أفريقيا برس – تونس. أثار اعتقال رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي جدلاً واسعاً في تونس، وخاصة أنه تزامن مع مناسبتين هامتين، دينية تتمثل بليلة القدر، وسياسية تتعلق بزيارة وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد.
وكان السلطات التونسية قامت، مساء الإثنين، باعتقال الغنوشي وتفتيش منزله، كما داهمت مقر حركة النهضة وقامت بإغلاقه. وأشارت بعض المصادر إلى اعتقال القياديين في الحركة، محمد القوماني وبلقاسم حسن ومحمد شنيبة.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن مسؤول في وزارة الداخلية، تأكيده أن اعتقال الغنوشي يأتي بعد إدلائه بما سمّاه “تصريحات تحريضية”، في إشارة إلى تحذير الغنوشي من حرب أهلية في حال إقصاء الإسلام السياسي أو التيارات الأخرى في البلاد.
وكان الغنوشي قال خلال اجتماع لجبهة الخلاص الوطني، إن “تصوّر تونس بدون نهضة وبدون إسلام سياسي ويسار وبدون أي مكوّن من المكونات هو مشروع حرب أهلية. ولذلك الذين استقبلوا الانقلاب باحتفال لا يمكن أن يكونوا ديمقراطيين، بل هم استئصاليون وإرهابيون ودُعاة لحرب أهلية”.
وقال رياض الشعيبي، مستشار الغنوشي، إن كلام الغنوشي “كان واضحاً في الحديث عن أن الديمقراطية الانتقائية (أي التي تدمج قوى سياسية وتستثني أخرى) لا تستطيع أن تخلق استقراراً سياسياً واجتماعياً. وهذا الأمر يجعل السلم الأهلي معرضاً للتهديد وبالتالي استفحال مخاطر العنف السياسي والحرب الأهلية”.
وأكدت مصادر من حركة النهضة أن السلطات التونسية منعت 40 محامياً جاؤوا للدفاع عن الغنوشي من دخول ثكنة العوينة حيث يُتوقع احتجازه هناك.
ليلة القدر
وقال مختار الجماعي عضو هيئة الدفاع عن الغنوشي إن إيقاف موكّله بعد المغرب وفي مناسبة دينية هامة تتمثل بليلة القدر، يحمل معنى رمزياً كبيراً، متسائلاً: “إذا كان سبب الاعتقال هو التصريحات التي أدلى بها الغنوشي، لماذا تم اعتقاله في هذا التوقيت، ولم يتم إيقافه صباحاً أو في أي وقت آخر؟”.
وتحت عنوان “رسائل ليلة القدر”، كتب مهدي عبد الجواد القيادي في حركة “عازمون”: “في اقتياد الغنوشي للتحقيق، رسالة أولى لكل حاكم وسياسي، تقول له: أحسن القيادة، وأحسن اختيار قياداتك، وتواضع إذا دان لك المُلك، وتذكّر أنه “يؤتي المُلك من يشاء، وينزعه ممن يشاء” وأن الايام دولٌ. ورسالة ثانية تقول: أغلق فمك إذا لم يكن لديك ما تُضيف، وتذكّر رسالة الجاحظ في المفاضلة بين الصمت والكلام (الصمت في موضعه ربما كان أنفع من الإبلاغ بالمنطق في موضعه، وعند إصابة فرصته. وذاك صمتك عند من يعلم أنك لم تصمت عنه عيّاً ولا رهبة)”.
وأضاف: “ورسالة ثالثة تقول إن مدار الفعل السياسي هو السلطة والحكم وليس أمراً آخر. جوهر الصراع هو السلطة أي الثروة، وكل الشعارات والمقولات والخطابة ليست غير “غلاف” خطابي تتزين به وتُخاتل المتقبّل وتحتال عليه. ورسالة رابعة تقول إننا مازلنا في طور القبيلة، يستفزّنا الدّمُ وتُحرّكُنا الثارات والأحقادُ والرغائب المتوحّشة. وخامسة تقول إن كل سلطة مطلقة هي مفسدة مطلقة”.
زيارة المقداد
وتزامن اعتقال الغنوشي مع زيارة وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، حيث سيقوم بإعادة افتتاح السفارة السورية في تونس لينهي بذلك قطيعة دبلوماسية استمرت لأكثر من عقد.
وهذا الأمر دفع البعض للربط بين الحدثين، مشيراً إلى أن المقداد ربما يحمل “ملفات” تتعلق بشبكات التسفير التي يتهم البعض حركة النهضة بـ”التورط” فيها، وسبق أن حققت السلطات مع الغنوشي وقيادات أخرى من “النهضة”، لكن لم يتم حتى الآن إدانة أي طرف بهذه القضية.
فيما أشار آخرون إلى أن اعتقال الغنوشي قد يكون بطلب من النظام السوري أو كبادرة “حسن نية” من الرئيس قيس سعيد تجاهه، وخاصة بسبب حالة “العداء” تجاه حركة النهضة التي سبق أن اتخذت، خلال حكم الترويكا، قراراً بطرد السفير السوري من تونس، فضلاً عن عقد مؤتمر “أصدقاء سوريا”، الذي دعا إلى دعم الثورة السورية وقطع العلاقات مع نظام الأسد وفرض عقوبات دولية عليه، فضلاً عن الاعتراف بالمجلس الوطني السوري كممثل شرعي وحيد للشعب السوري.
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة الفیدیو
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس