
أفريقيا برس – تونس. في وقت تعيش فيه العلاقات التونسية التركية بوادر أزمة سياسية، وجه سياسيون ومنظمات محلية انتقادات لوزارة التربية التونسية بعد موافقتها على طباعة الكتب المدرسية في تركيا.
وعبّرت المنظمة الوطنية لدعم المنتوج التونسي “تونس تنتج” عن رفضها طباعة الكتاب المدرسي التونسي في الخارج، مشيرا إلى أن “المركز الوطني البيداغوجي (تابع لوزارة التربية) قد فتح طلب عروض دولي لطباعة الكتاب المدرسي بالخارج وتحديدا مطابع تركية وذلك بحجة البحث عن سعر أقل من الطباعة في تونس”.
وأكدت، في بيان أصدرته الخميس “رفضها التام لطباعة الكتاب المدرسي في أي بلد أجنبي، لأن هذا النوع من القرارات يضر بالمؤسسات التونسية التي تشغل اليد العاملة التونسية وتدفع الضرائب ما يعني الإضرار بالنسيج الصناعي الوطني في وقت تسعى فيه كل البلدان إلى اتخاذ كل الإجراءات لدعم مؤسساتها الوطنية وفي فترة مر ويمر فيها العالم بصعوبات غير مسبوقة”.
وفي رسالة توجه بها إلى رئيسة الحكومة ووزير التربية، اعتبر رئيس لجنة مكافحة الفساد في البرلمان المنحل، بدر الدين القمودي أن طلب العروض الصادر عن المركز الوطني البيداغوجي والمتعلق بطباعة الكتاب المدرسي يقصي دور الطباعة التونسية ويحرمهم من المشاركة “حيث يتم إعفاء العارض الأجنبي من كل الأداءات والم (الضرائب) في حين يخضع مصنع الكتاب التونسي للضرائب و الأداءات الجمركية”.
وتساءل بقوله “لمصلحة من هذه الصفقة؟ وهل قدر المسؤولون تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به بلادنا؟”، مضيفا “الشركة التركية الفائزة بالعرض معفاة من كل الضرائب والأداءات، في حين تخضع المصانع التونسية للضرائب المتصلة بكل عناصر صناعة الكتاب. لو نحتسب هذه الضرائب سنجد أن العارض التونسي أحق بهذه الصفقة”.
وتساءل فوزي السعيدي (أستاذ تعليم ثانوي) بقوله “أية سيادة تلك التي تدعيها دولة كل شيء فيها صار تركيا؟ بعد القلوب البيضاء والأحجبة والعباءات لدوعشة النساء، وبعد الأفلام والمسلسلات التركية البائسة تلك وبعد الرحلات السياحية لاغبيائنا اشتياقا إلى زمن السلطنة والباب العالي والفورمانات؟”.
وأضاف “بعد هذا كله وبحجة غلاء تكاليف الكتاب في تونس، ندفع لمطبعة تركية مليارات الدولارات من أجل طباعة كتب مدرسية، ونحن نمتلك مطابع رسمية للدولة نقوم بإفلاسها ثم بعد ذلك نستغل أسعار المطابع الخاصة”.
وتابع بالقول “معامل إنتاج الورق معطلة عن الإنتاج، ومطابعنا ومصانعنا وكل شيء معطل لفائدة مافيا تغرق السوق بتركيا، أدناهم من يترك المال عند شركة في تونس ويأخذ ورقة معه ويسافر إلى تركيا، وهناك من يشتري ما يشاء ويرسل ما اشترى إلى ليبيا، ومن هناك تصله محصنة مضمنة إلى العاصمة فيصبح من أعيان القوم ومن سادة البلاد وقد ينتصب محاضرا عن الوطنية وأوضاع السوق”.
فيما تداول نشطاء بلاغ أصدرته وزارة التربية في شهر آذار/مارس الماضي حول هذا الأمر، يؤكد أن المركز الوطني البيداغوجي “أصدر في كانون الأول/ديسمبر طلب عروض وطنيّا مخصصا لفائدة الشركات التونسية لإنجاز صفقة طباعة الكتاب المدرسي للسنة الدراسيّة 2022 – 2023، غير أنه بعد تقييم العروض تبين أن القيمة الجملية للصفقة تبلغ 45 مليون دينار دون احتساب مبلغ الدعم المقدر من قبل مصالح وزارة التجارة بـ 18 مليون دينار، وبذلك تكون التكلفة الجملية لطباعة الكتب المدرسية 63 مليون دينار (21 مليون دولار)”.
وأشارت الوزارة أن المركز “لا يمكنه تحمل العرض المقدم من قبل المطابع التونسية والذي يؤدي إلى ضرب توازناته الماليّة ويمس من ديمومة المؤسسة، وهو ما سيضطره آليّا إما إلى التّرفيع في سعر بيع الكتاب المدرسي للعموم بنسبة تتجاوز 30 في المئة أو الاقتراض من المؤسسات الماليّة حتى يمكن تمويل هذه الصفقة (ولذلك) قام بعرض الملف على أنظار مجلس وزراي مضيق بمشاركة كل الوزارات والهياكل المعنية تم خلاله الاتفاق على اللجوء إلى طلب عروض دولي”.
وبررت اللجوء إلى طلب عروض دولي بمحاولة “توفير الكتاب المدرسي بأسعار معقولة تراعي القدرة الشرائية للمواطن والمصلحة الفضلى للتلميذ مع المحافظة على التّوازنات الماليّة للمؤسسة وديمومتها حتى تضطلع بدورها الاجتماعي على أحسن ما يرام”.
فيما قال رئيس الغرفة النقابية الوطنية لصانعي الكتاب المدرسي، سمير قرابة، إن “المطابع التونسية المختصة في صناعة الكتب المدرسية قدمت عروضا قيمتها المالية أقل من قيمة العرض التركي، إلا أن الصفقة العمومية رست على مطبعة تركية”.
وأشار قرابة إلى أنه “للمرة الأولى في تاريخ تونس ستطبع الكتب المدرسية التونسية خارج أرض الوطن، وتم إرسال الملفات اللازمة مع شرح الإشكالية والأسباب إلى كل من رئاستي الحكومة والجمهورية”.
وأعاد القرار إلى الأذهان حادثة “العلم التونسي” المثير للجدل، والذي دشنه رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد عام 2017، بمناسبة الذكرى الـ 61 للاستقلال، حيث تمت صناعته في تركيا وكلف أكثر من نصف مليون دولار، وهو ما أثار حينها جدلا واسعا في البلاد.
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس