ترامب وأوراق معاقبة مصر اقتصادياً…ماذا عن أسلحة القاهرة؟

13
ترامب وأوراق معاقبة مصر اقتصادياً...ماذا عن أسلحة القاهرة؟
ترامب وأوراق معاقبة مصر اقتصادياً...ماذا عن أسلحة القاهرة؟

مصطفى عبد السلام

أفريقيا برس – مصر. يمتلك الرئيس الأميركي دونالد ترامب العديد من أدوات وأوراق الضغط الكثير إذا أراد معاقبة مصر اقتصادياً ومالياً في حال إصرار السلطات المسؤولة بها على رفض تهجير الفلسطينيين إلى أراضي الدولة المصرية، وبالتالي التأثير سلباً على الاقتصاد المصري، وقدرة الدولة على سداد التزاماتها الخارجية، وإرباك المشهد المالي بشكل عام، وممارسة ضغوط إضافية على الجنيه المصري.

من أبرز تلك الأدوات وقف أو تقليص المساعدات الأميركية لمصر، إذ تمنح واشنطن القاهرة 2.1 مليار دولار سنوياً، منها مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليارات دولار، و815 مليون دولار معونات اقتصادية، أو على الأقل عرقلة تدفق تلك المساعدات عبر ربطها باشتراطات سياسية، منها تحقيق تقدم في ملفات حقوق الإنسان والحريات العامة والديمقراطية والإفراج عن معتقلي الرأي وغيرها.

ومن أدوات الضغط أيضاً احتمال وضع إدارة ترامب عوائق أمام حصول الحكومة المصرية على قروض جديدة من المؤسسات المالية وأسواق المال الدولية، وعرقلة الحصول على شرائح من القروض القائمة والتي تمت الموافقة عليها بالفعل في وقت سابق، منها مثلاً صرف باقي شرائح قرض صندوق النقد الدولي والبالغة قيمتها الإجمالية ثمانية مليارات دولار تم صرف ثلاث شرائح منها بقيمة تقل عن ملياري دولار.

ومن المعروف هنا كيف أن الولايات المتحدة تتحكم في دوائر صنع القرار داخل أهم مؤسستين دوليتين، هما صندوق النقد والبنك الدوليان، وكذلك التحكم في المؤسسات الشقيقة أو التابعة لها مثل مؤسستي التمويل الدولية والتنمية الدولية ووكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف ومجموعة العمل المالي الدولية (الفاتف)، المسؤولة عن مكافحة الجرائم المالية وغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

كما لواشنطن تأثير قوي على صناعة القرار داخل المؤسسات الإقليمية التي تحصل منها مصر على قروض ضخمة، مثل البنك الآسيوي للتنمية، والبنك الأفريقي للتنمية، والبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، والبنك الإسلامي للتنمية وغيرها، وكذا على مؤسسات التقييم الدولية مثل موديز وفيتش وستاندرد أند بورز، وصناديق الاستثمار الكبرى.

ولا ننسى أن ترامب لعب دوراً مهماً في مساعدة مصر في الحصول على قروض ضخمة من تلك المؤسسات وغيرها خلال فترة رئاسته الأولى. كما تجدر الإشارة أيضاً إلى أن صندوق النقد يتلكأ منذ شهور في الإفراج عن الشريحة الرابعة من القرض والبالغة قيمتها 1.2 مليار دولار، وتأجيل صرف تمويل إضافي بقيمة 1.3 مليار دولار ضمن برنامج الصلابة والاستدامة.

ومن أوراق ترامب التي يمكن استخدامها ضد القاهرة فرض رسوم جمركية على الصادرات المصرية للولايات المتحدة وادخالها آتون الحرب التجارية العالمية أسوة بما يحدث مع الصين وكندا والمكسيك، صحيح أن تلك الرسوم لن تمثل ضربة موجعة للصادرات المصرية قياساً إلى أن قيمة تلك الصادرات بلغت 1.9 مليار دولار فقط في عام 2023، وبما يمثل 4.6% من صادرات مصر للعالم، قياساً إلى 2.3 مليار دولار في العام 2022، لكن الخزانة المصرية بحاجة إلى كل دولار في ظل ضخامة الأعباء الخارجية من أقساط ديون وكلفة واردات وغيرها.

ومن الأوراق الأميركية أيضاً احتمال ممارسة ضغوط أميركية على قناة السويس، أهم ممر مائي في العالم، لخفض رسومها أسوة بما يجري حاليا مع قناة بنما، والتي يهدد ترامب باستعادتها والسيطرة عليها في حال عدم خفض الرسوم المقررة على السفن الأميركية المارة فيها.

كما يمكن لترامب ممارسة ضغوط على بعض دول الخليج الدائنة لمصر وحثها على عدم مد آجال سداد الودائع الدولارية لدى البنك المركزي المصري ومطالبة القاهرة بسدادها في الموعد المحدد، وعدم تحويلها إلى استثمارات مباشرة كما جرى في فترات سابقة.

هذا عن الأدوات التي يمتلكها ترامب لمعاقبة مصر اقتصادياً ومالياً في حال رفض قبول مبدأ تهجير الفلسطينيين لأراضيها، فماذا عن أوراق الضغط والأسلحة المضادة التي تمتلكها الدولة المصرية لمواجهة صلف وتهور الرئيس الأميركي وإصراره على تفريغ قطاع غزة من سكانه الأصليين والسيطرة على القطاع لصالح دولة الاحتلال؟

في تقديري أنّ الدولة المصرية تمتلك مجموعة أدوات ضغط، منها مثلاً إشهار سلاح المقاطعة في وجه المنتجات والسلع الأميركية والإسرائيلية، وإعادة النظر في اتفاقيات مثل اتفاقية “الكويز” التي صُممت عام 1996 من قبل الكونغرس الأميركي، مستهدفة بناء علاقات اقتصادية جيدة بين إسرائيل وجيرانها مثل مصر والأردن.

كما يمكن لمصر الاستغناء عن المعونة الأميركية بخاصة أنّ الجزء الأكبر منها يعود لخزانة الولايات المتحدة في صورة شراء أسلحة وسلع أميركية الصنع، ولا تمثل قيمة مضافة قوية للاقتصاد المصري حيث أن قيمة المعونة لا يتجاوز 2% من إجمالي الدخل القومي المصري.

لكن يظل تأثير تلك الأدوات التي بحوزة مصر محدودة وضعيفة مقارنة بقوة وتأثير الضغوطات الأميركية، والرهان عليها يظل ضعيفاً لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى.

ومن هنا يجب على السلطات المسؤولة في مصر البحث عن أدوات ورهانات وأسلحة أخرى لمواجهة مشروع ترامب الصهيوني، منها إعادة ملف القضية الفلسطينية للواجهة، وإعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد وتجميد معاهدة السلام، وسحب السفير المصري من واشنطن وتل أبيب، ووقف كلّ أشكال التطبيع مع دولة الاحتلال، مع التنسيق مع دول وازنة في المنطقة وغيرها في هذا الشأن مثل السعودية وتركيا وإيران وباكستان.

كما أنّ الأمر يحتاج وبشكل عاجل إلى العمل بقوة على تماسك الجبهة الداخلية في مصر ورأب الصدع الحاصل منذ سنوات، وإحداث تغيير جذري في المشهد السياسي، والإفراج عن معتقلي الرأي، والاستقواء بالشعب المصري في مواجهة الضغوطات الخارجية، وإطلاق الحريات العامة مثل الصحافة، ورفع القيود عن النقابات المهنية، وهذه ملفات سياسية بامتياز. فهل تقدم السلطات في مصر على تلك الخطوات قبل فوات الأوان، وتقطع الطريق على ترامب في ممارسة ضغوط شديدة على الدولة المصرية بشأن ملف تهجير الفلسطينيين؟

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here