كتبه: توفيق الزعفوري
كنا أشرنا في مقالات سابقة على هذا الموقع أن مناورات النهضة، و إنعطافاتها،و حركات الغمز و اللمز، هي فقط لتشريك قلب تونس الفاسد في حكومة الثورة، و أن توسيع الحزام السياسي للحكومة القادمة ، هو كلمة حق أُريد بها باطل، الآن صار اللعب على المكشوف، لا مناورات، و لا مشاورات، الحكومة لن تمر إلاّ إذا كان فيها قلب الفساد، حتى تكون حكومة قادرة مقتدرة، ناجعة ناجحة بالفخفاخ الفاشل أو المقتدر، فإن قلب تونس هو كلمة السر فيها، و هو مفتاحها، قلب تونس هو من يوقّع شهادة ميلادها.. راشد الغنوشي ، على موزييك اف ام ذهب أبعد من ذلك، و قال أن الرئيس أخطأ باختيار إلياس الفخفاخ، و أنه ليس الأقدار و ليس الأصلح، من بين الشخصيات التي قدمناه له أي أنه ليس رجل المرحلة..
نفهم إذن بعد هذا من أين كانت تأتي النيران السابقة و كيف تتحرك الماكينة الاعلامية على منصات التواصل و غيرها، الفخفاخ ليس هو العصفور النادر و الرئيس ليس صائد أسود و لا حتى عصافير، و سلطته التقديرية عديمة الجدوى ، و هو لم يستثمر في صورة البلاد و كان عليه أن يحضر مؤتمر دافوس الإقتصادي، و أن يكون حاضرا في أفريقيا، و أن هذا الغياب سينقص من رصيد الرأسمال المعنوي للبلاد، إذا أضفنا إليه ضغوطات قلب تونس من جهة أخرى من خلال دعوة إلياس الفخفاخ إلى تحمل مسؤولياته، و تشريك جميع الأطراف، نفهم من كان وراء حالة التعطيل و من يضع العصي في الدواليب و من هو الحل و العقد في تونس…
يبدو إذن ان ” الكيلو طيح الرطل” و أن الكتلة هي الوزن فعلا فيزيائيا و سياسيا، و هذه الكتلة 38 التي أطاحت بالحبيب الجملي ، هي نفسها التي ستطيح بحكومة الفخفاخ ، في الأيام القليلة القادمة مهما كانت نجاعة الفريق المكون لها و مهما كانت جديته و مهما كانت كفاءته، لا يهم كل هذا، المهم أن يكون قلب تونس في قلب الحكومة ، حتى لو كانت حكومة بيادق خشبية، أو عرائس ورقية..
التناغم و التآلف بين حزب ليبرالي يساري متوحش و يمين وسطي إسلامي ولّدته رغبات التموقع داخل أسوار القصبة، و هذا السباق المحموم إليها، سرّب رائحة ” خلاف” خفي بين الغنوشي و الرئيس سعيد أشار إليه محسن مرزوق و س عان ما فنده راشد الغنوشي…
يبدو أنه لا فائدة من الذهاب بعيدا في حكومة الثورة، لا حكومة ثورية بدون قلب تونس، و لا فائدة في الدق في الجيف الميتة، إلا إذا صار إختراق قوي في المشاورات و اتفاق سري تتم بمقتضاه تمكين إلياس الفخفاخ من جواز سفر إلى القصبة، و لا يبدو هذا ممكنا، في ضل تواتر الحديث عن إعادة الإنتخابات، و تنقيح قانون الإنتخابات برمته و ليس فقط إقرار عتبة ال 5٪…
ما يحدث الآن هو عملية إخصاء لثورة شباب تونس و تدنيسها و تشويهها من خلال إحداث ثقوب تسرب منها أزلام السيستام بمباركة إخوانية.. و غدوة ماهوش خير للأسف…