حياة بن يادم
لا ندري لماذا و إلى الآن، الملفوظين من طرف صناديق الاقتراع في الانتخابات الأخيرة، التي أفصحت عن إرادة الشعب التونسي العظيم، و التي رمت بهم في مزبلة التاريخ، يصولون و يجولون في المنابر الاعلامية مقدمين دروسا مجانية حول مسار تشكيل الحكومة المرتقبة.
و آخرها محسن مرزوق، الذي أدلى بدلوه فيما يخص مسار تشكيل الحكومة. حيث صرح أن “الغنوشي و قيس سعيد يتعاركوا على السلطة و الفخفاخ يلزم يكون شجاع و يخرج مالربطية الي حطوه فيها”.
اتساءل كيف لنكرة لفظته صناديق الاقتراع، يتطاول على من وصل الى عرش قرطاج بنسبة تفوق 72 بالمائة، و على رئيس الحزب الاول في البلاد، و المترئس للسلطة التشريعية في البرلمان، و يتهمهم بالعراك. في حين أنهما عنوانان لأعلى سلطة، الرئاسية و البرلمانية .
لكن مرزوق صاحب السوابق و المحطم للرقم القياسي في الصراعات، و عرّاب تفكيك حزبه الاصلي نداء تونس، لم يستطع الخروج من منطق العراك و التهديم، و لم يكتسب خلال هذه السنوات ثقافة البناء. و حتى مناخ الحرية الذي دفع ثمنه باهظا ابناء هذا الوطن العزيز، لم يغير من سلوكه المتمرد على مخرجات دستور الثورة. و بقي وفيا لأجندا خارجية، تجعله لا يتورع عن الاذلال و بيع نفسه و التضحية بسيادة الوطن في سوق النخاسة مقابل ملاليم نجسة.
فتاريخه يشهد على استثماره القذر في المصائب التي تحلّ بالوطن. ووصل به الحدّ تقسيم التونسيين الى دم احمر و دم اسود. ليكون عرّابا للفتن. و خبثه في انتحال صفة رئيس الجمهورية. لكن مشروعه دفن حين كنسه المرحوم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، من القصر و الحزب، في الوقت المناسب للوطن، لكنه جاء متأخرا بالنسبة لحزب النداء الذي بقي اثرا بعد عين.
آخر شطحات مرزوق الذي لا يخجل ان يصل الى عرش السلطة على جماجم التونسيين، يقوم بالتدبير على الفخفاخ ان يكون شجاعا و يخرج من الربطية. نصيحة خبيثة و مفخخة بامتياز، و فاقد الشيء لا يعطيه، لان الذي ارتضى بالعبودية و لم يقبل باستنشاق نسمات الحرية و الكرامة، لا يستطيع ان يلقن دروسا في الشجاعة و الاقدام. و نصيحته تأتي في اطار دعم مزبلة التاريخ بالفاشلين امثاله.
لكن الفخفاخ، يعلم جيدا ان مرزوق لا يأتي من ورائه إلا المصائب و المحن. و فرصة التكليف التي اتيحت له، أحيته من جديد بعد موته السياسي، التي اعلنت عنه صناديق الاقتراع في الانتخابات الاخيرة.
من الغباء أن ينصت الفخفاخ لأصوات الاغبياء، و للراعي الرسمي لتدمير الانتقال الديمقراطي. بل من الحكمة أن يعمل على اثبات قدرته في النجاح و استغلال الفرصة التي تأتي مرة واحدة في العمر، و تحقيق احد دعوات والدته في جوف الليل.
لكل ما سبق تعجز الحروف على وصف سلوك “الظاهرة” مرزوق التي حيّرت كل التونسيين، ورغم استبشارنا باختيار شعار المفتاح لحزبه، على اساس و ان الرجل أصبح قوة اقتراح و بناء، لكن ما بالطبع لا يتغير. و يتضح و أن مفتاح مرزوق.. “كي مفتاح سعد الله يجي يحلّ يسكّر”.