أفريقيا برس – مصر. بعد عودة بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم في إسرائيل، تحولت الأنظار من التساؤل في شأن فوزه إلى ترقب شكل حكومته الجديدة، وطريقة تعاطيها مع الملفات المختلفة، بخاصة دول الجوار، فرئيس الوزراء صاحب التوجه اليميني يبدو في طريقه لنسخة أكثر تشدداً من حكوماته، وهو ما قد يؤثر في علاقاته مع الدول العربية التي تربطها علاقات سلام مع تل أبيب، بخاصة مصر صاحبة الحدود الطويلة مع إسرائيل، والوسيط التقليدي في الإشتباكات المتكررة بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، ويرى البعض أن عودة نتنياهو ستغير من موازين العلاقات المصرية الإسرائيلية وستضع العراقيل أمام تحقيق الإستقرار في المنطقة.
وفي حوارها مع “أفريقيا برس” أكدت النائبة سهام مصطفى أن عودة نتنياهو لن تؤثر على طبيعة العلاقات المصرية الإسرائيلية لأن الحكومات الإسرائيلية تعي دور مصر في المنطقة، وأن خسارة مصر تعني خسارة كل مشاريع السلام الموقعة بين إسرائيل وكل الدول العربية، كما أكدت أن مصر بذلت كل الجهود لحل الأزمة الفلسطينية إلا أن الإنقسام الداخلي بفلسطين هو السبب الرئيسي في فشل كل المحاولات وأن توحيد الصف الفلسطيني تحت قيادة واحدة هو الحل الوحيد لتحقيق ذلك.
سحر جمال
يرى كثيرون أن عودة بنيامين نتنياهو إلى سدة الحكم ستؤثر على علاقة تل أبيب مع القاهرة فهل تتفقين مع ذلك؟

لا أعتقد أن عودة نتنياهو لها علاقة مباشرة بالعلاقات الخارجية ومن ضمنها العلاقات مع مصر، لأن العودة لها علاقة بتصاعد اليمين عموما في الديمقراطيات التي تتشبه بالغرب مثل الديمقراطيات الإسرائيلية، فشهدنا في الغرب تصاعد اليمين في إيطاليا والسويد وهذا يعتبر إتجاه عام لأن الشعوب رأت أن اليسار والليبراليون فتحوا أبواب أوروبا للمهاجرين ولا يبحثون عن مصالح بلادهم قدر البحث على أن يكونوا تابعين لأمريكا وقراراتها التي ليس بالضرورة أن تكون في صالح الشعوب الأوروبية، فإسرائيل كامتداد للإرث الديمقراطي الغربي لها نفس الاتجاه، فهم يرون أن نتنياهو يمثل صمام الصمود، فهو يقف في وجه الفلسطينين، وحقق مكاسب و إتفاقيات سلام مثل السلام الإبراهيمي، فكل هذا تم تحت قيادته، فالاسرائيليون رغم عيوب نتنياهو يرون أنه المخلص، وهو قادر على تنفيذ وعوده بصرف النظر عن أن هذا في مصلحة العرب أو ضدهم، وهم يرون أن الإنتخابات على مدار السنوات الماضية كلفت الكثير من الأموال، وهناك معلق قال إنها تكلف نصف مليار دولار، ولذلك فهم يرون أن نتنياهو قادر على تحقيق وعوده بأن يقوم بضبط الحياة السياسية خلال الفترة المقبلة، وسيتمكن من التفاوض مع الفلسطينيين، كما أنه حقق السلام مع العرب والدول العربية التي دخلت في نطاق السلام الإبراهيمي، والعلاقة مع مصر تسير في خط ثابت لأن إسرائيل قامت ببناء السلام على أساس العلاقة مع مصر واتفاقية السلام مع مصر والأردن وطبعا مصر أهم دولة عربية بالنسبة لإسرائيل بحكم الجوار والثقة السياسية.
رغب نتنياهو قبل إنتخابات 2001 التي خسر فيها، رغب بزيارة القاهرة لتوظيفها إنتخابيا، لكن مصر لم تمنحه هذه الفرصة، هل يمكن أن تؤثر هذه الحادثة على العلاقة بين الطرفين؟
السياسة لا تقوم على تلك الحسابات وهناك خط ثابت للسياسة الإسرائيلية عموما، فهم لن يخسروا مصر، والسلام البارد أفضل من الحرب بالنسبة إليهم، ونتنياهو يعلم جيدا أنه وقع إتفاقية السلام الإبراهيمي بناء على إتفاقية السلام مع مصر و الأردن، فطبعا لا يمكن أن يخسر مصر.
هل يمكن أن تتأثر إتفاقيات التسوية بين مصر وإسرائيل وتتراجع وتيرة التطبيع السياسي والاقتصادي؟
كما ذكرت، إسرائيل تنظر إلى السلام مع مصر نظرة ثابتة سواء تغير الحزب الحاكم في إسرائيل من اليمين أو اليسار أو الوسط فهي خط ثابت، و هذا يأتي ضمن تطلع إسرائيل لأن تشمل إتفاقيات السلام المزيد من الدول، لذا لا يمكن تغيير هذا الخط، فالتغيير له علاقة بالتوازنات في الداخل، و هذا يؤثر على العلاقة مع الفلسطينيين ولكن هذا ليس له علاقة بالإتفاقيات مع مصر والخط الثابت في السياسة في العلاقات المصرية الإسرائيلية.
في المقابل هناك من يرى أن حاجة أوروبا إلى الطاقة والشراكة الجديدة بين مصر وإسرائيل في مجال الغاز والتعاون المتواصل بين الطرفين في المجال الأمني والإقتصادي، سوف يعزز التقارب بين تل أبيب والقاهرة فما رأيك؟
الأزمات التي ظهرت بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ألقت بظلالها على ملفات عديدة، من ضمنها ملف العلاقة مع إسرائيل، وكما قلنا إن إتفاقيات ترسيم الحدود البحرية واتفاق الشراكة في تسييل الغاز مع إسرائيل هو ناتج لأمر مشترك، فإسرائيل لديها نقص في معامل التسييل، ومصر لديها تلك التقنية ولديها أيضا البنية التحتية، فالأمر هنا تبادل للمنافع والإقتصاد يقوم على هذا الأساس، وهذا يعزز موقف مصر عندما يكون لديها شريك متعاون يعتمد عليه في الإقتصاد فهذا يجعل الأسواق تتجه إلى الشراكات القوية، فسواء جاءت على إسرائيل حكومة يسارية أو يمينية أو وسط فهي تضع في إعتبارها أن التطبيع يشمل التعاون الاقتصادي، وهو ملف هام جدا حتى تتمكن إسرائيل من ممارسة الشراكات مع أوروبا، فهي تعتمد على مصر في التسييل وهذا تقوية لموقفها.
هناك مخاوف مصرية من توجه حكومة نتنياهو وتأثير ذلك على التعاطي مع الملفات المشتركة بين البلدين و الموقف الإسرائيلي من قضية سد النهضة فكيف ترين ذلك؟
لا أعتقد أن مصر تقلق من عودة نتنياهو إلى الحكم لأن مصر تعلم توجهاته ،وتعلم أن الوعود الإنتخابية تختلف عن أرض الواقع، فدور إسرائيل كان معروفا في قضية سد النهضة، ومصر نجحت في تحييد الأطراف فلجأت إلى الأمم المتحدة وأثبتت التعنت الأثيوبي وتجمد هذا الموقف مع إنشغال أثيوبيا في حرب التجراي، وهذا لا يمنع إستمرار مصر في محاولاتها بهذا الملف، وإسرائيل لم تكن العقبة الوحيدة أمام مصر بل كانت هناك دول أخرى، لكن موقف مصر ثابت وهو الدفاع عن مصالحها أي يكن الأطراف المعارضة لها، وعودة نتنياهو أو إختفائه لن يغير موقف مصر من قضية سد النهضة ومن التنبيه على تبعات تجاهل أثيوبيا لحقوق مصر المائية.
عمل نتنياهو في فترة حكمه السابقة على إضعاف الدور المصري في القضية الفلسطينية، فكيف سيكون العمل في المرحلة المقبلة؟
طبعا اي حكومة يمنية تسعى للإستفراد بالإسرائيليين، وتحاول إضعاف الطرف القوي كمصر، وهناك بعض الدول التي تحاول التدخل مثل قطر التي تمد بعض الأطراف بالمساعدات مثل حماس لإحداث شق في الصف الفلسطيني والحكومة الفلسطينية، وطبعا مصر موقفها ثابت وهو الدفاع عن مصالح الفلسطينيين والدعوة لتوحيد الصف الفلسطيني، وهذا لن يتغير بوجود نتانياهو، وأعتقد أن مصر أثبتت للعالم أنها لا تنحاز لطرف ضد آخر مثل الكثير من الدول ولا تتدخل في الشأن الفلسطيني إلا لمصلحة الفلسطينين والتفاوض نيابة عنهم في الملفات التي تمس مصر مثل ملف غزة.
حكومة نتانياهو الجديدة ستشمل أحزاب متطرفة ستعمل على تهويد القدس وزيادة وتيرة الإستيطان ومزيد من قتل الفلسطينيين، كيف ستتعامل مصر مع هذا الوضع؟
طبعا حكومة نتنياهو متحالفة مع أحزاب يمينية متطرفة، لكن الوعود الإنتخابية تختلف عن أرض الواقع، فدائما الوعود الإنتخابية تعد بالمستوطنات ومهاجمة الفلسطينين ولكن في الحقيقة وقت التنفيذ هناك الكثير من الإعتبارات منها إتفاق أوسلو للسلام والعلاقات مع مصر ومنها دور مصر وتعاونها في تلك الملفات، فأي حكومة إسرائيلية لا تريد خسارة مصر، لأن خسارة مصر تعني خسارة كل إتفاقيات السلام الموقعة والمستقبلية، خاصة وأن مصر تريد إستقرار الجوار وخاصة الأراضي الفلسطينية.
منذ سنوات عمل نتنياهو على إضعاف دور السلطة الفلسطينية لإنهاء حل الدولتين، كيف ستتعامل مصر مع جهود إحياء مفاوضات التسوية؟
نتنياهو لم يكن الوحيد المتسبب في إضعاف أطراف السلطة الفلسطينية ولكن الفلسطينيين أيضا أضعفوا موقفهم بسبب الانقسام، فإذا لم يستمع الفلسطينيون لصوت العقل و إذا لم يتحدوا فلن يكون ذلك في مصلحتهم، والحل هو إنهاء الانقسام ولا توجد أي بودار لذلك في الأفق، لأن كل طرف يتشبث بموقفه، ومصر تنادي بإنهاء الإنقسام لكن الفلسطينيين لا يسعون إلى نفس الشيء، وبعد ذلك نرى الشكاوى والعويل من الجانب الفلسطيني، فإذا لم يتفق الفلسطينيون على موقف واحد لن يحدث الاستقرار، ومصر خطها ثابت هو عدم الانحياز لطرف ضد آخر، وتنادي بتوحيد الفصائل الفلسطينية تحت قيادة واحدة وهي السلطة المعترف بها، وإذا لم يستجب الفلسطينيون لذلك فلن تحل الأزمة مهما حاولت مصر.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس