أهم ما يجب معرفته
تثير الضربة الأمريكية على مواقع لتنظيم داعش في نيجيريا تساؤلات حول دلالاتها السياسية والرمزية. الباحث حسن منيمنة يشير إلى أن الضربة تمثل فتح جبهة جديدة، وتأتي في توقيت رمزي. كما يوضح أن الخطاب الأمريكي المرافق للعملية يثير القلق، حيث أن غالبية ضحايا الإرهاب في نيجيريا هم من المسلمين، مما يتناقض مع السرديات السائدة.
أفريقيا برس. تثير الضربة الأمريكية على مواقع لتنظيم داعش شمال غربي نيجيريا تساؤلات تتجاوز بُعدها العسكري المباشر إلى دلالاتها السياسية والرمزية، وسياقات الخطاب الأمريكي المرتبط بها.
قال الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن حسن منيمنة إن ما جرى يمثل فتح جبهة جديدة، باعتبارها الضربة الأولى من نوعها، لافتاً إلى أن توقيتها يحمل دلالة رمزية واضحة لوقوعها في عيد الميلاد.
وأوضح منيمنة أن الضربة جرى تبريرها رسمياً بأنها عملية ضد تنظيم إرهابي متورط في اختطاف التلاميذ والقتل وممارسات عنيفة، غير أن الإشكال، وفق المتحدث، لا يكمن في توصيف التنظيم، بل في الخطاب السياسي الأمريكي الذي رافق العملية.
ووصف هذا التأطير بأنه مقلق ومشبوه، مشيراً إلى أن التقارير الواردة من نيجيريا تؤكد أن غالبية ضحايا الإرهاب هناك هم من المسلمين، مع الإقرار بسقوط ضحايا من المسيحيين أيضاً.
وبشأن طبيعة الضربة، يوضح منيمنة أنها حتى اللحظة “خطوة إعلامية أكثر منها عسكرية أو استراتيجية”، في انتظار ما إذا كانت ستستمر، والنتائج الفعلية التي ستترتب عليها.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن أن قوات بلاده نفذت ضربات عدة قوية ودامية ضد من أسماهم “حثالة إرهابيي تنظيم داعش” في شمال غرب نيجيريا، متوعداً بشن مزيد من الضربات “إذا استمر المسلحون في قتل المسيحيين”.
من جانبها، نقلت رويترز عن مسؤول أمريكي أن “الضربة نُفذت في ولاية سوكوتو، وأسفرت عن مقتل عدد من مسلحي داعش”.
لكن منيمنة شدد على أن هذه الخطوة لا تعكس استجابة لمطلب شعبي أمريكي واسع، إذ إن التهويل بشأن “مجزرة بحق المسيحيين في نيجيريا” لا ينسجم مع الواقع على الأرض، ولا يقارن من حيث الحجم والاستهداف بما تشهده غزة.
وأشار إلى أن السلطات النيجيرية نفسها إلى جانب التقارير الميدانية، تتحدث عن مأساة ممتدة منذ سنوات، لكنها لا تستهدف المسيحيين تحديداً، بل تمثل إرهاباً يطال المجتمع بأكمله وضحاياه من مختلف الفئات.
واعتبر أن هذا التأطير يتقاطع مع سردية مؤيدة لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، ترى أن من الأنسب تحويل التركيز من العلاقة “المرضية” بين واشنطن وتل أبيب، حيث تخوض الولايات المتحدة حروباً تخدم إسرائيل إلى ما يُسمى “الخطر الإسلامي”.
وأكد أن هذه اللغة، رغم حضورها في بعض الدوائر السياسية والإعلامية، لا تعكس المزاج الشعبي الأمريكي العام، ولا حتى توجهات معظم المحافظين.
وتأتي الضربة العسكرية بعد انتقاد الرئيس الجمهوري بشكل غير متوقع للدولة الواقعة في غرب أفريقيا، معتبراً أن المسيحيين هناك يواجهون “تهديداً وجودياً” يرقى إلى مستوى “الإبادة الجماعية”.
تاريخياً، شهدت نيجيريا تصاعداً في نشاط الجماعات الإرهابية، خاصة تنظيم داعش، الذي استغل الفوضى الأمنية في البلاد. الضغوط الدولية على نيجيريا لمواجهة الإرهاب زادت، مما دفع الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري. هذا التدخل يأتي في سياق أوسع من الصراعات الإقليمية والدولية، حيث تتداخل المصالح السياسية مع الأبعاد الإنسانية للأزمات في المنطقة.
في السنوات الأخيرة، تصاعدت المخاوف من العنف الطائفي في نيجيريا، حيث يعاني المسلمون والمسيحيون على حد سواء من آثار الإرهاب. ومع ذلك، فإن الخطاب السياسي حول هذه القضايا غالباً ما يتجاهل التعقيدات المحلية، مما يؤدي إلى سرديات مبسطة قد تضر بالجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد.





