لأول مرة في تاريخ تونس : سجل وطني حول إحصائيات الانتحار

131

استقبل مستشفى الحروق والإصابات البليغة ببن عروس سنة2016 أكثر من 100 شخص أضرموا النّار في أجسادهم أثناء محاولتهم الانتحار.

وأفاد مسؤول بالمستشفى أن هذه المؤسسة الصحية استقبلت في العام الماضي 323 مصابا بحروق بليغة (أغلبهم جراء حوادثبينهم 104 أقدموا على إضرام النار في أنفسهم للانتحار (أي ما يعادل ثلث عدد المصابين الذين استقبلهم المستشفى).

الانتحار حرقا ثاني وسيلة للنتحار في تونس

ومن المتوقّع أن «يعادل» عدد المنتحرين حرقا خلال كامل عام 2017، أو «يتعدّى» الرقم المسجّل في2016، وفق تقدير المصدروفي سنة 2015، انتحر في تونس التي يبلغ عدد سكانها نحو 11 مليون نسمة،365 شخصا أي ما يعادل 3،27 حالة انتحار لكل مائة الف نسمة، بحسب لجنة لمكافحة الانتحار أسستها وزارة الصحة العمومية في 2015.

وتتمثل المهام الرئيسية لهذه اللجنة في إعداد استراتيجية وطنية للوقاية من الانتحار، ووضع سجلّ وطني يتضمن إحصائيات حول الانتحار، وذلك للمرة الاولى في تاريخ البلاد.

في 2015، مثل الانتحار حرقا نسبة بأكثر من 15 بالمائة من المجموع  مقابل نحو 60 بالمائة للانتحار شنقا و6،5 بالمائة للانتحار بتناول الادوية.

وبذلك، أصبح الانتحار حرقا، ثاني الطرق التي يعتمدها تونسيون لوضع حد لحياتهم.

وحوالي نصف المنتحرين في تونس شباب تتراوح اعمارهم بين 30 و39 عاما، وفق اللجنة.

  «ذروة» أولى في 2011 ثمّ ثانية اعتبارا من 2014

وبحسب نتائج، دراسة حول تأثير «الثورة» على الانتحار في تونس، شهدت البلاد ارتفاعا في حالات الانتحار بين 2011 و2012، ثم «تراجعا طفيفا» في 2013 قبل «ذروة ثانية بداية من 2014»، وفق أحد الأطباء المشاركين في إعداد الدراسة.

ويفسّر مختصون هذا الارتفاع بالتردّي المتواصل (بعد ثورة 2011للأوضاع العامة في البلاد خصوصا من الناحية الاقتصادية وبتأثير «أزمة الاقتصاد الكلي على الافراد» الذين أصبحوا يعيشون ظروفا مادية أكثر صعوبة من قبل.

وغالبا ما يكون الانتحار نتيجة تراكم عدة عوامل يتداخل فيها النفسي والاجتماعي والاقتصادي، إلا أنه يأتي في الغالب إثر الفقدان النهائي للأمل والإصابة بأمراض نفسية مثل الاكتئاب، وفق علماء النفس.

نقص فادح في الأطباء النفسانيين

وتشكو تونس من نقص فادح في أطباء النفس (خصوصا في المستشفيات العموميةإذ لا يتعدّى العدد الإجمالي لهؤلاء الأخصائيين 400 على أقصى تقدير.

وينتشر الانتحار بالخصوص في صفوف فئات اجتماعية هشّة مثل العاطلين عن العمل أو أشخاص فقدوا وظائفهم فجأة ووجدوا أنفسهم دون مورد رزق.

وفي السنوات الاخيرة، برزت ظاهرة التهديد او محاولة الانتحار حرقا، سواء بشكل فردي او جماعي، خصوصا في صفوف خريجي جامعات عاطلين عن العمل ويطالبون بوظائف.

ويعتبر أخصائيون نفسيون أن التغطية الإعلامية «المفرطة» وأسلوب «الإثارة» التي تعتمده وسائل إعلام عند تناول حوادث الانتحار حرقا، عاملان يؤديان إلى زيادة أعداد المنتحرين بهذه الطريقة.

وأكدت عدة تقارير أن الانتحار حرقا في تونس ظاهرة موجودة منذ نهاية التسعينات لكن التطرق إليها إعلاميا كان من المحرمات في عهد الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي (19872011).

ويوم 17 ديسمبر 2010، أحرق البائع المتجول محمد البوعزيزي (26 عامانفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد بعدما سكب على جسمه البنزين، احتجاجا على مصادرة الشرطة البلدية «برويطة» كان يبيع عليها الفواكه.

وقد توفي البوعزيزي في الرابع من جانفي 2011 بمستشفى الحروق البليغة ببن عروس، وقد أججت وفاته«انتفاضة» انتهت بهرب زين العابدين بن علي إلى السعودية يوم 14 جانفي 2011.

ونادرا ما ينجو من يقدم على الانتحار حرقا، من الموتوحتى لو نجا منه فإنه يقضي بقية حياته حاملا لإعاقة أو عدّة إعاقات.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here