محمد سناجلة
أهم ما يجب معرفته
تتناول المقالة الصراع القائم بين حكومة النيجر وشركة أورانو الفرنسية حول حقوق استخراج اليورانيوم. بعد أن طرحت النيجر اليورانيوم في السوق الدولية، تصاعدت التوترات مع أورانو، التي تملك شركة سومير. يتناول المقال التأثيرات الاقتصادية والسياسية لهذا النزاع، بالإضافة إلى تاريخ الشركة الفرنسية في النيجر ودورها في قطاع الطاقة النووية.
أفريقيا برس. طرحت حكومة النيجر اليورانيوم الذي تنتجه شركة سومير محليًا في السوق الدولي، مما أدى إلى تصعيد خلافها مع شركة أورانو الفرنسية التي تملك سومير.
ويحتوي الموقع على ما يُقدّر بنحو 1300 طن من اليورانيوم المركز بقيمة تقارب 250 مليون يورو (نحو 290 مليون دولار).
وتُعد النيجر سابع أكبر منتج لليورانيوم عالميًا، الذي شكّل نحو ربع إمدادات محطات الطاقة النووية الأوروبية عام 2022، وفقًا لبيانات منظمة “يوراتوم” الذرية، مما يجعل النزاع مع أورانو صراعًا استراتيجيًا يتجاوز حدود الاقتصاد ليصل إلى نفوذ الطاقة العالمي، وفقًا لتقرير سابق للجزيرة نت.
وبلغ الناتج المحلي للنيجر في 2024 نحو 19.54 مليار دولار، وفق ما أورد البنك الدولي.
السيادة على الثروات المنهوبة
تُعد شركة أورانو المملوكة للحكومة الفرنسية بنسبة تزيد على 90% أحد أقدم مشغلي مناجم اليورانيوم في النيجر منذ أكثر من 5 عقود، ولكن بعد استلام المجلس العسكري السلطة عام 2023، اتهمت نيامي باريس بمحاولة حرمانها من ثرواتها الطبيعية.
وفي يونيو/حزيران 2024، ألغت النيجر حقوق أورانو في تشغيل 3 من أهم مناجم البلاد، وهي: سومير، وكوميناك، وإيمورارين، التي تضم أحد أكبر رواسب اليورانيوم في العالم، منهية بذلك أكثر من 50 عامًا من استغلال الشركة الفرنسية لثروة البلاد، مما دفع أورانو إلى اللجوء للتحكيم الدولي لاستعادة السيطرة التشغيلية.
وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، اتهم رئيس الوزراء علي لامين زين الشركات الأجنبية باستغلال البلاد على مدى عقود، قائلًا إن اليورانيوم جلب “البؤس والتلوث والتمرد والفساد والخراب” إلى النيجريين، في حين أثرى فرنسا، وفقًا لوكالة رويترز.
وبدأت حكومة النيجر فعليًا تنفيذ التأميم والسيطرة على مواردها الطبيعية، بما فيها اليورانيوم.
وقال مصدر أمني، وفقًا لرويترز، إن نحو 1050 طنًا من اليورانيوم تم نقلها من موقع سومير الأسبوع الماضي، رغم أن الوجهة والمشتري لا يزالان غير واضحين.
وردّت شركة أورانو على هذا التصعيد بالقول إن شحنة اليورانيوم من منجم سومير الذي تمت “مصادرته” في شمال النيجر الأسبوع الماضي شكلت “مخاطر أمنية وسلامة خطيرة”، مشيرة إلى تهديدات بتحويل المواد المشعة وانتهاكات لقواعد النقل الدولية.
وقالت الشركة الفرنسية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إنها علمت من تقارير إعلامية أن قافلة تحمل اليورانيوم المركّز المعروف باسم “الكعكة الصفراء” غادرت موقع التعدين في أرليت.
وقالت الشركة إنها لم تشارك في عملية النقل، ولا تفاصيل لديها عن الكمية أو الوجهة أو المشتري.
لكن التلفزيون الحكومي في النيجر قال إن البلاد سوف تمارس “حقها المشروع” في بيع اليورانيوم من منجم سومير إلى أي مشترٍ بموجب قواعد السوق، لأن السيادة على الموارد الطبيعية “غير قابلة للتفاوض”.
وأظهر البث التلفزيوني الرئيس عبد الرحمن تياني في منجم أرليت، وقال إنه تعهد بإنهاء عقود من السيطرة الفرنسية واستعادة ما وصفها المسؤولون بـ”الثروة المنهوبة منذ أكثر من نصف قرن”.
وحسب تعبير رويترز، تنتهك الخطوة حكمًا أصدره مركز تسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي في سبتمبر/أيلول الماضي، والذي منع النيجر من بيع أو نقل اليورانيوم من شركة سومير.
انحياز لأورانو
بدأت “أورانو” عملية التحكيم في المركز الدولي لتسوية النزاعات الدولية التابع للبنك الدولي في يناير/كانون الثاني.
وفي 23 سبتمبر/أيلول 2025، أصدر مركز تسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي أمرًا للنيجر بالامتناع عن بيع أو نقل أو تسهيل نقل اليورانيوم المنتج في منجم سومير، وهو قرار حاسم وضع النيجر في مواجهة مجموعة أورانو النووية الفرنسية المرتبطة بالدولة.
واتهمت حكومة النيجر فرنسا بالسعي لحرمانها من الاستفادة من ثرواتها الطبيعية عبر ما وصفته بـ”إغراقها في دعاوى قضائية لا تنتهي”، لوقف استغلال وبيع اليورانيوم المورد الاستراتيجي الذي يشكل جزءًا مهمًا من الثروة الطبيعية للبلاد.
ما هي شركة أورانو؟
حسب منصة الشركة ومنصة “غلوبال داتا”، تُعد شركة أورانو المعروفة سابقًا باسم “نيو أريفا القابضة” واحدة من أهم المجموعات الصناعية العالمية المتخصصة في دورة الوقود النووي، وتملك الدولة الفرنسية حصة الأغلبية فيها (90.33%)، مما يجعلها شركة حكومية تعمل على خدمة مصالح الدولة الفرنسية.
وتعمل الشركة باعتبارها مزودًا متكاملاً لحلول الطاقة النووية، إذ تغطي خدماتها جميع مراحل دورة إنتاج الوقود النووي بدءًا من استخراج المواد الخام وحتى معالجة النفايات.
وتشمل أنشطة “أورانو” تعدين اليورانيوم والتحويل والتخصيب وإعادة التدوير وإعادة معالجة الوقود النووي المستهلك وإدارة النفايات، فضلًا عن الهندسة النووية والطب النووي والخدمات اللوجستية.
وبفضل هذا التكامل الواسع، تساهم الشركة في إنتاج كهرباء منخفضة الكربون، وتوفر خدمات وتقنيات لدعم تشغيل المفاعلات النووية حول العالم، مما يجعلها فاعلًا رئيسيًا في قطاع الطاقة النووية الدولي.
وتدير “أورانو” عملياتها عبر شبكة دولية واسعة تشمل فرنسا وأوروبا والأميركتين وأفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، في حين يقع مقرها الرئيسي في شاتيلون بمنطقة إيل دو فرانس، مما يعكس حضورها الدولي ودورها الاستراتيجي في أمن الطاقة النووية وتنمية التقنيات المرتبطة بها.
الأداء المالي لشركة أورانو
– زادت إيرادات شركة أورانو في النصف الأول من السنة الحالية 18.2% مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي إلى 2.67 مليار يورو (3.1 مليارات دولار).
– وبلغت أرباح الشركة 109 ملايين يورو (126.5 مليون دولار) مقارنة بخسارة 133 مليون يورو (154.37 مليون دولار) في النصف الأول من العام الماضي.
– حققت شركة أورانو إيرادات بلغت 5.87 مليارات يورو (6.81 مليارات دولار) في عام 2024، أي بزيادة كبيرة مقارنة بعام 2023 الذي سجلت فيه 4.77 مليارات يورو (5.54 مليارات دولار) بنسبة نمو بلغت 23%.
– بلغت أرباح الشركة قبل احتساب الفوائد والضرائب والاستهلاك 2.07 مليار يورو (2.4 مليار دولار) في عام 2024، مقارنة بـ1.23 مليار يورو (نحو 1.43 مليار دولار) في عام 2023 بنسبة نمو بلغت 35.2%، وفقًا لمنصة “بيزنس واير”.
– ترجع هذه الزيادة الكبيرة بالأخص إلى صفقة ضخمة أبرمتها الشركة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 مع عدد من شركات الطاقة اليابانية بقيمة تقارب مليار يورو (نحو 1.16 مليار دولار) تتعلق بإعادة معالجة نفاياتها النووية.
– باستثناء هذا العقد الاستثنائي، فإن إيرادات “أورانو” جاءت وفق توقعاتها المعتادة مدعومة بتحسن التدفقات المالية المتأخرة وارتفاع أسعار السوق في مجالي تعدين اليورانيوم والخدمات النووية التي تقدمها.
تعتبر النيجر واحدة من أكبر منتجي اليورانيوم في العالم، حيث تشكل صادراتها جزءًا كبيرًا من إمدادات الطاقة النووية الأوروبية. منذ أكثر من 50 عامًا، كانت شركة أورانو الفرنسية، المعروفة سابقًا باسم أريفا، تدير مناجم اليورانيوم في النيجر، مما أدى إلى توترات مستمرة حول السيادة على الموارد الطبيعية. بعد استيلاء المجلس العسكري على السلطة في 2023، اتهمت الحكومة الفرنسية بمحاولة استغلال ثروات البلاد الطبيعية.
في السنوات الأخيرة، تصاعدت الخلافات بين النيجر وأورانو، حيث ألغت الحكومة النيجرية حقوق الشركة في تشغيل عدة مناجم رئيسية. هذا النزاع لا يقتصر على الاقتصاد فقط، بل يمتد إلى قضايا السيادة الوطنية وتأثيرات الطاقة العالمية، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا في ظل التوترات السياسية الحالية.
المصدر: الجزيرة نت





