مصر تحت الضغط لإنتاج “سلام دافئ” مع إسرائيل

مصر تحت الضغط لإنتاج
مصر تحت الضغط لإنتاج "سلام دافئ" مع إسرائيل

أفريقيا برس – مصر. تزداد التسريبات التي تفيد بوجود ترتيبات بالفعل لزيارة مرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى واشنطن ولقاء الرئيس دونالد ترامب في 27 الشهر الحالي للحديث عن جوانب من العلاقات الاستراتيجية بين مصر وأميركا، واستكمال الحديث بشأن الترتيبات الجارية في قطاع غزة، وعلى رأسها قوة الاستقرار الدولية والانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في شرم الشيخ ضمن خطة ترامب للسلام.

أما بشأن احتمال عقد لقاء بين السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن خلال الزيارة، فإنّ الأنباء متضاربة، في ظل صمت رسمي مصري، علماً أن نتنياهو يلتقي ترامب في 29 من الشهر الحالي وهو ما يجعل كثراً يرجحون حصول اللقاء، سواء كان ثنائياً بين السيسي ونتنياهو، أو ثلاثياً بوجود ترامب. ووضع مصدر في القاهرة ما يُثار بشأن هذا اللقاء برعاية ترامب “في إطار جس نبض لمعرفة مدى القبول المصري بهذه الخطوة”، مرجحاً صعوبة عقد مثل هذا اللقاء في ظل الأوضاع الراهنة ورفض نتنياهو الالتزام بوقف إطلاق النار وكذلك موقفه من بعض القضايا المتعلقة بمصر، وعلى رأسها تهجير سكان قطاع غزة ومعبر رفح.

ورأى أن عقد لقاء مباشر بين السيسي ونتنياهو، أو تحسن العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، أمر يرتبط بشكل مباشر بحدوث تقدم تنفيذ اتفاق شرم الشيخ من جانب إسرائيل وتراجع تل أبيب عن نواياها بشأن غزة. وكشف عن وجود محادثات جارية في الوقت الراهن بشأن إمكانية إدخال تعديلات على اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل لمواكبة التطورات الميدانية في المنطقة الحدودية، واصفاً إياها بأنها في مرحلة المفاوضات الفنية في المرحلة الراهنة.

واشنطن تضغط لتنسيق عالٍ بين مصر وإسرائيل

وتمارس الولايات المتحدة هذه الأيام ضغوطاً مكثفة للدفع نحو مستوى عالٍ من التنسيق الأمني والسياسي والاقتصادي بين مصر وإسرائيل. وفي هذا السياق، يجري الترويج إعلامياً وتسريب أخبار عن تحركات سياسية ولقاءات وشيكة، من بينها الحديث عن لقاء السيسي ونتنياهو في واشنطن نهاية الشهر الحالي، أو زيارة هذا الأخير القاهرة لتوقيع صفقة غاز كبرى مع مصر. وتلمح أوساط مصرية إلى أن القاهرة تضع مجموعة من الشروط المحددة للمضي قدماً في أي مسار تطوير للعلاقات الاقتصادية والسياسية أو تنسيق موسع، في مقدمتها التوصل أولاً إلى اتفاق نهائي وملزم بشأن صفقة الغاز، بما يضمن المصالح الاقتصادية المصرية ويعزز دور القاهرة مركزاً إقليمياً للطاقة، دون فصل هذا الملف عن السياق الأمني والسياسي الأوسع.

وإلى جانب ذلك، تشدد القاهرة على ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من ممر صلاح الدين (فيلادلفي)، باعتباره مطلباً سيادياً وأمنياً لا يمكن تجاوزه، ويرتبط مباشرة بملف ضبط الحدود ومنع أي ترتيبات ميدانية أحادية وبالأوضاع في غزة ومستقبل الترتيبات الأمنية فيها. وهذا التصور يتطلب وفق الرؤية المصرية، اجتماعات أمنية تمهيدية لا غنى عنها قبل التفكير في أي لقاء سياسي علني أو ترتيب زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى القاهرة.

حزمة روايات إعلامية متوازية

وفي سياق “التسريبات والتقارير الضاغطة” المتزامنة مع الدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق غزة، برزت خلال الأيام الماضية حزمة روايات إعلامية متوازية؛ إذ تحدث موقع “أكسيوس” الأميركي، عن مساعٍ تجريها واشنطن لـ”ترتيب قمة” بين السيسي ونتنياهو، على قاعدة “حوافز اقتصادية” في مقدمتها اعتماد صفقة الغاز مدخلاً لإنتاج “سلام دافئ” وتعاون في الطاقة والتكنولوجيا، وربطت ذلك عملياً بضرورة أن يأتي نتنياهو بـ”مخرجات ملموسة” لإقناع القاهرة. وفي الاتجاه نفسه، نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، أخيراً، أن نتنياهو “يخطط للسفر إلى القاهرة” لتوقيع اتفاق بمليارات الدولارات لتوريد الغاز إلى مصر، مع إشارة إلى أن مسؤولين إسرائيليين يعملون على ترتيبات الزيارة بالتنسيق مع دبلوماسيين أميركيين، بينما صدر عدم علم من مكتب نتنياهو هو أقرب إلى النفي، إذ أفاد المكتب للصحيفة بأن “الأمر غير معروف لدينا”.

في المقابل، نشرت القناة 14 الإسرائيلية تقريراً يقول إن إسرائيل “قد” تتحرك لضرب تهريب السلاح “حيثما يُرصد” بما في ذلك داخل الأراضي المصرية (سيناء) إذا تأكدت تقديراتها حول تهريب أسلحة إلى غزة أو إلى داخل إسرائيل، وهو طرح يحمل في ذاته رسالة ضغط أمنية شديدة الحساسية على القاهرة.

معصوم مرزوق: المشهد الراهن يبدو ملتبساً ومختلطاً

عن هذا الموضوع، قال السفير محمد حجازي، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، إن مصر تدرك أن اليمين المتطرف في إسرائيل يسعى إلى ضخّ مثل هذه الأخبار التصعيدية بهدف خلق حالة من التوتر الإقليمي، وفتح المجال أمام ادعاءات بالدخول في مواجهات مع دول الجوار، وهي مسارات لا تخدم إسرائيل نفسها، ولا تصب في مصلحة عملية السلام. وأكد حجازي أن القاهرة قادرة على التعامل مع هذه القضايا، حتى في حال صح بعض ما يُتداول، من خلال آليات التنسيق القائمة مع الجانب الإسرائيلي، سواء على مستوى الحدود أو عبر قنوات التواصل بين الأجهزة المعنية في البلدين، بما يضمن احتواء أي إشكالات محتملة.

من ناحيته، قال السفير معصوم مرزوق، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، إن المشهد الراهن يبدو “ملتبساً ومختلطاً”، معرباً عن تشكيكه في صحة ما يُتداول من تعليقات وتسريبات صادرة عن بعض المصادر الإسرائيلية غير الرسمية، وعلى رأسها ما بثته القناة 14 الإسرائيلية. وأضاف مرزوق، أن جميع الأطراف تدرك جيداً أن السلطات المصرية تفرض سيطرة محكمة على المناطق الحدودية بوجه عام، ولا تسمح مطلقاً بعمليات تهريب السلاح، مشدداً على أن هذا النهج لا يرتبط بحماية إسرائيل بقدر ما يرتبط، في الأساس، بالحفاظ على الأمن القومي المصري.

أما سفير مصر السابق لدى إسبانيا أيمن زيدان فاستبعد ما يُتداول حول احتمال قيام إسرائيل بأي أعمال عسكرية داخل الأراضي المصرية. وأضاف زيدان، أنه رغم ما شهدته المنطقة خلال العامين الماضيين من تراجع وسقوط لكثير من “الخطوط الحمراء”، فإن هذا السياق يظل مختلفاً، مشدداً على أن اتفاق السلام المصري – الإسرائيلي لا يزال يشكّل ركناً جوهرياً في عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here