أهم ما يجب معرفته
أعرب خبراء قانونيون في غينيا بيساو عن قلقهم من القرارات التي أصدرها المجلس العسكري، بما في ذلك حل المجلس الأعلى للقضاء وتعيين مدعٍ عام جديد. هذه القرارات تهدد استقلالية السلطة القضائية وتثير مخاوف من استبداد محتمل، مما يعمق أزمة الشرعية في البلاد ويزيد من الاضطراب القانوني والمؤسسي فيها.
أفريقيا برس. أعرب خبراء قانونيون ومحامون في غينيا بيساو عن قلق بالغ إزاء القرارات التي أصدرها المجلس العسكري الحاكم منذ انقلاب 26 نوفمبر، وفي مقدمتها حل المجلس الأعلى للقضاء وتعيين مدعٍ عام جديد بصلاحيات موسّعة، وهو ما يعتبرونه تهديدًا خطيرًا لاستقلالية السلطة القضائية وسيادة القانون في البلاد.
وقد أعلن المجلس العسكري عن حزمة إجراءات جديدة شملت تأسيس مجلس وطني انتقالي والشروع في صياغة ميثاق انتقالي، بدعوى “استعادة الشرعية الدستورية”. غير أن جملة القرارات التي رافقت هذا الإعلان – وعلى رأسها حل المجلس الأعلى للقضاء وتعيين مدعٍ عام يتمتع بسلطات واسعة – أثارت مخاوف جدية لدى العاملين في قطاع العدالة.
المحامية بياتريس فورتادو اعتبرت أن منح المدعي العام صلاحيات استثنائية، من بينها تعيين أو إقالة القضاة الذين يترأسون مختلف محاكم البلاد، يُعدّ خروجًا صريحًا على المبادئ الدستورية. وقالت: “إن وجود مدعٍ عام يختار أيّ مواطن ليكون قاضيًا، ويُعيّن ويعزل وينقل ويقرر ما يشاء، هو بمثابة شيك على بياض، وهو أمرٌ غير قانوني تمامًا.”
كما عبّرت فورتادو عن قلقها من تعليق عمل المدرسة الوطنية للقضاء، المسؤولة عن تدريب القضاة واختيارهم عبر امتحانات تنافسية، مؤكدة أن ما يحدث يُعد مساسًا مباشرًا بالمؤسسات الدستورية. وأضافت: “استعادة السلام والأمن والنظام العام لا تعني إنشاء أو حل هيئات دستورية. نحن نشهد انهيارًا لسيادة القانون في غينيا بيساو.”
ومن جانبه، حذّر الخبير القانوني فود ماني من النزعة الاستبدادية التي قد تنتج عن تركيز السلطة القضائية في يد شخص واحد، خصوصًا في ظل غياب المجلس الأعلى للقضاء، وهو الهيئة المخوّلة بالإشراف على القضاة وتنظيم عملهم. وقال: “هذا تحقيق للنية في جعل مكتب المدعي العام أداة للقمع والاضطهاد، والانتقام من القضاة غير الموالين للنظام. جميع صلاحيات هذه الهيئة باتت الآن متركزة في يد المدعي العام.”
وأشار ماني إلى أن المدعي العام الجديد، أحمد تيديان بالدي، الذي عيّنه المجلس العسكري يوم الجمعة 5 ديسمبر، يُعدّ من المقربين للرئيس السابق عمر سيسوكو إمبالو، معتبرًا أن هذا التعيين يعزز المخاوف من استغلال النيابة العامة في تصفية الحسابات السياسية.
بينما يواصل المجلس العسكري تبرير تحركاته بأنها تهدف إلى “تثبيت الاستقرار وإعادة بناء المؤسسات”، يرى مراقبون وقانونيون أن هذه القرارات قد تُعمّق أزمة الشرعية وتُدخل البلاد في مرحلة غير مسبوقة من الاضطراب القانوني والمؤسسي.
غينيا بيساو شهدت تاريخًا طويلًا من الاضطرابات السياسية والانقلابات العسكرية. منذ استقلالها عن البرتغال في عام 1973، عانت البلاد من عدم الاستقرار السياسي، مما أدى إلى سلسلة من الانقلابات العسكرية. في السنوات الأخيرة، كانت هناك محاولات لإعادة بناء المؤسسات الديمقراطية، لكن التحديات لا تزال قائمة، خاصة فيما يتعلق بالسلطة القضائية واستقلالها.
القرارات الأخيرة التي اتخذها المجلس العسكري تعكس مخاوف من العودة إلى أساليب الحكم الاستبدادي، حيث يتم تركيز السلطة في يد واحدة، مما يهدد سيادة القانون ويزيد من القلق بين المواطنين والمراقبين الدوليين. هذه التطورات قد تؤدي إلى تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد.





