أفريقيا برس – مصر. ترى دوائر صنع القرار في القاهرة أن لقاء رفيع المستوى بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “غير مناسب” في هذا التوقيت، ليس فقط بسبب الوضع الإنساني والأمني في غزة واستمرار الاحتلال في فرض وقائع جديدة على الأرض، بل أيضاً بسبب السلوك الإسرائيلي على الحدود مع مصر، وسيطرة جيش الدولة العبرية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح ومحور صلاح الدين (فيلادلفي)، الأمر الذي تعتبره القاهرة تجاوزاً لاتفاقيات قائمة وتقويضاً لدورها في إدارة التهدئة وملف المعابر، بحسب ما يقوله مصدر مصري مطلع. وتسريب هذه الأجواء يأتي بعدما ذكر موقع أكسيوس الأميركي أول من أمس أن البيت الأبيض مستعد للتوسط في قمة بين نتنياهو والسيسي.
ويؤكد المصدر المصري أن الحكومة المصرية باتت أكثر حساسية تجاه أي خطوة سياسية قد تُفهم بأنها منح شرعية مجانية لنتنياهو، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الدولية لأدائه، ويرى المصريون أنه يحاول استخدام أي لقاء محتمل على أنه إنجاز دبلوماسي يعوّض إخفاقاته.
ويشير المصدر إلى وجود “شروط مصرية واضحة” حتى يمكن مناقشة فكرة لقاء كهذا، وفي مقدمتها انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفي وعودة الوضع الأمني إلى ما كان عليه قبل الحرب، بما يسمح لمصر بممارسة التزاماتها وفق الاتفاقات الدولية ويعيد الحد الأدنى من الثقة السياسية والأمنية. أما الشرط الثاني، فيتمثل في موافقة نتنياهو رسمياً على صفقة الغاز مع مصر، وهي صفقة ترى القاهرة أنها تمثل مخرجاً واقعياً يمنح الإدارة المصرية المبرر السياسي الضروري للقاء بهذا المستوى للرأي العام المحلي والإقليمي. وإلى جانب هذين الشرطين، ترى القاهرة أن أي لقاء يجب أن يرتبط بتصور واضح لخطوات تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتفعيل مسار سياسي جديد، بحيث لا يظهر اللقاء كأنه مجرد تنازل مصري مجاني، بل بوصفه جزءاً من دور الوساطة الذي تقوم به مصر منذ بدء الحرب.
وفي السياق، يقول أيمن زين الدين، السفير المصري السابق في مدريد، إن للرئيس السيسي حساباته الدقيقة في هذا الملف، إلا أنه “لا يتصور أن عقد لقاء مع نتنياهو سيكون مفيداً لمصر في الوقت الراهن”، مؤكداً أن القاهرة تدرك جيداً حجم الضغوط الأميركية التي قد تُمارس لدفعها نحو مثل هذا اللقاء، لكنها، في تقديره، لا ترى أي مكاسب استراتيجية يمكن أن تبرر خطوة بهذه الحساسية. ويضيف زين الدين أن مصلحة مصر الحقيقية تقتضي عدم منح نتنياهو أي فرصة لتقديم لقاء كهذا للرأي العام الإسرائيلي باعتباره دليلاً على صحة نهجه القائم على القوة في التعامل مع العالم العربي، أو تأكيداً لطرحه بأن “الخوف وليس التنازلات” هو الذي يدفع الدول العربية إلى توسيع علاقاتها مع إسرائيل. وبرأيه، فإن السماح لنتنياهو بتوظيف لقاء رفيع المستوى مع الرئيس المصري على أنه إنجاز سياسي سيعزز روايته ويمنحه دعماً داخلياً في لحظة سياسية شديدة التعقيد بالنسبة له.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس





