النائبة سهام مصطفى: مصر يهمها استقرار قطاع غزة

13
النائبة سهام مصطفى: مصر يهمها استقرار قطاع غزة
النائبة سهام مصطفى: مصر يهمها استقرار قطاع غزة

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. أكدت مصادر فلسطينية مطلعة أن وفد منظمة التحرير الفلسطينية وحركة “فتح”، الذي فوّضه الرئيس محمود عباس بالذهاب إلى مصر، أبلغ المصريين بشكل رسمي رفض السلطة الفلسطينية للجنة الإسناد المجتمعية، التي من شأنها إدارة شؤون قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، وكذلك رفض أي صيغة تعيد حركة حماس إلى حكم قطاع غزة.

وللمزيد من التفاصيل تتحدث إلى أفريقيا برس النائبة سهام مصطفى في الحوار الصحفي التالي.

لماذا ترى السلطة الفلسطينية أن تشكيل لجنة الإسناد المجتمعية في غزة سيؤدي إلى تكريس الانقسام الفلسطيني، وما البدائل المطروحة من جانبها؟

الأمر لا يحتاج إلى التذكير بأن الشراكة مع حماس لم تكن تجربة جيدة، حيث إن حماس في عام 2007 انقلبت على السلطة الفلسطينية بطريقة دموية، وانفردت بالقطاع. وطوال تلك السنوات، كانت تؤجج العداوة من خلال اعتقال ممثلي السلطة في غزة والتضييق عليهم، ومحاولة إخراجهم من القطاع، مما أدى إلى عداوة شديدة ترسخت عبر السنوات.

أما البدائل المطروحة، فهي – في رأيي – تشكيل لجنة تضم ممثلين عن السلطة الفلسطينية، ومصر، ودول عربية أخرى، إضافة إلى مندوبين من الأمم المتحدة، بحيث يتولون إدارة الأمور حتى يتم التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل سلطة جديدة منتخبة من سكان القطاع بعد استقرار الأوضاع.

ما مدى تأثير انزعاج مصر من قرار القيادة الفلسطينية الرافض لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعية على مستقبل دورها في القضية الفلسطينية؟

مصر تدرك جيدًا من يتحمل مسؤولية الانقسام ومن يعمل على تعميقه، وتعلم أن حماس كانت السبب الرئيسي في ذلك. حماس مصممة على أن يكون لها دور في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب. دور مصر يتمثل في التوفيق بين الأطراف، ولا أعتقد أن مصر ستكون منزعجة بشكل كبير من قرار القيادة الفلسطينية.

ما يهم مصر هو أن يظل منفذ رفح مفتوحًا وأن لا يصبح قطاع غزة مصدر تهديد للحدود المصرية. مصر ستستمر في أداء دورها، سواء حدث توافق بين حماس والسلطة أم لا، وهو أمر مستبعد. حتى إذا حدث توافق، فإن حماس غالبًا ما تدخل في اتفاقات مرحلية فقط لتنقلب عليها لاحقًا، حيث تسعى دائمًا للانفراد بالسلطة.

إضافة إلى ذلك، أعتقد أن إسرائيل لن تسمح لحماس بالسيطرة الكاملة على القطاع. في النهاية، القرار بشأن قطاع غزة ليس بيد السلطة الفلسطينية أو مصر، بل بيد إسرائيل، التي تظل المسيطرة على القطاع وهي من ستحدد ملامح اليوم التالي بعد الحرب.

كيف تبرر حركة فتح رفضها مشاركة حركة حماس في إدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب؟

حركة فتح تبرر رفضها مشاركة حركة حماس بالعودة إلى تجربة الماضي، حيث انقلبت حماس عليها في عام 2007، واستحوذت على قطاع غزة بالقوة. ترى فتح أن حماس الآن تبحث عن المشاركة في إدارة القطاع لأنها أصبحت ضعيفة، خاصة بعد الدمار الذي حل بالقطاع.

في الماضي، كانت حماس تعتمد بشكل كبير على دعم قطر، ولكن مع تحييد قطر وتراجع الدعم، وجدت حماس نفسها في موقف مضطر. إعادة إعمار القطاع تتطلب توافقًا، وهو ما دفع حماس إلى إبداء استعدادها للمشاركة. ومع ذلك، ترى حركة فتح أن حماس لو كانت في موقف قوة أو منتصرة في الحرب أو حتى مقبولة بشكل كامل من سكان القطاع، لما لجأت إلى فكرة المشاركة، بل كانت ستحاول الانفراد بالقطاع مرة أخرى.

كيف تؤثر الخلافات الحالية بشأن لجنة الإسناد المجتمعية على علاقة القيادة الفلسطينية بمصر، خاصة في ظل انزعاج القاهرة من هذا الرفض؟

الخلافات الحالية بين فتح وحماس تؤثر على علاقة القيادة الفلسطينية بمصر من حيث دورها كوسيط للتوفيق بين الأطراف. انزعاج مصر يعود إلى رغبتها في تحقيق توافق يُنهي الانقسام ويضمن الاستقرار في القطاع.

مصر ترى أن الانقسام والخلافات يعرقلان الوصول إلى حلول فعّالة، وهي ضد استحواذ أي طرف على السلطة منفردًا. ومع ذلك، فقد أثبتت الأيام أن حماس ليست طرفًا يمكن الاعتماد عليه في تحقيق تفاهم أو توافق، خاصة أنها لا تؤيد التعايش أو الالتزام بالقرارات المتفق عليها مع السلطة.

رغم ذلك، تبقى مصر طرفًا محايدًا، لا تؤيد حماس أو السلطة بشكل مطلق، بل تسعى دائمًا للتوفيق بين الأطراف لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة.

ما هي رؤية السلطة الفلسطينية لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، وكيف يمكن ضمان تنفيذها وما العقبات التي تواجهها في هذا الإطار؟

ترى السلطة الفلسطينية أنه من الضروري السيطرة على قطاع غزة وإدارته بشكل منفرد، لكن هذا الأمر يواجه عقبة أساسية تتمثل في رفض إسرائيل لذلك. فإسرائيل تدرك أن غالبية سكان غزة ما زالوا يدعمون حركة حماس، حتى مع كل ما قامت به الحركة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الثقة في السلطة الفلسطينية تراجعت بسبب الفساد الذي ظهر خلال السنوات الماضية، مما جعلها مصدرًا غير موثوق لدى الكثير من الفلسطينيين.

الحل الأمثل في هذا الإطار، وفقًا للرؤية المطروحة، يتمثل في تشكيل لجنة مشتركة تضم الأمم المتحدة، مصر، وأطراف عربية أخرى، مع إشراك السلطة الفلسطينية، لتولي إدارة القطاع بشكل مؤقت. الهدف من هذه اللجنة هو تهدئة الأوضاع والتمهيد لإجراء انتخابات تؤدي إلى إدارة منتخبة تحظى بقبول جميع الأطراف. ويأتي ذلك أيضًا في ظل التوقع بأن إسرائيل لن توافق على انفراد السلطة الفلسطينية بإدارة القطاع دون وجود ضمانات وضوابط.

لماذا ترفض السلطة الفلسطينية بشكل قاطع أي صيغة شراكة مع حركة حماس في إدارة غزة، وهل هذا الرفض يعكس قطيعة سياسية أم استراتيجية مرحلية؟

ترفض السلطة الفلسطينية أي صيغة شراكة مع حركة حماس بناءً على تجربة سابقة انتهت بانقلاب دموي من قبل حماس عليها، ما أدى إلى ترسيخ الانقسام طوال السنوات الماضية. حماس استندت خلال هذه الفترة إلى دعم أطراف خارجية لتعزيز موقفها، وهو أمر لا يمكن لأي طرف عاقل قبوله، وليس فقط السلطة الفلسطينية.

حماس، وفقًا لرؤية السلطة، لا تسعى لدولة مستقلة أو حل الدولتين، بل تعمل على تعميق الانقسام واستئثارها بقطاع غزة، وهو ما يعتبر تهديدًا مباشرًا للقضية الفلسطينية. استماتة حماس للبحث عن دور في المرحلة الحالية، بعد الأحداث التي شهدها شهر أكتوبر، تشير إلى أنها تسعى لإيجاد منفذ جديد أو “رئة تتنفس بها” بعد الأزمات التي عصفت بها.

كيف ستتعامل السلطة الفلسطينية مع التحديات الأمنية والاقتصادية والإدارية في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، في ظل رفضها للهيئات الموازية؟

ليس من المؤكد أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، بل يُعتبر هذا الاحتمال ضعيفًا للغاية. هناك تحديات أمنية واقتصادية وإدارية هائلة نتيجة الخراب الذي لحق بالقطاع. فيما يتعلق بإعادة الإعمار، يبرز السؤال حول كيفية تمويله، ومن هي الدول التي ستشارك في هذه العملية.

السلطة الفلسطينية حاليًا ليست مؤهلة لإدارة القطاع، كما أن إسرائيل لن تقبل بذلك. إسرائيل لا ترغب في عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه سابقًا، حيث إن حركة فتح ليست طرفًا مقبولًا لدى سكان غزة، الذين اختاروا حركة حماس في الانتخابات السابقة نتيجة رفضهم للسلطة الحالية. بالإضافة إلى ذلك، فإن حماس خلال الأعوام الماضية ساهمت في ترسيخ الانقسام والكراهية. ومع ذلك، يبدو أن إسرائيل لن توافق على إنفراد السلطة الفلسطينية بإدارة القطاع.

كيف يمكن لهذا الخلاف أن يؤثر على سكان غزة الذين يعانون من أوضاع إنسانية صعبة، وما هي الخطط لضمان عدم تأثرهم بالخلافات السياسية؟

معظم سكان قطاع غزة لا يرغبون في حكم حركة حماس، لكنهم يعيشون في خوف مستمر منها، حيث تصفي كل من يعترض عليها. الحركة تتهم بسرقة المساعدات وبيعها للفلسطينيين، كما أنها تقتل من يعترض على ممارساتها. حماس حكمت القطاع بالحديد والنار، ولا تزال تمارس أساليب البلطجة.

بالنسبة للسكان، الخلافات السياسية أصبحت بمثابة رفاهية لا يهتمون بها، إذ ينصب تركيزهم على توفير احتياجاتهم الأساسية. ومع ذلك، بعد انتهاء الحرب، من غير المرجح أن يقبل معظم السكان استمرار حكم حماس للقطاع، خاصة في ظل الوضع الإنساني الصعب الذي يواجهونه.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here