انتخابات أوغندا: صراع القبعات الحمر والموجة الصفراء

انتخابات أوغندا: صراع القبعات الحمر والموجة الصفراء
انتخابات أوغندا: صراع القبعات الحمر والموجة الصفراء

ليث مشتاق

أهم ما يجب معرفته

تستعد أوغندا لانتخابات رئاسية في 15 يناير 2026، حيث يتنافس الرئيس الحالي يوري موسيفيني مع المعارض بوبي واين. تشهد الحملات الانتخابية توترات متزايدة بين أنصار الطرفين، مع اتهامات متبادلة بشأن العنف والاعتداءات. يواجه موسيفيني، الذي يسعى لولاية سابعة، تحديات كبيرة من واين الذي يتمتع بشعبية بين الشباب.

أفريقيا برس. المتابع للحملات الانتخابية في أوغندا يلاحظ بوضوح تكرار الاحتكاكات بين أنصار أبرز مرشح معارض، بوبي واين، والأجهزة الأمنية، وتتطور أحيانًا إلى مناوشات.

وتكتفي اللجنة الانتخابية في البلاد بإدانة المواجهات العنيفة ودعوة الأجهزة الأمنية لضبط النفس والأطراف إلى الحوار والالتزام بالقانون.

فالبلاد مقبلة على انتخابات رئاسية في 15 يناير/كانون الثاني المقبل، يتنافس فيها الرئيس الحالي يوري موسيفيني البالغ من العمر 81 عامًا، ويسعى لولاية سابعة، في مواجهة أبرز منافسيه المعارض بوبي واين (43 عامًا). مشهد يعيد إلى الأذهان السباق الانتخابي الذي شهدته البلاد عام 2021.

القبعات الحمراء

يبعث بوبي واين عبر حسابه على “إكس” رسائل إلى مناصريه، وينشر صورًا توثق ما يقول إنها اعتداءات أجهزة الأمن على تجمعاته الانتخابية، وأخرى لما يصفها بمحاولات أجهزة إنفاذ القانون منعهم من الوصول لساحات التجمع.

ولا يخلو حساب “رئيس الشعب”، وفق ما وصف نفسه سابقًا، من مقاطع مصورة لإصابات في صفوف مناصريه.

بوبي واين والقبعات الحمراء هما السمات الثابتة في حملة المرشح الوافد منذ بضع سنوات إلى ميدان السياسة.

في العاشر من ديسمبر/كانون الأول، وجه واين اتهامًا للشرطة والجيش بالاستعانة بعصابات لمهاجمة مؤيديه في مدينة غولو.

ونشر صور فتى في السادسة عشرة من عمره قتل متأثرًا بجروح أصيب بها أثناء فض التجمع الانتخابي.

مقتل الفتى كان اللحظة التي بدأ فيها بوبي واين يشكك في مسار العملية الانتخابية، وقال: “إن وفاة الفتى تجسد التواطؤ المستمر من لجنة الانتخابات وجميع مؤسسات الدولة المكلفة بضمان عملية انتخابية نزيهة حرة وعادلة”.

إزاء هذه الاتهامات المتكررة، ترفض السلطات وجهاز الشرطة الاتهامات الموجهة إليها، وتؤكد أنها فتحت تحقيقًا في واحدة من الحوادث على الأقل، وتتهم واين بتنظيم تجمعات ومسيرات تصفها بغير القانونية.

ظاهرة بوبي واين

“صوت الغيتو” و”رئيس الشعب” ألقاب يحملها بوبي واين. قبل انخراطه في العمل السياسي المباشر، اشتهر واين، واسمه الحقيقي روبرت كياغولانيي، في ميادين التمثيل والغناء.

شكل في عام 2007 لحظة فارقة في مسيرته عندما تبنى أبعادًا أكثر عمقًا في أعماله من مجرد الترفيه، فتحول إلى “التثقيف الترفيهي” بأغانٍ تقدم رسائل اجتماعية تتناول مواضيع الصحة العامة والعنف الأسري وقضايا سياسية تنتقد الحكومة والفساد وارتفاع تكاليف المعيشة.

يتحدر واين من عائلة منخرطة في السياسة منذ عقود، إذ قاتل جده إلى جانب الرئيس الحالي، وكان والده من المعارضين السياسيين الموالين لموسيفيني إبان عهد الرئيس ميلتون أوبوتي، حين صدر عليه حكم الإعدام وفر من البلاد تاركًا زوجته وأولاده يعيشون في إحدى المناطق الفقيرة في كمبالا.

الانخراط السياسي

تحول واين من عائلة دعمت وقاتلت مع موسيفيني إلى أشرس معارضي الرئيس.

فلم يكتف بالغناء كنوع من المعارضة السياسية، بل ترشح لمقعد برلماني عام 2017 مستقلًا في الانتخابات الفرعية في دائرة كيادوندو الشرقية، ولاقى دعمًا واسعًا لدى الشباب وفاز بفارق كبير.

لحظة ثانية فارقة في مسيرة واين كانت عندما قاد مع برلمانيين آخرين حملة لرفض تعديل مواد في الدستور لإلغاء الحد العمري للرئاسة، بما يتيح للرئيس موسيفيني الاستمرار في الحكم.

ثم أسس عام 2018 حركة “قوة الشعب”، وهي حركة سياسية اجتماعية تدعو للإصلاح، فحظرتها السلطات، فانضم إلى حزب صغير وغير اسمه إلى منصة الوحدة الوطنية وانتخب رئيسه.

ويحظى روبرت -أو بوبي- بشعبية واسعة في أوساط الشباب في أوغندا، لكن تأثيره السياسي يقتصر داخل حدود بلاده، فلا يزال يتلمس ملامح مشهد شرق أفريقيا المعقد.

موسيفيني.. “الحكيم”

مقابل “القبعات الحمراء” تبرز “الموجة الصفراء”، وهو وصف يطلقه حزب “حركة المقاومة الوطنية” على مناصري موسيفيني.

وفي المواجهة المباشرة بين الرجلين، يتفوق الرئيس يوري موسيفيني على خصمه الشاب بشبكة من العلاقات الإقليمية التي عمل على بنائها على مدى أربعة عقود.

يقدم الرجل نفسه بمظهر “حكيم شرق أفريقيا”، السياسي المحنك والخبير الذي يحتكم إليه الإقليم في القضايا والنزاعات.

ويتحدر موسيفيني من أسرة متواضعة، بدأ حياته السياسية من خلفية طلابية يسارية. مع وصول عيدي أمين إلى السلطة في أوغندا عام 1971، ترك موسيفيني البلاد إلى تنزانيا حيث أسس “جبهة الخلاص الوطني” التي ساهمت في الإطاحة بالرئيس أمين.

كانت أول تجاربه الانتخابية عام 1980 والتي انتهت بفوز ميلتون أوبوتي في الانتخابات، فانضم للمعارضة وقاد جناحها المسلح “جيش المقاومة الوطنية” الذي أسقط أوبوتي عام 1986 وأعلن موسيفيني نفسه رئيسًا.

وانتخب رسميًا للمرة الأولى رئيسًا عام 1996، وأقر البرلمان منذ ذلك تعديلات دستورية أتاح له الترشح ليصبح واحدًا من أطول الرؤساء بقاءً في الحكم في أفريقيا.

المواجهة الأولى

كانت المواجهة الأولى بين واين والرئيس موسيفيني في السباق الرئاسي عام 2021، حيث حصل واين على 35% من أصوات المقترعين مقابل 58.6% لموسيفيني. إلا أن واين رفض النتائج مؤكدًا أن فوزه “سرق منه”، متهمًا السلطات بالتزوير واستخدام قوات الأمن لترهيب الناخبين وشراء الأصوات. وشهدت الفترة التي تلت الانتخابات احتجاجات دامية، وضع على إثرها واين في الإقامة الجبرية.

برامج المرشحين

أعلنت “حركة المقاومة الوطنية” في سبتمبر/أيلول الماضي، ترشيح الرئيس يوري موسيفيني لولاية جديدة، تحت شعار “التحول الاقتصادي والاستقرار” عنوانًا لحملته لعام 2026، متعهدًا بتوسيع حجم اقتصاد البلاد وتعزيز الخدمات والبنية التحتية ورفع إنتاج الكهرباء وإنشاء مناطق صناعية، إضافة إلى خفض معدلات الجريمة وتحسين الرعاية الصحية وتوفير المياه، ومكافحة الفساد الذي كان أحد سمات العقود الأربعة الماضية في أوغندا.

وخاطب موسيفيني الأوغنديين مذكرًا إياهم بمسيرة قطعوها معًا في العقود الماضية، مركزًا على دور الأسرة في بناء الثروة، ومشيرًا إلى منافسه بوبي واين بوصفه “غير جاد” وأنه “يريد مع جماعته أن يحصدوا ما لم يعملوا بجد من أجله”.

من جانبه، يقارب بوبي واين الناخبين عبر “برنامج انتخابي” يركز على قضايا حقوقية ومعيشية، ويعد بإنهاء محاكمة المدنيين في محاكم عسكرية والحد من سلطة رئيس الجمهورية على القضاء، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، ومكافحة الفساد، وتوسيع سوق العمل وتوفير الخدمات الأساسية.

مفترق طرق

لا يزال شهر أو يزيد لحسم النزال الانتخابي بين الشاب المعارض والعجوز المخضرم الممسك بزمام سلطة أسهم في تشكيلها. يقف فيها الأوغنديون على مفترق طرق بين واقع عرفوه وآخر لا يزال يتشكل.

فبينما يجتمع الخصمان على ذات الوعود بحياة أفضل، يترقب الناخبون وأعينهم إما على جوار مشتعل أو ذاكرة تحمل صور حرب أهلية عاشتها أوغندا بالأمس القريب.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here