فقبل أشهر استغل الطرفان حادثة وفاة الناشط، رضا بوزيان، في نشر فيديوهات تدعم رواية المعارضة حول “مسؤولية” السلطات عن وفاته، وأخرى تفنّد هذا الأمر، وتؤكد أن فيديوهات المعارضة تعود لشخص آخر، مشيرة إلى أن بوزيان توفي بشكل طبيعي.
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس