حراك سياسي ونقابي تغذيه الأزمة الاقتصادية

6
حراك سياسي ونقابي تغذيه الأزمة الاقتصادية
حراك سياسي ونقابي تغذيه الأزمة الاقتصادية

أفريقيا برس – مصر. مع ورود أنباء عن قرب اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات اقتصادية جديدة، تشمل تخفيضاً جديداً في قيمة العملة المحلية (الدولار الواحد = 24.65 جنيهاً مصرياً بسعر صرف أمس الإثنين في المصارف)، في سبيل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، عقدت “الحركة المدنية الديمقراطية” مؤتمراً سياسياً في مقر حزب المحافظين، السبت الماضي، أعلنت خلاله عن “مشروعها للإصلاح السياسي والتشريعي في مصر”.

مؤتمر الحركة المدنية في مصر

وتطرقت الحركة، خلال المؤتمر، إلى توجهاتها الأساسية في “الحوار الوطني”، على الرغم من أن “مجلس أمناء الحوار الوطني” توقف عن أي نشاط للإعداد للحوار الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل شهور، وفي ظلّ غياب أي أجندة واضحة للحوار من قبل الحكومة.

وأكد المتحدثون الممثلون عن الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في الحركة، أنهم سيحسمون أمرهم بشأن الحوار خلال شهر، على ضوء مدى التزام السلطة بالمطالب المقدمة لها، وعلى رأسها إطلاق سراح كافة السجناء السياسيين. كما صوّب هؤلاء على الخطاب الرسمي الذي يحمّل ثورة يناير مسؤولية تدهور الأوضاع، معتبرين أن الإساءة للثورة بمثابة إهانة للشعب المصري.

ودعت الحركة المدنية إلى إجراء إعادة مراجعة للسياسات النقدية للدولة، وتقييم فاعلية السياسات التشددية في الحد من التضخم وغلاء الأسعار، وعدم محاولة الخلط بين هدف رفع الفائدة لكبح التضخم، وهدف رفعها لتوفير الاحتياجات المالية لتغطية عجز الموازنة، لمحاولة السيطرة على تصاعد أعباء خدمة الدين العام الحكومي.

وأوصت الحركة بتشريع قانون للانضباط المالي “يسعى إلى وضع حد للاستدانة الخارجية والمحلية، ومراجعة المشروعات الممولة بقروض خارجية ومدى جدوى الاستمرار بها على ضوء ذلك، وإتاحة الرقابة والمساءلة المؤسسية في هذا الشأن”.

كما أشارت الحركة إلى “أهمية تفعيل قوانين حماية المنافسة ومنع الاحتكار في محاولة للسيطرة على الارتفاع غير المبرر في أسعار السلع الاستراتيجية”.

وقال المرشح السابق لرئاسة الجمهورية حمدين صباحي، خلال المؤتمر، إن “الحركة المدنية لا تريد انفجاراً ولا انقلاباً، لكنها تريد تغييراً سلمياً للوضع الراهن”.

بدوره، أوضح رئيس حزب “التحالف الشعبي” مدحت الزاهد أن الحركة المدنية لم تشارك في المؤتمر الاقتصادي الأخير (أكتوبر/ تشرين الأول 2022)، “لأنه لم يكن على جدول أعماله وشخصياته وترتيباته وأهدافه ما يتعلق بالحوار الوطني”، واعتبر أنه “من أجل ذلك، رفضت الحركة أن تكون غطاء لهذه التوجهات والإجراءات الاقتصادية الخطيرة التي تمسّ أوضاع السيادة الوطنية”.

وفي السياق، قالت مصادر مقربة من قيادة الحركة المدنية إن “اجتماعات قيادات الحركة مع الجهة المسؤولة عن الحوار الوطني، شهدت أخيراً مناقشات حول الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، وكيفية الخروج منها”.

وبحسب هذه المصادر، فإنه “لا يزال هناك جناح داخل النظام يعول على إمكانية أن تشكل الحركة المدنية الديمقراطية أداة للتخفيف من اندفاع النظام ناحية إجراءات اقتصادية معينة قد تؤدي إلى نتائج سياسية خطيرة، ومنها التوسع في بيع أصول الدولة، وتحرير سعر الصرف بشكل كامل”.

وتجد الحكومة المصرية نفسها مضطرة إلى تعويم جديد سيعصف بقيمة الجنيه المصري، لتتبعه موجة من الزيادات في أسعار السلع، بحسب ما يؤكد مراقبون. وهي الموجة التي ستأتي في ظل حالة غضب في الشارع جراء الوضع الاقتصادي المتدهور ونقص السيولة الدولارية.

اعتراضات سياسية ونقابية

ويترافق ذلك مع قلق لدى الدوائر الرسمية، في ظل عودة ملامح الممارسات السياسية والنقابية إلى الشارع المصري، والتي جاءت في صورة اعتراضات على قرارات حكومية، وإن بدت فئوية بعض الشيء.

وتظاهر قبل أيام المئات من المحامين المصريين أمام المقر الرئيسي لنقابتهم في قلب القاهرة اعتراضاً على تطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية عليهم، وإصرارهم على رفض القرار رغم تأكيدات حكومية بتوقيع غرامات كبيرة على المتخلفين عن الالتحاق بالمنظومة قبل منتصف ديسمبر/ كانون الأول الحالي.

وانضمت لاحقاً فئات أخرى إلى المحامين في اعتراضهم، في مقدمتهم الأطباء والصيادلة والمهندسون، الذين تمسكوا أيضاً برفض القرار، حيث أعلنت النقابات الممثلة لهم استعدادها للتعبير عن غضبهم كما فعل المحامون.

كما نظمت شخصيات عامة وفنانون وأساتذة، تقدمهم الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ووزير الخارجية المصري السابق نبيل فهمي، ونائب رئيس الوزراء السابق زياد بهاء الدين، ووزير السياحة السابق منير فخري عبد النور، وقفة احتجاجية، اعتراضاً منهم على قرار خاص بإزالة أشجار حديقة سرايا الزمالك في حي الزمالك محل إقامتهم، من أجل إقامة موقف للسيارات.

ورغم رمزية الأفعال الاحتجاجية وعودة الممارسات السياسية للنقابات التي كانت قوة الدفع الحقيقية لثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، إلا أنها تمثل قلقاً للحكومة المصرية بسبب تنوع الفئات المشاركة فيها، وعدم قدرة الأجهزة الأمنية على منعها بسبب طبيعة الشخصيات المشاركة وتمثيلها لفئات مجتمعية حقيقية.

ورأى أحد الخبراء السياسيين في الحركة المدنية الديمقراطية، أن “هناك موجة سياسية قادمة نتيجة الضغوط الاقتصادية على كافة فئات المجتمع المصري، أمام عجز تام من جانب السلطة على اتباع سياسات من شأنها تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية على المواطنين”، ويعني ذلك برأيه “انضمام فئات مجتمعية متعددة إلى حالة الغضب العام والتي ستنتقل بأشكال متعددة إلى الشارع”.

وأضاف المتحدث أن “إصرار السلطة الحاكمة على التعامل مع الحياة السياسية والغضب الشعبي عبر الأجهزة الأمنية، ستكون له عواقب وخيمة إذا لم يتم تداركه”.

في موازاة ذلك، قال مصدر اقتصادي مصري، إن صندوق النقد الدولي “رهن توقيع اتفاق القرض الجديد مع مصر بخفض جديد بقيمة العملة المحلية، وهي الخطوة التي يخشاها صانع القرار المصري بسبب تداعياتها السلبية الوخيمة المتوقعة على المواطن المصري”.

وبحسب المصدر، فإن الصندوق “اشترط اتخاذ خطوة الخفض الجديدة لقيمة العملة المحلية قبل تقديم الدفعة الأولى من القرض للحكومة المصرية”، مؤكداً أنه “في حال عدم إعلان مصر القرار قبل منتصف ديسمبر الحالي، فإنه سيتم تأجيل توقيع الصندوق على القرض للعام الجديد، وهو الأمر الذي تسعى الحكومة إلى تجنبه بشتى السبل”.

وأول من أمس الأحد، قال وزير المالية المصري محمد معيط، إن مصر تأمل في الحصول على الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي بنحو 750 مليون دولار، خلال شهر ديسمبر الحالي، أي ما يمثل 25 في المائة من إجمالي قيمة برنامج الدعم المالي الذي وافق عليه خبراء الصندوق أخيراً بمبلغ 3 مليارات دولار.

وكانت مصر قد توصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد على مستوى الخبراء في أكتوبر الماضي، يُتيح حصول البلاد على تسهيل ائتماني ممتد بقيمة 3 مليارات دولار، على أن يُعرض الاتفاق على مجلس إدارة الصندوق خلال شهر ديسمبر 2022 لاعتماده.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here