افريقيا برس – تونس. كتبه / توفيق زعفوري.. بعد أن حُمل بن القارح زقفونة، هاو هو أبو العلاء يعبث به مرة أخرى و هو يداعبه و يلاعبه بين ثنايا الجنة و يصف ملاقاته بين شاعرين في مجلس أدبي في الجنة و فريقين في باردو، ويقع في الفصل الاول من الرحلة بعد طواف ابن القارح على بعض شعراء الجنة حيث يلتقي بنابغة بني جعدة ويقيم مجلسا أدبيا تحضره جماعة من شعراء الجنة، طرفاها الدستوري و الإئتلاف ، أو الدستوري و النهضة ، فتقع الخصومة بين نابغة بني جعدي والاعشى في مجلس أدبي خمري، هو ذاته ما يقع اليوم من تبادل مواقع بين عبير و الإئتلاف ، لا فرق إلا في الشخوص و التوقيت الزمني.. و اليوم 18 مارس نحيي فيه الذكرى السادسة لنزاع مسلح إرهابي في باحات البايات أتى على أرواح عشرات الأجانب، و خلف أخاديد و جروح غائرة في التاريخ و الذاكرة، و اليوم نشهد بقايا ذاك النزاع أو صورة أخرى من صوره تجسده البروتاقونيست أو الديفا عبير…
فصل آخر من فصول التعطيل و العربدة و التشويش و التجييش تأتيه كالعادة زعيمة ” الإنفلات و المُعاوَلة”.. الأمر تعدى الإطاحة برئيس البرلمان و سحب الثقة منه، إلى تعطيل عمل اللجان، ثم يأتي الدور على الإداريين، حتى ينتقل مرة أخرى إلى الزملاء و الزميلات من النواب، و كل من لا يتوافق معها فهو خائن عميل و هدف يجب مواجهته و مهاجمته، فهي رأس الحربة و رأس الحية في الحرب على أي نفس ديمقراطي..
يصل التجييش أقصى مدىً، فيستحيل إلى نزاع بالأيدي، ثم تسيل الدماء، و هذه ليست المرة الأولى، فقد سبق التهجم على نائب بقارورة مياه و تشابكت الأيدي بعدها و حصل المكروه، و تكرر الفعل ذاته مع عبير في أكثر من مناسبة حتى صار الأمر مسلسل اعتداءات لا نعرف مدى سيلان الدم فيه و لا توقيته، و لكننا نعلم أن نفس الأطراف المتنافرة المتناحرة التي تقصي بعضها و لا ترى حياة مع الطرف الآخر، هي نفسها الأطراف التي تدفع بالأمور إلى أقصاها و كأنها دفعت دِيّة الدم و هي فقط جاهزة لتحمل وزر المواجهة، و كأنها تعلم حساب ما بعد الضربة القاصمة..
أحزاب تدفع باتجاه حل البرلمان، ثم تتساءل لماذا تحلون البرلمان، النظام البرلماني من أنجع النظم التي تحكم العالم، النظام البرلماني نظام ديمقراطي تشاركي، النظام البرلماني يمنع عودة الاستبداد الخ الخ..
حل البرلمان تضبطه قوانين و نواميس دستورية، هذا صحيح، لكن الافتاء في القوانين صار كخيوط اللعبة، هناك من يحركها بأهوائه و حسب تقدير موازين القوى لديه، و هناك من يرفض اللجوء إلى القانون مطلقا لحل البرلمان مع أنه لم يعد الوضع في باردو و لا في القصبة و لا حتى في قرطاج يحتمل حالة الإنسداد و الإنغلاق، التي تضر بمصلحة التونسيين جميعا، ثم أنه لا أحد لديه بدائل واضحة و عملية لما بعد حل البرلمان، كلها سفسطة و هرطقة لا غير..
من الواضح جدا، أن حالة الشلل في باردو سببها من يترأس قصر البايات، الذي أصبح منذ فترة جزء من المشكل و ليس جزء من الحل و قد سبق أن أتخذ فيه إجراء سحب ثقة لم تصل للحد المطلوب، و هناك لائحة أخرى تعطلت بسبب التجاذبات و المساومات، لكنها تشترك في ضرورة وضع حد لرئاسة الغنوشي للبرلمان و هذا موقف حتى بعض قيادات النهضة، لكن الظروف لم تنضج بعد لازاحته، أو أن الثمن مازال محل تفاوض..
حالة من الإحباط، و عدم الإستقرار، السبب فيها أغلب نواب البرلمان مستقلين و متحزبين لا فكاك منها إلا بإصلاح النظام الإنتخابي و النظام القيمي الأخلاقي لدى الناخب على حد السواء.. لتونس رب يحميها من شرور أبنائها…





