أفريقيا برس – مصر. قفز عدد الدوائر المبطلة نتائجها في الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري، والتي أجريت في 10 و11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى 46 دائرة من أصل 70، وبنسبة تزيد على 65%، بعد إصدار المحكمة الإدارية العليا أحكاماً موسعة ببطلان نتائج 27 دائرة فردية إضافية في محافظات المرحلة الأولى، وإعادة الانتخابات المصرية فيها، بالإضافة إلى 19 دائرة كانت الهيئة الوطنية للانتخابات قد ألغت نتائجها في وقت سابق من شهر نوفمبر الماضي، بسبب ما شاب العملية الانتخابية من “عيوب جوهرية” أثّرت في سلامة الاقتراع والفرز.
259 طعناً
ولم تنج من بطلان نتائج المرحلة الأولى، سوى محافظات بني سويف والبحر الأحمر ومطروح، بينما طاول البطلان نتائج أربع محافظات بالكامل في صعيد مصر، هي أسيوط وسوهاج وقنا والأقصر، بالإضافة إلى جميع دوائر محافظة المنيا عدا واحدة، وعدد كبير من دوائر محافظات الجيزة والفيوم والوادي الجديد وأسوان والإسكندرية والبحيرة.
وطاولت عملية الإلغاء أغلب الدوائر التي طعن مرشحون خاسرون في نزاهتها بسبب التلاعب في نتائج الحصر العددي داخل اللجان العامة، ومنع مندوبيهم من حضور أعمال الفرز في اللجان الفرعية، في ظلّ موجة طعون وُصفت بأنها “الأضخم” منذ أعوام، إذ استقبلت المحكمة الإدارية العليا 259 طعناً خلال أيام قليلة من إعلان نتائج المرحلة الأولى، بخلاف الطعون المرتقبة بشأن نتائج المرحلة الثانية، والتي أجريت في 24 و25 نوفمبر.
وأظهرت النتائج الأولية لانتخابات المرحلة الثانية، التي من المقرر إعلانها رسمياً من الهيئة الوطنية، غداً الثلاثاء، عن نسب مشاركة ضعيفة لم تتعد 5% في كثير من اللجان الفرعية، رغم محاولات المرشحين المستميتة حشد الناخبين بكل السبل، واستمرار ظاهرة شراء الأصوات في الانتخابات المصرية التي جرت في 13 محافظة هي القاهرة، والقليوبية، والدقهلية، والمنوفية، والغربية، وكفر الشيخ، والشرقية، ودمياط، وبورسعيد، والإسماعيلية، والسويس، وشمال سيناء، وجنوب سيناء.
مطالبات واسعة بإعادة الانتخابات المصرية
وتواصلت دعوات إلغاء الانتخابات البرلمانية برمتها، وإعادتها وفق قانون جديد للانتخابات، لا سيما مع إبطال النتائج في أغلب دوائر النظام الفردي، من دون إلغائها على نظام القوائم المغلقة في الدوائر نفسها، إذ تجرى الانتخابات المصرية بنظام مختلط يجمع بين النظامين بنسبة 50% لكل منهما بإجمالي 568 مقعداً، بالإضافة إلى 28 نائباً يعيّنهم رئيس الجمهورية.
وقال رئيس حزب الجيل الديمقراطي ناجي الشهابي، في بيان، إن الرقم الضخم وغير المسبوق من بطلان النتائج في انتخابات مجلس النواب يكشف بوضوح عن حجم القصور الذي أصابها، ويفتح الباب أمام أسئلة جوهرية حول مدى صحة النتائج وتوافقها مع أحكام الدستور والقانون، خصوصاً المتعلقة بالنسبة الدستورية اللازمة لفوز “القائمة الوطنية” التي ترشحت منفردة على نظام القوائم المغلقة، والمحددة بـ5% من إجمالي عدد المقيدين بقاعدة بيانات الناخبين بكل دائرة.
وأوضح الشهابي أنه لا يجوز قانوناً احتساب الأصوات التي حصلت عليها القائمة في الدوائر الملغاة، الأمر الذي لا يمنحها النسبة المطلوبة دستورياً للفوز. وتساءل: “كيف يمكن حساب نسبة الـ5% من الأصوات الصحيحة في 70 دائرة، بينما ألغيت الانتخابات في 46 دائرة كاملة؟ هذا الوضع خلق انعداماً دستورياً وقانونياً يجعل البرلمان المقبل، إذا جرى تمرير نتائجه، فاقداً للشرعية منذ اللحظة الأولى”.
وتضم “القائمة الوطنية” 12 حزباً موالياً لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومن أبرز أحزاب القائمة: “مستقبل وطن”، “حماة الوطن”، “الجبهة الوطنية” و”الشعب الجمهوري”، والتي فازت بجميع مقاعد نظام القوائم المغلقة، وعددها 284، بعد استبعاد الهيئة جميع القوائم المترشحة ضدها في دوائر قطاعات الصعيد والقاهرة وغرب وشرق الدلتا.
وقال عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، عمرو هاشم ربيع، إن حجم أحكام البطلان الصادرة عن المحكمة الإدارية يعكس “خللاً واضحاً في إدارة العملية الانتخابية”، مؤكداً في الوقت ذاته أن المحكمة تمارس دورها الطبيعي في حماية النزاهة وصيانة سلامة التصويت. وبيّن ربيع أن الخلل يرتبط مباشرة بأداء الهيئة الوطنية للانتخابات، التي يفترض أنها هيئة “مستقلة”، لكن استقلالها “نسبي للغاية”. وأضاف أن الفكرة الشائعة لسنوات، والقائمة على افتراض أن القضاء هو الأكثر نزاهة وأن المدنيين أقل كفاءة، ثبت الآن أنها غير واقعية.
أما الباحث في علم الاجتماع السياسي عمار علي حسن، فكتب على صفحته بموقع “فيسبوك”، إن بطلان انتخابات أغلب دوائر المرحلة الأولى لم يمسّ إجراءات التصويت لنصف عدد الأعضاء من المنتخبين على نظام القائمة المغلقة، ومن ثم إعادة الانتخابات في دوائر النظام الفردي وحدها، معناه أن البرلمان ولد سفاحاً، وضرب البطلان بعض أركانه فاهتز في عيون المصريين، الذين لن يجبرهم أحد على التعامل مع مجلس النواب على محمل الجد، أو احترام ما سيصدر عنه لاحقاً من قوانين أو قرارات. وطالب الهيئة الوطنية بإعادة الانتخابات المصرية برمتها مع تمكين الشعب من إنفاذ إرادته بقانون يتيح قوائم نسبية، وامتناع الإدارة (أجهزة الدولة) عن التدخل بأي شكل من الأشكال في العملية الانتخابية، والضرب بيد من حديد على أصحاب المال السياسي.
كما دعا عضو لجنة العفو الرئاسي، المحامي الحقوقي طارق العوضي، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، السيسي، إلى تشكيل هيئة وطنية مستقلة بـ”صلاحيات كاملة”، لكشف كل ما جرى في الانتخابات البرلمانية، وتحديد المسؤوليات بوضوح، ومساءلة كل من تورط أو شارك أو قصّر، أياً كان موقعه أو اسمه أو صفته، في تزييف إرادة الناخبين.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس





