تحركات مصرية في المغرب.. ما التفاصيل والانعكاسات الثنائية والإقليمية

تحركات مصرية في المغرب.. ما التفاصيل والانعكاسات الثنائية والإقليمية
تحركات مصرية في المغرب.. ما التفاصيل والانعكاسات الثنائية والإقليمية

محمد حميدة

أفريقيا برس – مصر. قال خبراء اقتصاد إن الاستثمارات المصرية المرتقبة في المغرب والتي تركز بالأساس على مشروعات البنى التحتية تعزز التعاون بين البلدين بدرجة كبيرة.

وفق الخبراء، فإن حجم التبادل بين البلدين الذي تجاوز مليار دولار لعام 2024، يمكن أن يتطور بشكل سريع مع ترقب للبدء في مشروعات كبيرة ترتبط بالأساس باستضافة المغرب لكأس العالم 2030.

ومن المرتقب أن يزور وفد من المستثمرين من القطاع الخاص والحكومي بمصر المغرب هذا الأسبوع، للتباحث حول تنفيذ مشروعات كبرى تتعلق بالبنى التحتية في عدد من المدن المغربية.

وتستهدف شركات حكومية مصرية دخول السوق المغربية تنفيذ مشروعات في قطاع البنية التحتية تشمل الطرق والكباري وتطوير شبكات السكك الحديدية، بين المدن المغربية التي ستنظم بها مباريات كأس العالم 2030.

وتتباين رؤى الخبراء بشأن التحركات الاقتصادية بين مصر والمغرب، وانعكاساتها على العلاقات بين القاهرة من جهة والجزائر وتونس من جهة، في ظل الخلافات بينهما وبين الرباط، والتي تستمر منذ فترة طويلة.

وكانت القاهرة استضافت قبل أيام اجتماعات اللجنة المشتركة مع الجزائر، ووقعت عدد من مذكرات التفاهم التي تهدف لتعزيز وتطوير التعاون بين البلدين.

تعزيز التعاون بين البلدين

من ناحيته، قال أحمد نور الدين، عضو مجلس الشؤون الخارجية بالمغرب، إن المغرب يرحب دائما بتعزيز التعاون مع مصر، والتعاون بين البلدين يعرف نموا متزايدا سنة بعد أخرى.

وأضاف أن التعاون في مجال البنيات التحتية ليس وليد اليوم، وأن بروتوكولات تعاون واتفاقيات تجمع بين وزارتي الإسكان في البلدين، وهناك تبادل زيارات بين أكبر مقاولتين في البلدين وهما “المقاولون العرب” المصرية و”العمران القابضة” المغربية،.

كما أن هناك تواجد للشركات المغربية والمصرية في البلدين منذ عقود تنفذ مشروعات كبيرة، منها مثلا “يينا- الشعبي القابضة” المغربية التي نفذت مشاريع في مصر، وشركة “المقاولون العرب” التي شاركت سنة 2017 في تنفيذ مقاطع من البنية التحتية للسكة الحديد بين طنجة والرباط.

وتابع: “شهدت هذه السنة اتصالات مكثفة ولقاءات بين المسؤولين الحكوميين في البلدين من أجل إزالة كل العوائق الفنية لتشجيع الاستثمارات والمقاولات للتعاون بين البلدين، منها زيارة وفد مغربي لمصر في مايو 2025، وزيارة وزير الاستثمار والتجارة المصري للمغرب في فبراير / شباط 2025، واستقبال وزير الإسكان المصري للسفير المغربي في القاهرة، والمكالمات الهاتفية بين وزيري خارجية البلدين.

ولفت إلى أن الدينامية التي تعرفها مشاريع البنيات التحتية بالمغرب تفتح المجال للشركات المصرية وخاصة في مجال الطرق السيارة والسكة الحديد، ارتباطا بالمشاريع الكبرى الجاري تنفيذها استعدادا لمونديال 2030، وهي مشاريع يتجاوز غلافها المالي 15 مليار دولار، وسنكون سعداء بفوز شركات مصرية بجزء من هذه المشاريع.

ويرى أن حصول الشركات المصرية على صفقات ومناقصات بالمغرب ونفس الشيء بالنسبة للشركات المغربية بالنسبة للمشاريع الكبرى في مصر التي يجري تنفيذها في العاصمة الإدارية الجديدة وفي باقي المحافظات، يمثل أهمية كبرى لتعزيز العلاقات بين البلدين، والتعاون بين المقاولات والمستثمرين في مصر والمغرب، ما يعزز الأمن القومي ويعطي للشركات في البلدين وزنا أكبر في الأسواق الدولية، ويفتح الطريق للدخول في مشاريع مشتركة في المستقبل.

وأشار إلى أن المبادلات التجارية بين المغرب ومصر تجاوزت سقف مليار دولار سنة2024، فيما يرتقب أن يسجل العام 2025، نموا ملحوظا في هذا الإطار، خاصة أن العام 2024 سجل نموا بنحو 27% مقارنة مع السنة التي قبلها من حيث حجم التبادل.

وفق نور الدين تشمل الاستثمارات قطاعات متنوعة من السياحة والإسكان والبنيات التحتية، إلى الطاقة والبنوك والاتصالات والمولات (مراكز تجارية)، والنقل والسيارات والصناعة العسكرية وغيرها.

ويرى أن الاستثمارات المصرية تستهدف كل المدن المغربية، للبنيات التحتية من طرق سيارة وسكك حديد وموانئ وطاقات متجددة ومشاريع سياحية دولية، في حين أن الوفد المصري يركز على البنيات التحتية في المدن التي ستحتضن مونديال 2030، خاصة أن حجم الاستثمارات فيها يعد بمليارات الدولارات.

تأثيرات إقليمية

وحول تأثير التعاون بين مصر والمغرب على علاقات القاهرة بالعواصم العربية الأخرى في شمال أفريقيا، يرى نور الدين، أن تعزيز التعاون بين القاهرة ومصر قرار سيادي لا يحق لأي دولة أن تتدخل فيه، خاصة وأن العلاقات بين البلدين عريقة وذات صبغة استراتيجية، ولا أدل على ذلك الزيارة غير المعلن عنها للعاهل المغربي ورئيس الإمارات العربية المتحدة إلى مصر قبل أسبوعين تقريبا، وهي تحمل رسائل تنسيق وتكامل في الأدوار بين البلدان الثلاثة على المستوى العربي والإفريقي والدولي.

وأشار إلى أن التنسيق على أعلى مستوى يعود إلى 1988، وهو تاريخ احداث اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، وهي اللجنة الوحيدة التي يرأسها قائدا البلدين مباشرة، بينما اللجان المشتركة مع دول أخرى يرأسها في الغالب وزير الخارجية.

انعكاسات غير مباشرة

فيما يقول الخبير الاقتصادي المصري هاني أبو الفتوح، إن تأثير التحركات المصرية في المغرب قد تنعكس بشكل غير مباشر على العلاقات مع الجزائر وتونس، بالنظر إلى التوترات السياسية بين المغرب والجزائر من جهة، والمغرب وتونس من جهة أخرى.

ويرى أن أي تقارب مصري مع المغرب قد يُفهم في بعض الأوساط كخطوة تثير حساسيات سياسية، ومع ذلك، فإن هذا التأثير السايسي المحتمل يبقى محدودًا ويعتمد على كيفية إدارة العلاقات المصرية مع هذه الدول ومعالجة القضايا السياسية الحساسة بحذر.

وأضاف أن خطة الشركات المصرية لتنفيذ مشروعات في البنية التحتية تعد بالمغرب خطوة إيجابية نحو تعزيز التواجد الإقليمي، لكن التوقعات المتعلقة بحجم هذه المشروعات تتطلب تدقيقا، خاصة أن التحرك المصري يستفيد من طفرة الإنفاق المغربي المرتبطة باستضافة كأس العالم 2030، حيث تشير الدراسات الرسمية إلى أن حصة المغرب من استثمارات البنية التحتية للمونديال تبلغ 5 إلى 6 مليارات دولار، ضمن برنامج إنفاق وطني شامل يبلغ حوالي 15 مليار دولار.

ولفت إلى أن العوامل الدافعة للتوسع المصري تتمثل في الخبرات التراكمية لشركات المقاولات التابعة لوزارة النقل، وسعيها لتنويع مصادر العملة الصعبة.

توسع خارجي

وتابع: “هذا التوسع الخارجي يتزامن مع تحسن في بعض المؤشرات الاقتصادية المصرية، مدفوعا بشكل كبير بالتدفقات النقدية الضخمة من صفقة “رأس الحكمة” الموقعة في فبراير 2024، وقد انعكس هذا التدفق على استقرار سعر الصرف وتراجع الضغوط التضخمية”.

وأشار إلى ضرورة التمييز بين التحسن الناتج عن إصلاحات هيكلية والتحسن القائم على تدفقات نقدية مؤقتة، فبينما تعدّ صفقة “رأس الحكمة” ضرورية للسيطرة على الأزمة النقدية، إلا أن استدامة التحسن الاقتصادي تتوقف على استكمال الإصلاحات الهيكلية التي تضمن بيئة استثمارية تنافسية خارج القطاعات الحكومية.

ويرى أن “الهدف المصري يجب أن يتركز على بناء تحالفات استراتيجية قوية مع الشركات المغربية، لضمان مشاركة مستدامة في السوق المغربية، خاصة أن السعي وراء عقود ذات قيمة محددة أقل أهمية من تأسيس شراكات طويلة الأمد في سوق يشهد نشاطًا كبيرًا في البنية التحتية”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here