أفريقيا برس – مصر. أظهرت النشرة السنوية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن عام 2024 أن مصر تشهد تحولاً واضحاً في خريطتها الأسرية، يتمثل في انخفاض عقود الزواج مقابل ارتفاع حالات الطلاق، مع استمرار تأثير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في قرارات تأسيس الأسرة أو استمرارها. ووفقاً للبيانات الرسمية، انخفض عدد عقود الزواج إلى 936 ألفاً و739 عقداً خلال عام 2024، مقارنة بـ961 ألفاً و220 عقداً في عام 2023، بتراجع نسبته 2.5%. في المقابل، ارتفعت حالات الطلاق إلى 273 ألفاً و892 حالة خلال العام نفسه، صعوداً من 265 ألفاً و606 حالات في 2023، بنسبة زيادة بلغت 3.1%، لتغلق مصر عام 2024 عند أعلى معدل طلاق مسجَّل منذ 2021.
وتكشف مقارنة البيانات المتاحة خلال السنوات الثلاث الأخيرة صورة أشمل عن اتساع الظاهرة. ففي عام 2021، سُجّلت 880 ألفاً و41 عقد زواج مقابل 254 ألفاً و777 حالة طلاق. وفي عام 2022، ارتفع الطلاق إلى نحو 269 ألفاً و834 حالة، بزيادة قاربت 6% عن العام السابق، فيما بلغ عدد عقود الزواج قرابة 929 ألفاً و428 عقداً. أما عام 2023، فشهد ارتفاعاً في الزواج إلى أكثر من 961 ألف عقد، وانخفاضاً طفيفاً في الطلاق إلى 265 ألف حالة، قبل أن يعود المنحنى للارتفاع مجدداً في 2024.
وتبرز الفجوة بين الحضر والريف بوصفها أحد الملامح اللافتة في أرقام 2024. وسجلت المدن 158 ألفاً و201 حالة طلاق، ما يعادل 57.8% من إجمالي الحالات، بزيادة ملحوظة قدرها 5.1% عن عام 2023. في المقابل، بلغ عدد حالات الطلاق في الريف 115 ألفاً و691 حالة فقط، بزيادة هامشية لم تتجاوز 0.5%. وعلى الصعيد نفسه، تراجع الزواج في الريف إلى 541 ألفاً و524 عقداً في 2024، بعد أن كان 572 ألفاً و524 عقداً في العام السابق، فيما ارتفع الزواج في الحضر من 388 ألفاً و696 عقداً إلى 395 ألفاً و215 عقداً.
وانخفض معدل الزواج في مصر إلى 8.8 حالات لكل ألف من السكان عام 2024، مقابل 9.1 في الألف عام 2023، وهو أدنى معدل منذ سنوات طويلة. وفي حين بلغ معدل الزواج في الحضر 8.7 في الألف، سجل الريف 8.9 في الألف، مع استمرار محافظة أسوان في تصدر القائمة بنسبة 14 في الألف، مقابل أدنى مستوى في الجيزة عند 5.9 في الألف. وعلى الجانب الآخر، ارتفع معدل الطلاق إلى 2.6 في الألف، بعد أن تراجع إلى 2.5 في عام 2023 وانخفض لفترة وجيزة فقط. وتواصل محافظة بورسعيد تسجيل أعلى معدل طلاق بين محافظات مصر، فيما تأتي محافظات الصعيد الأدنى.
وتوضح بيانات الجهاز أن الزواج في مصر لا يزال يتركز في الفئات العمرية الشابة، إذ يمثل الرجال في الفئة من 25 إلى 30 عاماً نحو 41% من إجمالي عقود الزواج، بمتوسط سن للزوج يبلغ 30.6 سنة. كما تحتل السيدات بين 20 و30 عاماً النسبة الأكبر بين الزوجات. إلا أن الخريطة التعليمية تكشف أن الحاصلين على الشهادات المتوسطة، من الجانبين، هم الأكثر حضوراً في عقود الزواج والطلاق معاً.
وفي ما يتعلق بالطلاق، تظهر الأرقام أن الانفصال يحدث غالباً بعد سنوات من الزواج، وليس في بدايته. فالفئة العمرية الأكثر تسجيلاً للطلاق بين الرجال هي من 35 إلى 40 سنة بنسبة 18.2%، بينما تسجل المطلقات أعلى حضور لهن في الفئة العمرية بين 25 و30 عاماً. ويبلغ متوسط عمر المطلق 40.8 سنة، مقابل متوسط 34.6 سنة للمطلقة، ما يعني أن كثيراً من حالات الانفصال تأتي بعد 8 إلى 15 سنة من الزواج، وهي الفترة التي غالباً ما تتراكم فيها الأعباء المادية ومسؤوليات الأطفال وارتفاع تكاليف السكن والتعليم.
ورغم أن تقرير 2024 لم يقدّم تفاصيل حول أسباب الطلاق، فإن معطيات السنوات السابقة، وخاصة 2022 حين سجلت مصر حالة طلاق كل 117 ثانية، تشير إلى أن الضغوط الاقتصادية تتصدر مسببات الانفصال، إلى جانب النزاعات الأسرية والعنف الأسري وتعثر الإنفاق، وهي ملفات لا تزال تفتقر إلى شفافية رسمية في البيانات المنشورة.
وبينما تتزايد حملات الخطاب الرسمي حول “توعية المقبلين على الزواج”، تشير اتجاهات الأرقام إلى أن غياب سياسات اجتماعية واقتصادية داعمة للأسرة، مثل توفير سكن مناسب وخدمات تعليمية وصحية ميسرة وضبط أسعار السلع، يظل عاملاً حاسماً في استمرار ارتفاع الطلاق وتراجع الزواج.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس





