تشهد تونس منذ اشهر انطلاق حملة انتخابية مبكرة قبل الاستحقاق الانتخابي في اكتوبر 2019 في ظل اوضاع اقتصادية صعبة و ازمة اجتماعية خطيرة .
و ككل فترة تعاد الاصطفافات الحزبية لتولد احزاب و تحالفات جديدة تبني برامجها على الكذب و التشويه و المغالطات و توظيف ميليشيات فيسبوكية و اعلامية تنتهي مهمتها عند الاعلان عن نتائج الانتخابات . لا توجد برامج اصلاحية او افكار جديدة تقنع بها الشعب بل لا تصارحه بحقيقة الاوضاع و اهمية الالتقاء حول برنامج وطني للانقاذ .
الحقيقة وحدها ثورية كما قال غيفارا و من يستطيع اليوم معالجة هذا الكم من الخراب ؟ انتخابات 2019 لن تكون بمثل مخرجات 2014 و الوعي الذي بدأ يتشكل اليوم اكبر مما كان بعد 2011 .. هل سيصدق الناس اشخاصا يمارسون السياحة الحزبية بانتهازية مفضوحة و ارادة للتموقع ؟ هل تبنى الاوطان بالشعارات ؟
مشهد سريالي مكرر بعد اختلاط الحابل بالنابل و ظهور طارئين على عالم السياسة يخدمون اجندات اسيادهم ،، احزاب و جمعيات مخترقة بالمال الفاسد من الداخل و الخارج تدعي السيادة و استقلال القرار الوطني . لا شك ان تجربة الانتقال الديمقراطي مستهدفة في تونس و لا يمكن لبعض القوى الاقليمية و الدولية ان تسمح بممارسة الشعب لسيادته لانها ترى في ذلك تهديدا لمصالحها الاقتصادية اما الرجعيات العربية فتخشى انتقال قيم الحرية و العدالة الاجتماعية الى شعوبها المغلوبة على أمرها .
حتى المؤسسات الدستورية مثل هيئة الانتخابات ولدت من جديد بعد مخاض لأن قوى الثورة المضادة لا ترغب في الانتخابات خاصة بعد اعادة انتشارها و سيطرتها على مفاصل القرار و منظومة الامتيازات ، اما المحكمة الدستورية فلا يراد لها ان ترى النور الا باشخاص تابعين لا مستقلين .
هذا الواقع البائس و مع عودة نفوذ لوبيات المال و سيطرتهم على وسائل الاعلام و الاقتصاد و المصالحة مع الفاسدين أثمر وضعا هجينا لم يستوعب دروس ثورة 17 ديسمبر و لا هروب الرئيس السابق يوم 14 جانفي 2011 . و لا احد ينكر ايضا شرعية المطالب الاجتماعية التي يقودها الاتحاد العام التونسي للشغل باعتباره قوة وازنة في المشهد السياسي مع تدهور القدرة الشرائية و انحدار الطبقة الوسطى التي يشكل رجال التعليم و الوظيفة العمومية عمودها الفقري .
هناك ثلاثة قوى رئيسة منظمة في تونس وهم حركة النهضة و الجبهة الشعبية و الاتحاد العام التونسي للشغل مع احزاب صاعدة مثل التيار الديمقراطي و حركة الشعب في انتظار تشكل حزب رئيس الحكومة الذي جمع شتات المنظومة القديمة و رجال الاعمال و المنسلخين من نداء تونس .
لقاء هذه القوى حول الاولويات الوطنية قد يشكل مخرجا للأزمة و يساهم في التهدئة ، لكن هذا الامر بعيد المنال لأسباب يطول شرحها .. في الاثناء تتواصل المعارك الوهمية و الاحتراب الايديولوجي الذي يغذيه المستفيدون من هذا الوضع ، وهم في كل الاحوال اعداء الشعب و الوطن .