كيف سينعكس الصراع السياسي على أداء المنتخب التونسي في مونديال قطر؟

47
كيف سينعكس الصراع السياسي على أداء المنتخب التونسي في مونديال قطر؟
كيف سينعكس الصراع السياسي على أداء المنتخب التونسي في مونديال قطر؟

حسن سلمان

أفريقيا برس – تونس. تكتسب المشاركة التونسية في النسخة الثانية والعشرين من كأس العالم طابعا خاصا، فرغم أن ملايين التونسيين يمنّون النفس بتحقيق نسور قرطاج نتائج طيبة في مونديال قطر، إلا أن المراقبين يخشون أن يتأثر أداء المنتخب “سلبا” بالصراع المتواصل بين وزارة الرياضة واتحاد كرة القدم.

ويشارك نسور قرطاج للمرة السادسة، والثانية على التوالي، في كأس العالم، ما يضعهم- إلى جانب المغرب والسعودية- في مقدمة المنتخبات العربية الأكثر مشاركة في هذا العرس الكروي العالمي، مع أفضلية للنسور تتجلى بتحقيقهم أول فوز للعرب في كأس العالم عام 1978، حيث هزموا المكسيك بثلاثة أهداف مقابل واحد.

وكان جلال القادري، مدرب المنتخب التونسي، كشف عن الهدفَ الأساسي للمشاركة بكأس العالم في قطر، وهو التأهل للدور الثاني من البطولة، لكنه لم يخفِ صعوبة المهمة في ظل وجود منتخبات قوية على غرار فرنسا والدنمارك في المجموعة الرابعة التي تضم أيضا تونس وأستراليا.

ماهر المذيوب: كرة القدم تندرج في إطار الدبلوماسية الناعمة

ويقول ماهر المذيوب مساعد رئيس البرلمان السابق “كرة القدم في تونس وفي أجزاء أخرى من العالم هي ممارسة للسياسة بطرق أخرى، فهي وسيلة لضمان الوصول لقطاع عريض من الجماهير استعدادا للترشح أو التطلع لمنصب سياسي وهي محطة لاستراحة المحارب في أوقات “الفراغ” لبعض السياسيين، وهي وسيلة تأثير قوي جدا، ويمكن إدراجها ضمن الدبلوماسية الناعمة”.

ويضيف: “الحقيقة، هنالك عادة خلافات ببن رئيس اتحاد كرة القدم ورئيس اللجنة الأولمبية الوطنية، والآن لدينا خلاف شديد بين رئيس اتحاد كرة القدم وسلطة الإشراف، ممثلة في وزير الشباب والرياضة، قاعدتها لمن القرار ومن يتحكم بلعبة كرة القدم (الرياضة الأكثر شعبية ولعبة السياسة والتأثير)، ومهما كانت الضغوط، فإن وزير الشياب والرياضة سيدفع ثمن تهوره في الدفاع عن سياسة رئيسه وتشدده في التعامل مع رئيس اتحاد كرة القدم، فأي مس- ولو مبطن- برئيس اتحاد كرة القدم يعني أزمة مع الفيفا وعقوبات وسخط شعبي. أعلم أن هؤلاء لا يقبلون النصيحة ويعتقدون أن كل الهيئات الدولية “أمك صنّافة” بالمثل الشعبي التونسي (في إشارة لتصريح سابق للرئيس قيس سعيد)، لكن العقوبات عليهم ستكون وخيمة”.

ويرى المذيوب أن مدرب المنتخب التونسي، جلال القادري “يقوم بعمل جبار وسيكون المنتخب التونسي وشبابه المتميزون إحدى المفاجآت السارة لكأس العالم في قطر 2022، إذا لم تضغط السياسية على أجندة كرة القدم”.

محمد عمّار: الثورة لم تشمل قطاع الرياضة في تونس

ويؤكد النائب السابق محمد عمّار أن “تسييس كرة القدم في تونس وعالمنا العربي ليس بجديد وهو مرتبط ارتباطا وثيقا بدوائر الحكم، فبعد الثورة كان قطاع الرياضة ملاذا للسياسيين ومع ذلك لم يقوموا بتحسين البنية التحتية الرياضية التي تراجعت بشكل كبير في جميع الاختصاصات، ومن المفارقات العجيبة أن رؤساء الأندية ورئيس الجامعة (اتحاد كرة القدم) وأعضاءها منخرطون في العمل السياسي حد النخاع وعندما تتكلم وزارة الاشراف (الرياضة) يلجؤون إلى الفيفا تحت راية تدخل السياسة في الرياضة، والفيفا نفسها انخرطت بكل قوة في المسائل السياسية حسب موازين القوى”.

ويضيف: “أمام الفراغ الفكري والوضع الاقتصادي الرديء والفوضى العارمة والانفلات التام للإعلام بشتى أشكاله تحت يافطة الحريات المطلقة، أضحى حديث المقاهي والمواطن العادي (الذي يفهم في كل شيء!) هو السائد في كل البرامج الرياضية. فهناك مثلا معركة لأسابيع على الحارس الرابع الذي لن يكون ضمن التشكيلة الأساسية في المباريات الرسمية. المسألة تتجاوز القادري وكرة القدم وأداء المنتخب لأن التحليلات ليست رياضية وفنية وإنما تغذي الجهويات والتعصب للجمعيات (الأندية) الرياضية في تونس، في حين أن 80 في المئة من تشكيلة المنتخب يؤثثها لاعبون من خارج تونس ولا علاقة لهم بالجمعيات في الداخل”.

ويشير عمار إلى أن “الرياضة بصفة عامة جزء من القطاعات في تونس التي تتأثر مباشرة بالمناخ العام، وأي رؤية للبلاد يجب أن تأخذ قطاعات الشباب والتعليم والصحة ضمن الأولويات المطلقة، وكرة القدم اليوم مثل أي رياضة أخرى تتطلب بنية تحتية وتشريعية فنية وتكوين ناشئة سليمة، فالمادة الخام التي يتمناها عدد كبير من الدول متوفرة في جميع الرياضات في تونس، ورأينا ذلك في التنس والتايكواندو والسباحة وجميع الرياضات الجماعية”.

مهدي عبد الجوّاد: التنافس الرياضي انعكاس للصراع السياسي

ويؤكد الباحث والناشط السياسي مهدي عبد الجوّاد أن السياسة والرياضة في تونس وغيرها مرتبطان بشكل وثيق، و”التنافس الرياضي (وخاصة في كرة القدم) كان دائما عنوانا لصراع سياسي وحتى جهوي واجتماعي، والملاعب كانت- خاصة في نهاية حكم بن علي- فضاء تم الإعلان فيه على غضب الشباب، وكانت فرصة خرجت فيها شعارات سياسية ونفّس فيها الشباب أحيانا بطرق عنيفة عن شعوره بالغضب والظلم”.

ويضيف “الصراع اليوم في مجال كرة القدم يعكس مدى الانقسام المجتمعي والسياسي، فوزير الرياضة وهو أحد أنصار الرئيس يُناصب رئيس الجامعة العداء بدعوى أنه من رموز الفساد أو المنظومة السابقة، ويتم استغلال هذا الصراع الصامت لتصفية حسابات بعيدة على الرياضة، وفيها شبكة مصالح ومال وإعلام لم تجد حظها مع رئيس الجامعة فناصبته العداء متخفية وراء شعارات براقة”.

ويرى أن الصراع القائم بين وزارة الرياضة واتحاد كرة القدم “غير سليم ويؤثر سلبا على المنتخب وعلى أجواء التحضير للمونديال. للأسف هذا الصراع في الرياضة هو صورة للصراع السياسي، فليس هناك حدود ولا ضوابط ولا مراعاة للمصلحة الوطنية العُليا، ومن السخف اليوم التهجم على جلال القادري الناخب (المدرب) الوطني بدل مناصرته وتشجيعه”.

ويضيف “شخصيا، أنا أعرف أننا لا نمتلك نجوم كرة قدم كبار، والقائمة التي تم الإعلان عنها تتكون من مجموعة لاعبين رئيسيين منذ أكثر من ثلاث أو أربع سنوات. كل الجدل هو تصفية حسابات وإرباك للمنتخب”.

كما يؤكد عبد الجواد أن كرة القدم التونسية تحتاج “عملا كبيرا وحوكمة وكفاءات، فالمنتخب التونسي من أفضل المنتخبات الأفريقية والعربية، وهو دائم المشاركة في كأس العالم وله مشاركات مشرفة في البطولات الإقليمية والقارية، والفرق التونسية لها وزنها وقيمتها، وينقصنا مشروع وطني جماعي، في الاقتصاد والسياسة والرياضة والثقافة”.

مصطفى عبد الكبير: تسييس الكرة نتاج طبيعي للشعبوية الحاكمة

ويقول الناشط السياسي والحقوقي مصطفى عبد الكبير إن تسييس كرة القدم التونسية هو “نتاج طبيعي للشعبوية الحاكمة الآن في تونس، فكل ما في تونس محكوم بشعبوية وفوضوية عامة تشمل جميع القطاعات وأولها الرياضة وخاصة كرة القدم، فالكرة عامل مهم في السياسة وجماهيرها خزان انتخابي كبير، فكل مراحل الجامعة التونسية لكرة القدم هي مراحل صراعات على من يتحكم بهذه اللعبة، وهذا طبعا خطير على السلم الأهلي وعلى منطق العدالة الجهوية”.

ويوضح أكثر بقوله “إن الصراع السياسي في تونس، وفوضى التنازع على السلطات، سيؤديان حتما للتأثير على نتائج المنتخب، بل اعتقد أن البعض سيسعى لإرباك المشهد الرياضي وتسميم أجواء المنتخب حتى أثناء المباريات في كأس العالم بقطر، بهدف ضرب رئيس الجامعة وإزاحته من المنصب، كما أن الصحافة المأجورة سيكون لها دور كبير في التأثير عن النتائج”.

ويضيف “كرة قدم التونسية تحتاج خطة استراتيجية واضحة ووضع خريطة طريقة واضحة المعالم والمراحل من أجل إصلاح حقيقي، وهذا صعب جدا في ظل ضعف الدولة وسيطرة المليشيات على الكرة في تونس”.

اضغط على الرابط لمشاهدة الفیدیو

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here