نقابات التعليم في تونس تعود إلى سلاح مقاطعة الامتحانات

نقابات التعليم في تونس تعود إلى سلاح مقاطعة الامتحانات
نقابات التعليم في تونس تعود إلى سلاح مقاطعة الامتحانات

أفريقيا برس – تونس. قررت نقابات التعليم التونسية العودة إلى استخدام آلية مقاطعة الامتحانات أداة احتجاجية على تجاهل وزارة التربية لمطالبها، وعدم تنفيذ اتفاقات سابقة بشأن زيادات الرواتب والارتقاء الوظيفي، إذ أعلنت الهيئة الإدارية القطاعية للتعليم الثانوي الاتجاه نحو مقاطعة كل أشكال الامتحانات، الشفاهية والتطبيقية والعادية والتأليفية، إلى حين استجابة الوزارة للمطالب.

وقالت الهيئة إن الوضع الاجتماعي للأساتذة أصبح “غير مقبول”، مطالبة بمفاوضات جديّة حول مطالب القطاع المهنية، بما في ذلك زيادة الأجور، وتفعيل الزيادة في منحة التكاليف البيداغوجية، مؤكدة اعتزامها تنفيذ وقفة احتجاجية وطنية أمام وزارة التربية خلال إجازة الثلاثية الأولى، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاجتماعية للأساتذة، وعدم استجابة الوزارة لمطالب القطاع.

ويؤكد كاتب عام نقابة التعليم الثانوي، محمد الصافي، أن “وزارة التربية تدفع نحو احتقان الأجواء في قطاع التعليم بسبب الالتفاف على الاتفاقيات الموقعة بخصوص زيادة الرواتب والترقيات”. ويوضح أن “غلق باب التفاوض بشأن مطالب القطاع يصعّد الغضب في صفوف المدرسين الذين ملوا من سياسة التسويف والمماطلة، وتنكر السلطة لتعهداتها الموقعة سابقاً”.

وأضاف الصافي: “لا تكشف موازنة التربية التي يناقشها البرلمان عن نية الوزارة تفعيل الاتفاقيات، وقد طرحت النقابات العديد من الحلول لتجاوز الأزمة، وتحسين المناخ الاجتماعي في القطاع، غير أن هذه الحلول قوبلت بالرفض. الأوضاع الاجتماعية للمدرسين صعبة، وهم يتدحرجون إلى أسفل السلم المعيشي بسبب ضعف أجورهم، وعدم تجاوب السلطات بشأن تحسين رواتبهم”.

ولا تعد مقاطعة الامتحانات آلية احتجاج جديدة في تونس، إذ جرى اختبارها في السنوات السابقة رغم انتقادات شديدة واجهت النقابات، والتي اتهمت باستعمال مستقبل الطلاب في خصومتها مع الوزارة.

تقول نبيهة بوترعة، وهي ولية ثلاثة طلاب في المرحلتين الإعدادية والثانوية، إنه “من حق المدرسين الدفاع عن حقوقهم المادية والمهنية، لكن يجب ألا يكون ذلك على حساب مصلحة التلاميذ. المقاطعة المتوقعة للتقييمات خلال الثلاثي الثاني من العام الدراسي الحالي تثير موجة قلق واسعة لدى الأولياء، خصوصاً أنها تتزامن مع اقتراب فترة الامتحانات الوطنية ومراحل التوجيه. نخشى من تعطل روزنامة الامتحانات، وتأثير ذلك على السنة الدراسية، فضلاً عما تسببه هذه التحركات الاحتجاجية من توتر داخل المؤسسات التعليمية والأسر”.

في المقابل، تؤكد النقابات أن مسؤوليتها تربوية بالأساس، وأن الضغط الذي تمارسه على الوزارة هدفه حماية التعليم الحكومي، وليس تعطيله. ويقول الكاتب العام المساعد لجامعة التعليم الأساسي، إقبال العزابي: “اضطرت النقابة إلى خطوات تصعيدية ستنفذ خلال الثلاثي القادم بسبب عدم التزام الوزارة بتنفيذ التزاماتها التي وقعت عليها، والتي تهم مسائل مادية ومهنية أساسية”.

ويعتبر العزابي أن “التعليم التونسي في أسوأ حالاته نتيجة السياسات الحكومية، وأزمة المالية العمومية التي يدفع التلاميذ ثمنها نتيجة نقص الإطار التدريسي، وعدم إيلاء المدرسين المكانة الاجتماعية التي يستحقونها بوصفهم حلقة أساسية في صنع المجتمعات”.

وانطلق العام الدراسي الحالي في أجواء مشحونة بين وزارة التربية ونقابات التعليم بسبب جملة من الملفات العالقة، أبرزها تسوية الأوضاع المهنية، وتحسين ظروف العمل، والحق في العمل النقابي. وتوصد الوزارة منذ أشهر كل أبواب الحوار مع النقابات، الأمر الذي دفع المدرسين إلى خوض سلسة من الاحتجاجات منذ شهر أغسطس/آب الماضي.

وخلال السنوات الأخيرة، لم تكن العلاقة بين نقابات التعليم والسلطة في أحسن حالاتها، إذ تتمسك النقابات بمطالب مهنية ومادية، في حين تؤكد الوزارة أن الوضع المالي يفرض سياسة تقشفية، وصياغة حلول توافقية تراعي الموازنات العامة.

غير أن هذه العلاقة المركبة انعكست بشكل مباشر على المشهد التربوي، وكثيراً ما رافقت العودة المدرسية تهديدات بالإضرابات، وحملات مقاطعة لإجراءات إدارية، مثل الامتحانات، الأمر الذي يضع التلاميذ والأولياء في حالة قلق دائم.

ويرى مهتمون بالشأن التربوي أنّ استمرار الشد والجذب من دون حوار فعّال من شأنه أن يفاقم هشاشة المنظومة التربوية، والتي تواجه تحديات متراكمة، مثل اكتظاظ الصفوف، ونقص الموارد، وتراجع جودة التعليم، كما أنّ تكرار الأزمات بين الوزارة والنقابات يعكس غياب رؤية إصلاحية شاملة، ما يتطلب اتفاقاً اجتماعياً طويل الأمد، يوازن بين الحقوق النقابية وإكراهات المالية العمومية، حتى لا تبقى كل عودة مدرسية رهينة مفاوضات متشنجة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here